أخبار لبنان

لبناني يروي يومياته في ووهان: وزير الصحة "مخطئ"!‏

تم النشر في 23 شباط 2020 | 00:00

كتبت جنى الدهيبي في "المدن" تحت عنوان "اللبناني أدهم السيد من الصين: وزير الصحة ‏مخطئ": "منذ أن انتشر فيروس "كورونا" في مدينة ووهان الصينية، سادت حالة هلع عالمية من ‏‏"مرض العصر"، المعدي، والذي ينتشر كوباءٍ قاتل. ولبنان الغارق بأزماته، سجّل يوم الجمعة ‏الفائت أول إصابة مؤكدة بهذا الفيروس، لسيدة لبنانية قادمة من إيران، ليكون ثالث دولة عربية ‏تعلن تسجيل إصابات بكورونا بعد الإمارات ومصر. واللبنانيون الذين لم يكن ينقصهم أزمة ‏جديدة تُضاف إلى لائحة مصائبهم الكارثية، دعاهم وزير الصحة حمد حسن من مستشفى رفيق ‏الحريري في بيروت أن "لا داعي للهلع والإجراءات التي نتخذها للوقاية كافية".‏

هكذا بكلّ بساطة، تطلب السلطة ووزير صحتها من اللبنانيين "عدم الهلع"، بينما لم يتخذ الوزير ‏حمد أيّ إجراء صارم ومشروع، على غرار الصين وكلّ الدول التي انتقلت إليها عدوى كورونا. ‏وبينما كان أقلّ الواجب، هو، إجراء فحوصات لجميع ركاب الطائرة الإيرانية، اعتبر وزيرنا أنّ ‏هذا الإجراء ليس مطلوبًا، "داعياً من يشعر بأي عوارض إلى الاتصال لإجراء الفحوصات"، ‏وكأنّه لا يعرف أنّ العوارض قد لا يتظهر قبل 14 يومًا يستمر فيها بنشر العدوى!‏

وواقع الحال، أنّ كلّ تجارب الدول التي تفشتْ فيها كورونا، بدءًا من الصين، تثبت أنّ السماح ‏للوافدين على الطائرة الإيرانية بالذهاب إلى منازلهم في لبنان، من دون إجراء الفحوصات ‏اللازمة، وأن اكتفاء السلطات الإيرانية بالفحص الحراري للسيدة، وعدم استدعاء الجهات ‏المسؤولة في لبنان لركاب الطائرة، لإجراء الفحوصات اللازمة لهم، وعزلهم إذا احتاج الأمر، ‏هي كلّها تصرفات لا تنمّ عن أدنى الحسّ بالمسؤولية تجاه اللبنانيين، الذين أصابهم الهلع لدرجة ‏نفاد الكمامات من الصيدلات.‏

طالب في الصين

منذ أن ظهر فيروس كورونا في كانون الأول 2019، في مدينة ووهان وسط الصين المأهولة، ‏تحوّل اللبناني أدهم السيد الذي يقيم في هذه المدينة بالذات، إلى مصدرٍ مهم للمعلومات، وأجرى ‏ما يتجاوز المئة مقابلة إعلامية لمختلف الوسائل العربية والعالمية. وأدهم البالغ 32 عامًا، هو من ‏مدينة برجا اللبنانية، يقيم في ووهان ويكمل دراساته العليا لإنجاز أطروحة الدكتوراه، وكان ‏الطالب اللبناني الوحيد الذي تجرأ بالظهور على الإعلام، والكشف عن هويته للحديث عن ‏المخاطر التي تواجه أبناء هذه المدينة المعزولة وكلّ المقيمين في داخلها.‏

يدرس أدهم في جامعة "وسط الصين للعلوم والتكونولوجيا" ‏HUST، بعد أن نجح في العام 2015 ‏بالحصول على منحة لإكمال دراسة الماجستير في ووهان، وفي العام 2017 حصل على منحة ‏أخرى لإكمال الدكتوراه في جامعته الحالية ‏HUST‏. ومن يتابع أدهم، في مقابلاته اليومية وعبر ‏الفيديوهات التي ينشرها على صفحته بالفايسبوك، وأيضًا عبر عرضه للداتا وكلّ البيانات ‏المتعلقة بخريطة الإصابات في الصين وخارجها، يعرف أنّ هذا الشاب اللبناني، تعاطى ‏بمسؤولية كبيرة تجاه الفيروس، رغم عدم إصابته به، ولم يعد إلى لبنان حمايةً لنفسه وللآخرين. ‏ومنذ تاريخ 23 كانون الثاني الفائت، لا يزال محجورًا في منزله في ووهان المعزولة بشكل تام، ‏وهي جزء من مقاطعة يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة، يخضعون جميعهم للحجر الصحي ‏أيضًا.‏

خطأ الوزير؟!‏

وفي حديث لـ"المدن"، يشير أدهم أنّ كل شيء متوفر في ووهان رغم أنّها معزولة ومغلقة، وكل ‏خطوط النقل المشترك عاطلة عن العمل. وبعد أن كان يسمح لهم بالتنقل سيرًا، أصبحوا معزولين ‏في بيوتهم أيضًا، ويصلهم كل ما يحتاجون إليه، إلى حين التأكد من القضاء على المرض بشكلٍ ‏كلي. فـ"هذه الإجراءات المشددة هي لصالحنا، ولو لم تتعامل الصين بمسؤولية كبيرة تجاه ‏أزماتها، كان عدد الوفيات تضاعف وكان المرض انتشر بشكلٍ أكبر".‏

يتابع أدهم بعناية شديدة انتقال عدوى كورونا إلى لبنان، ويشعر بغضبٍ كبير تجاه تعاطي ‏السلطات اللبنانية مع هذا المرض، ويصف مؤتمر وزير الصحة بأنه "ليس أبدًا على قدر عالٍ من ‏المسؤولية".‏

يقول: "تصرف الوزير بعدم إعطاء إجراءات وتوجيهات صارمة في المطار والمستشفيات، لم ‏يكن مقبولًا على الإطلاق، والمشكلة الرئيسة تكمن ليس بدخول المرض إلى لبنان، وإنّما بعدم ‏المبادرة فورًا لفحص كلّ ركاب الطائرة الـ 150، والسماح للجميع بالعودة إلى منازلهم، وكأنّ ‏لبنان لا يملك المعطيات الكافية لآلية التصرف مع الحالات المصابة بغية الحدّ من تفشي ‏الفيروس".‏

لا ثقة..‏

يستغرب السيد اعتبار "الحجر الصحي" انتقاصًا من حقّ المصابين أو المشكوك بإصابتهم، بينما ‏هذا الإجراء هو لسلامتهم وسلامة الآخرين، ويتمنى لو أنّ ركاب الطائرة يبادرون من تلقائهم ‏لعزل أنفسهم داخل المنازل، إلى حين التأكد من عدم إصابتهم. فـ "كلّ الإجراءات في لبنان ‏خاطئة جدًا، بدءًا من عدم إخضاع المصابة للحجر الصحي في إيران وعدم اتخاذ التدابير الوقائية ‏في التعقيم والحماية، أو التعلّم من تجارب الآخرين في الصين وغيرها".‏

يضيف: "اليوم وخلال 24 ساعة، جرى شفاء 2300 حالة مصابة في الصين، وهناك نحو 27 ‏في المئة شفاء عاجل وتام. ومع ذلك، أقالت الصين رئيس مقاطعة ووهان وبعض المسؤولين ‏الطبيين، واتهمتهم بالتأخر في اتخاذ الإجرات الوقائية. أمّا في لبنان، فكان الاستهتار والاستخفاف ‏واضحين بالتعاطي مع ركاب الطائرة، منذ أن سمحوا لهم بالدخول بشكل طبيعي، فيما التأخير ‏بأيّ إجراء يمكن أن يُحدث كارثة".‏

وفي السياق، يؤكد أدهم أنّ عوارض الإصابة بكورونا هو سعال ناشف مع حرارة، وليس أيّ ‏حالة رشح عادية، ويشير أن أخذ الاحتياط في التجمعات هو أمر ضروري جدًا، لأن لا ثقة ‏بالسلطة اللبنانية على الإطلاق. ‏

وأدهم الذي أصبح ضليعًا بمعرفته بكورونا، وجه عدد من التوصيات إلى اللبنانيين، داعيًا إياهم ‏للتخفيف من الهلع والتعاطي بمسؤولية مع الانتبهاه من الشائعات. وقال: "كورونا ينتقل عبر ‏التنفس من مسافة قريبة ولا ينتقل بالهواء. وهو لا يسبب الموت، إلا إذا كانت مناعة المصاب ‏ضعيفة. لذا، لا بدّ من أخذ إجراءات احترازية سريعة، تبدأ بعزل كل من كان على متن الطائرة ‏لمدة 14 يومًا، وطاقم الطائرة، وكذلك وضع كل من اتصل بركاب الطائرة وخصوصاً من ‏تأكدت إصابته تحت المراقبة المشددة، وعدم السماح لهم بالاحتكاك بالآخرين قبل انقضاء هذه ‏المهلة الرقابية"!.‏