كتب مصطفى العويك:
ثمة في التاريخ العربي حكمة واقعية تقول:" لو ألقمته عسلا عض اصبعي"، وهي تستخدم في الحالات التي تُحسن فيها الى امرء ما عرف الاحسان يوما، تطعمه خبزك، وتلبسه ثوبك، وتمنحه اموالك، وتخصه بامتيازات ليست لغيره، ثم فوق كل ذلك يقول لك هل من مزيد؟ وعندما يجف هذا المزيد، يعض اصبعك ويخرج عليك ويزايد، كأنه ما عرفك يوما، وما كان رسولك وحاجبك وموطن سرك ..
هذا ما يمثل النائب نهاد المشنوق اليوم الذي دخل قريطم من اوسع واعز ابوابها، لكنه ارتأى ان يكون "خالدا" على "بوابة" الاخرين، لا آمرا "بواب" قريطم وبيت الوسط ان يفتح الباب ويغلقه لمن يطلب منه ذلك.
خرج المشنوق نهاد من بيت الوسط، وهو مهندس التسويات ومحاور حزب الله ومنظّر فلسفة ربط النزاع، وضرورة انهاء الفراغ، خرج ليقول ان السنة محبطين، وان السبب في ذلك سعد الذي لم يبخل يوماً في استشارته وسماع رأيه.
انقلب على نفسه أولا وعلى الحريري ثانيا، ولم يقدم سوى بضع مقالات في "اساسه" تروج لانتهاء الحريرية السياسية، وتخلي صاحبها عن السنة في لبنان، وهو الذي كان أشد الحرصاء على مجموعة كبيرة منهم يوم سحلها في سجن رومية تقرباً من "حزب الله" وطمعا برئاسة موعودة.
مشروع المشنوق الخاص كان عبارة عن تصريح سياسي المضمون من منبر دار الفتوى كلما ارتأى ضرورة لذلك، فالدفاع عن الطائفة من دارها له ميزة خاصة لا يعرفها الا من يتقن توظيف المنابر لتعبئة العنابر، بعقل حاضر ولسان شاطر، يمكنان صاحبهما المتمرس بالسياسة من كتابة أجود التقارير والمحاضر.
وهو الذي وقف يوما بكل ثقة واطمئنان وعنفوان، واعدا بكشف قتلة الشهيد وسام الحسن، لرفع الاحباط عن السنة، الا انه لما تيقن من الحقيقة بلع القضية حرصا منه على الطائفة السنية وكي لا تحبط أكثر، وحرصا منه على ان يكون في أجندة القتلة لترأس الحكومة العتيدة، وهل يفهم صمته غير ذلك؟
يدرك المشنوق في قرارة نفسه انه تمادى، وان السياسة هي طريق للذهاب وآخر للعودة، وان من يذهب كثيرا قد يعاني نقصا في الامداد، وان كان ما استند عليه في الانطلاقة "تفويلة" كاملة، ... لكن لا يمكنه ان يجر خلفه العنبر. ودولارات التقليعات قد لا تكفي للهبوط الآمن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.