علمت «الجمهورية» من مصادر ديبلوماسية أنّ تواصلاً جرى بين الدولة الفرنسية وغصن، وانّ التعاطي الفرنسي في القضية سيتمّ من دولة لدولة، وانّ لبنان سيتواصل بدوره مع الدولة اليابانية لمتابعة المحاكمة.
وتنفي المصادر ما يُشاع عن احتمال انتقال رئيس نيسان السابق الى باريس لتجنيب لبنان تداعيات لجوئه اليه، وتقول إنّ غصن قرّر البقاء في لبنان.
أمّا في حال طرأ أي جديد وقرّر غصن اللجوء الى فرنسا، فإنّ باريس استبقت الخطوة بإعلانها أنها لن تسلّمه الى اليابان، ما اعتبرته مصادر قضائية واسعة الإطلاع «سنداً للدولة اللبنانية» و«دعماً إضافياً».
وتشير المصادر إلى أنّ القانون اللبناني واضح في ما يتعلق بتسليم غصن الى اليابان، وبالتالي لا يمكن للبنان خرق القانون الداعي لعدم تسليمه. من هنا، تردّدت معلومات أنّ لبنان سيتقدّم بعرض يُخوِّله محاكمة غصن على أراضيه بوجود محقّقين من اليابان حاضرين في المحكمة.
ولفتت مصادر غصن لـ«الجمهورية» إلى أنّ العملية التي قام بها هي من تخطيطه وتنفيذه، ولم يتلقَّ أي مساندة لا من السفارة الفرنسية ولا اللبنانية، لأنه لم يَشأ توريط أحد في قضية هروبه، نظراً للمخاطر التي يمكن أن تتأتّى منها.
وأكّدت أنّ أقرب القريبين منه تفاجأوا بوصوله الى بيروت، ولم يكن أحد على علم باحتمال فراره أو لجوئه الى لبنان، فالكلّ أصيب بالصدمة والذهول، لاسيما أولئك الذين اتصل بهم فور وصوله، قائلاً: «أنا كارلوس أحدّثكم من بيروت».
وتكشف المصادر أنّ غصن لم يلتقِ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بل انّ محاميه الذي يحمل الاسم نفسه «كارلوس» هو الذي التقى عون الذي تفاجأ بدوره بالخبر.
ماذا يَعد لبنان؟
وفق معلومات «الجمهورية»، بدأ غصن منذ مدّة الاستثمار في لبنان، وهو وعد المعنيين بأنه «جاهز لتقديم المساعدة الى أبعد الحدود الى وطنه رغم أنه لا يطمح الى ولوج نادي السياسة اللبناني ولا غاية له في أيّ منصب» بعكس ما أشيع.
وكشفت المصادر نفسها انّ «غصن يدير مجموعة شركات خاصة عالمية بلغت موازنتها السنوية 190 مليار دولار فيما انّ الناتج المحلي للبنان يبلغ 56 ملياراً، اي انّ الموازنة التي يديرها غصن تضاهي 3 مرّات الناتج المحلي اللبناني، وهو يملك خبرة بإدارة الامور الصعبة والمستعصية».
وبحسب تعبير المصادر، فإنّ «الملف القانوني الياباني فارغ، لأنّه منذ توقيف غصن في 19 تشرين الثاني 2018 وُجّهت اليه 4 اتهامات وتم الادعاء عليه، وصدر الادعاء الاخير في نيسان 2019. ومنذ ذلك التاريخ لم يتم تحديد جلسة لاستجوابه، حتّى أنه بُلّغ حديثاً بتأجيل جلساته الى موعد غير محدد من العام 2022، الأمر الذي جعل غصن والمعنيين يتأكدون من عدم جدية القضاء الياباني».
وفيما تكشف المصادر انّ «القضاء الياباني أرسل طلبات تعاون الى 13 بلداً للاستحصال على إثباتات تدين غصن، لأنه اعتقل وحُكم عليه في غياب هذه الاثباتات، ما جعل اليابانيين يتهرّبون من عقد او تحديد موعد لجلسات الاستجواب، لذلك هم اليوم محرجون، ويطلبون مساعدة قضائية من الدول الـ13 لتكوين إثباتات لم يتمكنوا حتى الساعة من جمعها».
المصادر المقرّبة من غصن تكشف انّ هذا الامر هو الذي دفع بالأخير الى اتخاذ قراره بالفرار إضافة الى عوامل أخرى منها، منعه من مقابلة زوجته وابنه منذ توقيفه. وحين طلب تعيين مترجم استمرت المفاوضات اكثر من شهرين لتحقيق مطلبه، لكنه أُبلغ لاحقاً بأنه يجب تقديم الطلب الى المحكمة العليا، وهي التي تبتّ في هذا الموضوع.
وتؤكد المصادر انّ هدفين أرادهما غصن هما رؤية عائلته وإثبات براءته. وقد حقق الهدف الأوّل، وهو في صدد تحقيق الثاني. وينقل المقرّبون منه قوله: «كنتُ ميتاً قبل هروبي، لكنني اليوم عدت الى الحياة والمستقبل بانتظاري».