روّت الإعلاميّة ديما صادق، للمرّة الأولى، تفاصيل معاناتها كأمٍ لطفلة من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وأكّدت أنّ هذه التجربة تركت داخلها الكثير من الألم، وأنّها لم تشعر بالارتياح، إلا عندما فقدت أي أمل في شفاء ابنتها، فوجدت نفسها مضطرّة لقبول الواقع.
ديما ظهرت في حلقة أمس الأربعاء من برنامج "أنا هيك" مع الإعلامي نيشان ديرهاروتيونيان، عبر شاشة الجديد، وتحدّثت عن ابنتها ياسمينة، التي حلّت ضيفة على الفقرة الأخيرة من البرنامج.
وعن تجربتها مع ابنتها، قالت ديما إنّها منذ ولادة ياسمينة ، كانت تشعر أنّ ثمّة أمر غير طبيعي، رغم أنّ الفحوصات أثبتت أنّ الطفلة العكس.
-أمومتي مجروحة
وعن أمومتها لطفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة قالت "أمومتي كانت مجروحة، يوجد حب أكبر من حبّك لطفل لا يعاني من مشاكل لأن الإحساس بالمسؤوليّة يزداد. لأنّ حياتك تصبح عبارة عن مسؤولية تجاه هذا الإبن".
وتابعت " في مكانٍ ترى الأهل يفرحون بحركات ابنهم الأولى، هذه أمور لم أعشها مع ابنتي وتركت داخلي جرحاً. عشتها مع شقيقتها ورد، وعشتها معها في مرحلة متأخرة جداً، وقامت بها على طريقتها".
-هواجس اللحظات الأولى
عندما ولدت ياسمينة كانت كل الفحوصات تشير إلى أنّها طبيعية، لكنّ ديما كانت تشعر أن ثمة أمر غير طبيعي من الساعة الأولى لولادتها.
تقول "كانت عينها لا تفتح، كنت أسأل عن السبب فيقولون لي هذا طبيعي بسبب ضغط الولادة، إلا أنّني لم أقتنع، وأدى هذا الأمر إلى أنّني أخضعتها للكثير من الفحوصات قبل خروجنا من المستشفى".
وعن موقف زوجها حينها قالت "عندما ظهرت الفحوصات سليمة، الكل اطمأن بما فيهم زوجي إلا أنا".
وعن موقف أهلها قالت "أهلي لغاية اليوم يقولون ما في شي. أمي إيجابيّة لدرجة تقول ليه "ليه شو بها".
-متلازمة جوبير
وكشفت ديما عن إصابة ابنتها بـ"متلازمة جوبير"، وقالت
"عندما ولدت كنت أشعر أنّ ثمّة أمر غير طبيعي، وقلبي كان يقول لي إنّ ثمّة أمر غير طبيعي. وعندما غادرنا إلى البيت كان الأطباء يطمئنوني أنّ ياسمينة طبيعيّة، لكنّي لم أكن سعيدة، وكنت أشعر بقلقٍ شديد. لا أعرف لماذا كنت متوجّسة".
وتابعت "ككل أم كنت أحتفظ بكتاب يحصي خطوات الولد بحسب عمره، لم تكن ياسمينة تقوم بالخطوات. كنت آخذها إلى الأطباء يقولون إنّها طبيعية والتأخّر قد يكون طبيعياً، وكانوا يقولون لي اتركي البنت بحالها".
وعن متلازمة جوبير قالت "كل إنسان لديه مخ ومخيخ، المخيخ مسؤول عن التنسيق والتوازن، وهو شبه غير موجود عند ياسمينة، وهذا يؤثر على التوازن، لا يوجد لديها توازن تقريباً".
-قنينة حليب كشفت الحقيقة المرّة
وعن كيفية اكتشافها الخلل قالت "كنت أجري اختبارات لياسمينة، وكان كل من حولي يتّهمني بالتوجّس، كنت تقريباً لا أنام الليل، إلى أن أخضعتها في عمر الخمسة أشهر لاختبار. كنت أعرف أنّ الولد في هذا العمر إذا أراد شيئاً، يمدّ يده ليأخذه، تركتها تجوع، ووضعت قنّينة الحليب بالقرب منها، كانت تنظر إلى القنينة لكنّها لم تمدّ يدها رغم أنّها كانت جائعة. وفجأة بدلاً من أن تمد يدها، مدّت رأسها وأخذت القنينة، وهنا تيقّنت أنّ ابنتي تعاني من أمر غير طبيعي".
وتابعت "رأسها كان يقول أريد القنينة، وغريزتها أيضاً، لكنّ لم يكن ثمّة أمر في المخ يقول لها إذا مدّدت يدك بإمكانك أن تأخذي القنينة. ".
-لبنان بلد غير مؤهّل لذوي الاحتياجات الخاصة
وعن مصير ياسمينة في حال رحلت ديما يوماً ما قالت "لا أتركها لهذا البلد، لأنّه لا يملك أدنى المقوّمات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، وهذا ما يدفعنا للسعي إلى نيل جنسيّة أخرى لأجل ياسمينة".
وتابعت "لن أخبركم كم عانيت لأدخل ياسمينة إلى مدرسة. في عمر الثلاث سنوات لم تكن تمشي، في لبنان كلّه لم أجد مدرسة مخصّصة لحالتها، إلى أن تمكّنت من تسجيلها في مدرسة "لويس" وهي مدرسة تعتمد على الاندماج".
ديما رفضت الحديث عن التكلفة الباهظة لتسجيل ياسمينة في المدرسة، مكتفية بالقول إنّ القسط خرافي، وإنّ البلد لا يملك بنى تحتية للاحتياجات الخاصة.
-تصالحت مع وضع ياسمينة
وعن تصالحها مع مشكلة ابنتها قالت إنّها ممتنّة لطبيبة ابنتها التي دعمتها نفسياً رغم الحقيقة القاسية التي واجهتها بها وقالت "في عمر التسع سنوات كنت لا أزل أقرأ عن مرض ياسمينة، وأمنّي نفسي بالقول بأنّه سيزول، وأنّ ياسمينة ستصبح طفلة طبيعيّة، كنت أعيش حالة انكار، وكنت في حالة انتظار. طوال تلك السنوات كنت أنتظر لتبدأ حياتي، حتّى أنّني لا أحسب تلك السنوات من عمري. كنت أقول للناس إنّ لديها مشكلة صغيرة ستحلّ، ولم أكن أريد أن أتحدّث عن الموضوع.".
وتابعت "واستمرّ هذا الوضع إلى أن أجريت لها سلسلة فحوصات بما فيها فحص I Q، وهذا الأمر دفعني إلى رؤية الحقيقة للمرّة الأولى. هذا الوضع لن يتقدّم ولن يتغيّر".
وبتأثّر تابعت ديما "عندما فقدت الأمل، كان اليوم الذي تقبّلت فيه الحقيقة والواقع وتصالحت معه".
ولم تنكر ديما أنّها كانت تتساءل دوماً لماذا حصل معها هذا الأمر؟ لماذا هي بالذات؟ وتتساءل ماذا فعلت؟.
وأكّدت أنّها لم تخبّىء ابنتها يوماً، وأنّ صور ياسمينة موجودة على الفايسبوك منذ ولادتها وتابعت "في بعض الأماكن، لم أكن أريد نظرة الناس ولا أحكامهم المسبقة، فالبعض يتعالى على ذوي الاحتياجات الخاصّة، أنا كأم رأيت هذا الأمر بعينيّ، رأيت تجاهلاً وعدم اكتراث، وأحياناً نظرات غير لطيفة".
واستقبل البرنامج ياسمينة التي تحدثت عن دراستها وموادها المفضلة وقالت إنّها حزينة لأنّ والدتها غابت عن الشاشة، في إشارة إلى استقالة ديما من LBCI قبل أشهر. وأكدت ديما أنّ ابنتها تعرف الحقيقة كاملة، وتعرف ما حصل مع والدتها وأدّى إلى استقالتها.