10 تشرين الأول 2020 | 14:11

عرب وعالم

العاهل المغربي: في ظل آثار الأزمة الصحية للتحلي باليقظة حفاظا على سلامة المواطنين

العاهل المغربي: في ظل آثار الأزمة الصحية للتحلي باليقظة حفاظا على سلامة المواطنين

ألقى العاهل المغربي الملك محمد السادس خطاباً بمناسبة افتتاح الدورة الجديدة لمجلس النواب قال ‏فيه‎:‎

‎"‎نفتتح هذه السنة التشريعية، في ظروف استثنائية، وبصيغة مختلفة‎.‎

فهي مليئة بالتحديات، خاصة في ظل آثار الأزمة الصحية، التي يعرفها المغرب والعالم‎.‎

كما أن هذه السنة، هي الأخيرة في الولاية التشريعية الحالية، حيث تتطلب منكم المزيد من ‏الجهود، لاستكمال مهامكم في أحسن الظروف، واستحضار حصيلة عملكم، التي ستقدمونها ‏للناخبين‎.‎

وكما تعلمون، فإن هذه الأزمة ما زالت مستمرة، بانعكاساتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية ‏والنفسية‎.‎

ويبقى الأهم، هو التحلي باليقظة والالتزام، للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين، ومواصلة دعم ‏القطاع الصحي، بموازاة مع العمل على تنشيط الاقتصاد، وتقوية الحماية الاجتماعية‎.‎

حضرات السيدات والسادة البرلمانيين‎.‎

لقد أبانت هذه الأزمة عن مجموعة من الاختلالات ومظاهر العجز، إضافة إلى تأثيرها السلبي ‏على الاقتصاد الوطني والتشغيل‎.‎

لذا، أطلقنا خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد، ومشروعا كبيرا لتعميم التغطية الاجتماعية، وأكدنا ‏على اعتماد مبادئ الحكامة الجيدة، وإصلاح مؤسسات القطاع العام‎.‎

ومن شأن هذه المشاريع الكبرى أن تساهم في تجاوز آثار الأزمة ، وتوفير الشروط الملائمة ‏لتنزيل النموذج التنموي ، الذي نتطلع إليه‎.‎

وإننا نضع خطة إنعاش الاقتصاد، في مقدمة أسبقيات هذه المرحلة‎.‎

فهي تهدف لدعم القطاعات الإنتاجية، خاصة نسيج المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والرفع من ‏قدرتها على الاستثمار، وخلق فرص الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل‎.‎

وقد شددنا على ضرورة أن يتم تنزيلها في إطار تعاقد وطني بناء، بين الدولة والشركاء ‏الاقتصاديين والاجتماعيين، من أجل ضمان شروط نجاحها، انطلاقا من تلازم الحقوق ‏والواجبات‎.‎

ففي إطار الجهود المبذولة لدعم المقاولات، من خلال آلية القروض المضمونة من طرف الدولة، ‏فقد استفاد منها، إلى حدود الآن ، ما يزيد عن 20 ألف مقاولة مغربية، بما يقارب 26 مليارا ‏و100 مليون درهم‎.‎

وهو ما مكن هذه المقاولات، من الصمود أمام هذه الأزمة، وتخفيف حدة آثارها، ومن الحفاظ ‏على مناصب الشغل‎.‎

لذا، ينبغي مواصلة الجهود في هذا المجال، سواء من طرف القطاع البنكي، وصندوق الضمان ‏المركزي، أو من جانب المقاولات وجمعياتها المهنية‎.‎

حضرات السيدات والسادة البرلمانيين،

ترتكز خطة إنعاش الاقتصاد على صندوق الاستثمار الاستراتيجي، الذي دعونا لإحداثه. وقد ‏قررنا أن نطلق عليه إسم ” صندوق محمد السادس للاستثمار‎ “.‎

وإننا نتطلع لأن يقوم بدور ريادي، في النهوض بالإستثمار، والرفع من قدرات الاقتصاد الوطني، ‏من خلال دعم القطاعات الانتاجية، وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى، في إطار شراكات بين ‏القطاعين العام والخاص‎.‎

ولتوفير الظروف الملائمة لقيام هذا الصندوق بمهامه، على الوجه الأمثل، فقد وجهنا بأن يتم ‏تخويله الشخصية المعنوية، وتمكينه من هيآت التدبير الملائمة، وأن يكون نموذجا من حيث ‏الحكامة والنجاعة والشفافية‎.‎

كما وجهنا بأن ترصد له 15 مليار درهم، من ميزانية الدولة، بما يشكل حافزا للشركاء المغاربة ‏والدوليين، لمواكبة تدخلاته، والمساهمة في المشاريع الاستثمارية، دعما لخطة الانعاش، وتوسيع ‏أثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي‎.‎

وسيرتكز في تدخلاته على صناديق قطاعية متخصصة، تابعة له، حسب المجالات ذات ‏الأولوية، التي تقتضيها كل مرحلة، وحسب حاجيات كل قطاع‎.‎

ومن بين هذه المجالات، نذكر إعادة هيكلة الصناعة، والابتكار والقطاعات الواعدة، والمقاولات ‏الصغرى والمتوسطة، والبنيات التحتية، والفلاحة والسياحة‎.‎

ونود التأكيد هنا، على الأهمية التي يجب أن تعطى للفلاحة والتنمية القروية، ضمن عملية ‏الإنعاش الاقتصادي‎.‎

ففي الظروف الحالية، يتعين دعم صمود هذا القطاع الوازن، وتسريع تنفيذ جميع البرامج ‏الفلاحية‎.‎

وهو ما سيساهم في تحفيز الاستثمار والتشغيل، وتثمين الإنتاج الفلاحي الوطني، وتسهيل ‏الاندماج المهني بالعالم القروي، وفقا للاستراتيجية الفلاحية الجديدة‎.‎

وتشكل عملية تعبئة مليون هكتار، من الأراضي الفلاحية الجماعية، لفائدة المستثمرين وذوي ‏الحقوق، رافعة أساسية ضمن هذه الاستراتيجية‎.‎

ويقدر حجم الاستثمارات المنتظرة، في إطار هذا المشروع، بما يقارب 38 مليار درهم، على ‏المدى المتوسط‎.‎

وهو ما سيمكن من خلق قيمة مضافة، لتمثل حوالي نقطتين إضافيتين سنويا، من الناتج الداخلي ‏الخام، وإحداث عدد هام من مناصب الشغل، خلال السنوات القادمة‎.‎

لذا، يجب تعزيز التنسيق والتعاون بين القطاعات المعنية، مع العمل على تحفيز الشباب في العالم ‏القروي، عن طريق خلق المقاولات، ودعم التكوين، لاسيما في المهن والخدمات، المرتبطة ‏بالفلاحة

إننا نحرص دائما على تلازم تحقيق التنمية الاقتصادية، بالنهوض بالمجال الاجتماعي، وتحسين ‏ظروف عيش المواطنين‎.‎

لذلك، دعونا لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة‎.‎

وهو مشروع وطني كبير وغير مسبوق، يرتكز على أربعة مكونات أساسية‎:‎

‎– ‎أولا: تعميم التغطية الصحية الاجبارية، في أجل أقصاه نهاية 2022، لصالح 22 مليون ‏مستفيد إضافي، من التأمين الأساسي على المرض، سواء ما يتعلق بمصاريف التطبيب والدواء، ‏أو الاستشفاء والعلاج‎.‎

‎– ‎ثانيا: تعميم التعويضات العائلية، لتشمل ما يقارب سبعة ملايين طفل في سن الدراسة، تستفيد ‏منها ثلاثة ملايين أسرة‎.‎

‎– ‎ثالثا: توسيع الانخراط في نظام التقاعد، لحوالي خمسة ملايين من المغاربة، الذين يمارسون ‏عملا، ولا يستفيدون من معاش‎.‎

‎-‎رابعا: تعميم الاستفادة من التأمين على التعويض على فقدان الشغل، بالنسبة للمغاربة الذين ‏يتوفرون على عمل قار‎.‎

ولهذه الغاية، ندعو للتشاور الواسع، مع جميع الشركاء، واعتماد قيادة مبتكرة وناجعة لهذا ‏المشروع المجتمعي، في أفق إحداث هيأة موحدة للتنسيق والإشراف، على أنظمة الحماية ‏الاجتماعية‎.‎

حضرات السيدات والسادة البرلمانيين،

إن نجاح أي خطة أو مشروع، مهما كانت أهدافه، يبقى رهينا باعتماد مبادئ الحكامة الجيدة، ‏وربط المسؤولية بالمحاسبة‎.‎

ويجب أن تعطي مؤسسات الدولة والمقاولات العمومية، المثال في هذا المجال، وأن تكون رافعة ‏للتنمية، وليس عائقا لها‎.‎

ونظرا للأهمية الاستراتيجية لهذه المؤسسات، فإننا نجدد الدعوة للقيام بمراجعة جوهرية ومتوازنة ‏لهذا القطاع‎.‎

كما نتطلع للدور الهام، الذي ستقوم به، في هذا المجال، الوكالة التي ستشرف على مساهمات ‏الدولة، وتتبع أدائها‎.‎

ذلك أن نجاح خطة الإنعاش الاقتصادي، والتأسيس لعقد اجتماعي جديد، يقتضي تغييرا حقيقيا في ‏العقليات، وفي مستوى أداء المؤسسات العمومية‎.‎

ولهذه الغاية، ندعو الحكومة للقيام بمراجعة عميقة لمعايير ومساطر التعيين، في المناصب العليا، ‏بما يحفز الكفاءات الوطنية، على الانخراط في الوظيفة العمومية، وجعلها أكثر جاذبية‎.‎

حضرات السيدات والسادة البرلمانيين،

إن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة، تتطلب تعبئة وطنية شاملة، وتضافر جهود الجميع، لرفع ‏تحدياتها‎.‎

ونغتنم هذا الموعد الدستوري الهام، لندعو كل المؤسسات والفعاليات الوطنية، وفي مقدمتها ‏البرلمان، للارتقاء إلى مستوى تحديات هذه المرحلة، وتطلعات المواطنين‎.‎

فالمسؤولية مشتركة، والنجاح إما أن يكون جماعيا، لصالح الوطن والمواطنين، أو لا يكون‎.‎

وإنني واثق بأننا سنرفع جميعا هذا التحدي، في إطار الوحدة الوطنية، والتضامن الاجتماعي"‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

10 تشرين الأول 2020 14:11