إقتصاد

إتجاه نحو تجميد إستحقاق "اليوروبوند"!

تم النشر في 12 شباط 2020 | 00:00

أمّا وقد نالت الحكومة الثقة بأكثرية 63 صوتاً من أصل 84 نائباً حضروا الجلسة، وحجبها 20 ‏نائباً عنها وامتنع نائب واحد عن التصويت، فمن اليوم سيكون الهم والغم الوضع الاقتصادي ‏والمالي المتدهور بحثاً عن وسائل لمعالجته لتجنيب البلاد خطر الانهيار، الذي قال رئيس ‏الحكومة حسان دياب انه «ليس وهماً». ولهذه الغاية، تقرر أمس انعقاد اول جلسة لمجلس ‏الوزراء غداً في القصر الجمهوري بجدول اعمال يتضمن بنداً وحيداً هو «الوضع الاقتصادي ‏والمالي والنقدي»، ويتوقع ان يتصدّر البحث مصير استحقاق سندات «اليوروبوند» البالغ 1,2 ‏مليار دولار في آذار المقبل، والذي يتجاذبه موقفان أحدهما يدعو الى تسديده رغم ما يمكن ان ‏يترتّب عليه من آثار سلبية على احتياط لبنان من العملات الصعبة وودائع عامة اللبنانيين في ‏المصارف، وبين داع الى تأجيله وإعادة جدولة الدين العام في انتظار المعالجة الاقتصادية ‏والمالية المعوّل عليها لاحقاً لتحقيق الانفراج المطلوب.‏

وفي انتظار ما سيقرره مجلس الوزراء في شأن هذا الاستحقاق المالي، تساءَل مرجع اقتصادي ‏ومالي كبير «هل قررت الحكومة، لأسباب بعضها معلوم ولكن غير مفهوم أو مُبرّر، وبعضها ‏غير معلوم، ولكنه موضع شبهة وتساؤل، أن تستخدم مال المودعين، ومال الفقراء لسداد هذا ‏الاستحقاق»؟.‏

وقال هذا المرجع لـ»الجمهورية» انّ «هذا السؤال مطروح اليوم، بسبب ميل الحكومة نحو ‏ترجيح كفّة دفع استحقاق سندات اليوروبوند في 9 آذار المقبل، وقيمتها نحو مليار و200 مليون ‏دولار. ويبدو انّ هذا الاتجاه يدعمه حتى الآن طرفان أساسيان في الحكومة: رئيسها حسّان دياب ‏من منطلق شخصي، إذ يعتبر انه لا يريد أن يُسجّل عليه انه بدأ ولايته الحكومية بقرار التخلّف ‏عن الدفع، وتكون هذه المرة الاولى التي يتخلّف فيها لبنان عن دفع استحقاق دين. والطرف الثاني ‏وزير المال غازي وزني، الذي يعتقد انّه من الافضل أن ندفع استحقاق آذار، ومن ثم نبدأ ‏مفاوضات على إعادة هيكلة الدين العام.‏

وقد ظهرت مؤشرات ايجابية في الفترة الأخيرة في شأن التعاون مع الجهات الدولية. وقد باشَر ‏وزير المال غازي وزني مفاوضات ذات طابع تقني مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في ‏حضور ممثلين لبنك ‏Lazard، وهو مصرف عالمي متخصّص في ملفات جدولة الديون، وساهم ‏في مفاوضات إعادة جدولة ديون اليونان. وهذا البنك يحضر المفاوضات كمستشار عن الدولة ‏اللبنانية. ‏

ولا شك في أنّ هذه المفاوضات ما كانت لتبدأ لو لم يوافق «حزب الله» عليها. وبالتالي، يمكن ‏الاستنتاج انّ الحزب أعطى موافقة مبدئية على جَس نبض صندوق النقد للاطلاع على شروطه ‏في حال قرّر لبنان طلب المساعدة المالية من الصندوق‎.‎

وفي انتظار ما ستُسفر عنه نتائج هذه المفاوضات التقنية، من الضروري ألا تُقدم الحكومة على ‏اتخاذ قرار بدفع استحقاق آذار، أو أن تعلن الامتناع عن الدفع، لأنّ الدولة والمواطنين ‏سيتضررون كثيراً في الحالتين، وبالتالي من الضروري الذهاب الى تجميد الدفع‎ ‎‎(moratorium) ‎‏ والبدء فوراً في مفاوضات إعادة هيكلة وجدولة الدين العام‎.‎

وكان رئيس الحكومة حسان دياب قد أعطى اشارة في اتجاه تجميد دفع استحقاق آذار من سندات ‏‏«اليوروبوند»، وذلك من خلال رَدّه على مداخلات النواب في جلسة مناقشة البيان الوزاري ‏للحكومة التي انتهت بنيل الحكومة الثقة بأكثرية 63 صوتاً، إذ قال: «نريد الحفاظ على المال ‏العام، والموجودات من العملات الأجنبية، وأموال المودعين، خصوصاً في مصرف لبنان ‏المركزي، من أجل خدمة أولويات الناس من المواد الغذائية والأدوية والمواد الطبية والقمح ‏والمحروقات، وقد أبلغنا الى حاكم مصرف لبنان هذه الثوابت. لم ننتظر الثقة لمعالجة هذا ‏الموضوع، وندرس كل الاحتمالات المتعلقة باستحقاقات سندات اليوروبوند على لبنان لهذه ‏السنة». ‏

وأشار إلى أنّ «خطر السقوط ليس وهماً، ونحن نريد انتشال البلد، ولا نستطيع القيام بذلك اذا ‏كان الواقفون خلفنا يتهيّبون الفرصة لدفعنا الى الهاوية‎».‎