لم يطرأ أمس اي جديد سياسي داخلياً باستثناء استمرار التحضير لجلسة الثقة بالحكومة، في ظل التساؤلات عمّا سيكون التعاطي العربي والدولي مع هذه الحكومة بعد إعلان العواصم الغربية انها ستحدد موقفها في ضوء ما ستلتزمه الحكومة من إصلاحات مطلوبة دولياً، ولاسيما منها الاصلاحات التي اشترطها مؤتمر «سيدر» لتقديم قروض ميسّرة للبنان بقيمة 11 مليار دولار.
وأكدت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ الدول العربية، ولاسيما منها يعض الدول الخليجية، تنتظر ما ستلتزمه الحكومة في بيانها الوزاري من إصلاحات ومواقف على كل المستويات، حتى تبني على الشيء مقتضاه في شأن التعاطي مستقبلاً مع لبنان. علماً أنّ بعض المؤشرات تدلّ حتى الآن الى عدم ارتياح بعض العواصم الخليجية الى التشكيلة الوزارية للحكومة وتعتبرها «حكومة اللون الواحد».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ الأوساط السياسية منقسمة في توقعاتها حيال ما سيكون عليه التعاطي العربي والدولي مع الحكومة، إذ أنّ فريقاً منها يرى أنّ هذه الحكومة ستُعطى فرصة حتى تُثبت جدارتها وقدرتها على تحمّل المسؤولية وإجراء إصلاحات مقنّعة للعرب والدول الغربية، فإذا نجحت سيتم في هذه الحال تقديم المساعدات والدعم الموعود في إطار مؤتمر «سيدر» وغيره من قروض ميسّرة ومن صناديق دولية وعربية وعالمية.
في المقابل، فإنّ فريقاً آخر يرى أنّ كثيراً من العواصم العربية والغربية لن تعطي الحكومة اي فرصة، وانها أصدرت أحكامها المسبقة عليها منذ تأليفها، وهي تنظر اليها على أنها «حكومة حزب الله وحلفائه»، وانّ هؤلاء باتوا يُمسكون بالسلطة والقرار في لبنان وبالتالي من الصعب التعاون معهم، خصوصاً انّ الخيارات السياسية متناقضة في الوقت الذي لم يظهر حتى الآن أنّ الازمات المحتدمة في المنطقة اقتربت من الحلول، بل إنّ ما يحصل هو تصعيد يومي، خصوصاً في سوريا واليمن هذه الايام.
لكنّ المصادر نفسها تشير الى انّ العواصم الغربية ليست متّفقة على نظرة واحدة الى حكومة الرئيس حسان دياب، وقالت انّ فرنسا مثلاً تتمايَز في الموقف عن الولايات المتحدة الاميركية ودول غربية أخرى، حيث انها ترى وجوب التعاطي إيجاباً مع الحكومة اللبنانية الجديدة انسجاماً مع منطق التهدئة الذي يتحرّك على «النوتة» نفسها بين لبنان والعراق. ففي لبنان تعمل حكومة دياب على إعداد بيانها الوزاري على وقع استمرار الحراك ولكن بوتائر مخفوضة الى حد كبير، وفي العراق تم تكليف محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة في ظل أجواء عراقية مشابهة للأجواء اللبنانية.
وفي غضون ذلك لاحَت في أوساط بعض المرجعيات الرسمية والسياسية ملامح عدم ارتياح الى مضمون البيان الوزاري في ضوء نص المسودة التي تناولتها وسائل الاعلام قبل يومين، وذهب بعض هذه المرجعيات الى اعتبار انّ هذا البيان ليس في المستوى المطلوب من حيث الخطوات الحكومية الفعّالة المطلوبة لمعالجة الأزمة المستفحلة مالياً واقتصادياً ومعيشياً، والتي تستنزف اللبنانيين جميعاً وبكل مستوياتهم المعيشية.
وذهب البعض الى وَصف بعض بنود البيان بأنها إنشائية وتفتقر الى تحديد الوسائل العملية لتنفيذ مضمونها قياساً على ما هو معلّق من آمال على حكومة الاختصاصيين لنقل البلاد المأزومة الى آفاق الانفراج.