19 تشرين الأول 2020 | 18:21

إقتصاد

رغم غرق الجميع في الانكماش.. اقتصاد الصين يعود بقوة

في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وعندما كان فيروس كورونا المستجد متفشيا في الصين، ‏انكمش اقتصاد البلاد حينذاك للمرة الأولى منذ تسعينيات القرن الماضي، وظن الكثيرون أن التنين ‏الآسيوي تنتظره أيام صعبة، لكن ما حدث هو أن الاقتصاد الصيني عاد للنمو فيما غرقت بقية ‏اقتصادات العالم في دوامة الانكماش‎.‎

وخلال الربع الثالث من هذا العام نما الاقتصاد الصيني بنحو 4.9 بالمئة، وصحيح أن هذه ‏الأرقام قد جاءت أقل بقليل من توقعات المحللين، إلا أنها أكدت على أن مسيرة النمو، التي بدأها ‏اقتصاد الصين في الربع الثاني مستمرة‎.‎

وتوقع صندوق النقد الدولي مؤخرا نمو الاقتصاد الصيني بنحو 1.9 بالمئة خلال 2020 فيما ‏سينكمش الاقتصاد العالمي خلال العام ذاته بنحو 4.4 بالمئة وسيطال هذا الانكماش جميع ‏الاقتصادات الرئيسية بلا استثناء بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا واليابان‎.‎

عوامل متعددة وراء التعافي

وعلى عكس البقية، تعافي الاقتصاد الصيني يمكن تفسيره بثلاثة جوانب رئيسية: الأول يتعلق ‏بنجاح الحكومة في احتواء الفيروس خلال فترة قصيرة من خلال اتباع إجراءات إغلاق صارمة ‏وسياسات تتبع للسكان حدت من انتشار الفيروس وساعدت على تسريع العودة للحياة الطبيعية‎.‎

هذه العودة السريعة دعمت الاقتصاد بأشكال متعددة فمثلا عطلة الأسبوع الذهبي "العيد الوطني ‏للصين" التي تعد موسما سياحيا رئيسيا في الصين خلال شهر أكتوبر، شهدت قيام أكثر من 630 ‏مليون صيني برحلات داخلية وإنفاق مايصل إلى 70 مليار دولار وهو رقم يعادل 70 بالمئة من ‏حجم الإنفاق الذي شهده هذا الموسم خلال العام الماضي‎.‎

الجانب الثاني يتعلق بسياسات التحفيز الاقتصادي، التي لجأت إليها الحكومة الصينية إن كان على ‏مستوى السياسات النقدية التي قام بها البنك المركزي من خفض للفائدة وغيرها أو من خلال ‏السياسات المالية التي تضمنت زيادة الإنفاق على مشاريع البنى التحتية ودعم الأعمال‎.‎

مصنع العالم يستمر بالعمل

هيكل الاقتصاد لعب دورا كبيرا في تسريع تعافي الاقتصاد الصيني، فتطبيق التباعد الاجتماعي ‏في المصانع أسهل بكثير من تطبيقه في قطاع الخدمات كالمطاعم والمقاهي وبما أن الصين ‏موطن لأكبر عدد من المصانع في العالم وتشكل لوحدها 28 بالمئة من الإنتاج الصناعي العالمي ‏فمن الطبيعي أن تتعافى أسرع من الاقتصادات الخدمية‎.‎

وفي الوقت ذاته استفادت الصين من زيادة الطلب على المنتجات الطبية والوقائية المرتبطة ‏بكورونا وكذلك على المنتجات التكنولوجية التي تزايد الطلب عليها خلال فترة الحجر والعمل من ‏المنزل، ونتيجة لذلك قفزت صاردات الصين بالربع الثالث فقط بنحو 10 بالمئة متجاوزة 743 ‏مليار دولار مما دعم الاقتصاد‎.‎

وقبل فيروس كورونا، ظهرت بعض التوقعات التي رجحت تراجع دور الصين في قيادة نمو ‏الاقتصاد العالمي، لاسيما مع تحول تركيزها إلى الاستهلاك المحلي، لكن ذلك لن يحدث على ‏الأغلب بحسب رئيسة قسم الاقتصاد في "سكاي نيوز عربية"، لبنى بوظه، التي قالت: "الاقتصاد ‏الصيني كان القاطرة التي قادت الاقتصاد العالمي للتعافي بعد الأزمة المالية عام 2008 ولن ‏يختلف الأمر هذه المرة لأن الصين هي الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي لم يدخل بما يسمى ‏بالانكماش التقني الذي دخلت به معظم الاقتصادات الكبرى بسبب أزمة كورونا‎".‎

أضافت بوظه "الصين ليست في كوكب منفصل فهي عبارة عن شبكة مكوكية ترتبط بها ‏الكيانات الاقتصادية الأخرى وأبسط دليل على ذلك هو تقرير صندوق النقد الدولي الأخير الذي ‏عدل توقعاته للاقتصاد العالمي للأفضل أخذا بعين الاعتبار نمو الاقتصاد الصيني كداعم رئيسي ‏وبالإضافة لذلك فإن أرقام الصندوق تظهر أيضا أن الصين ستبقى المساهم الأكبر في النمو ‏العالمي حتى العام 2025، إذ أنها ستكون مسؤولة عن نحو 28 بالمئة من نمو العالم وبفارق ‏كبير عن بقية الاقتصادات‎".‎

الصين المستفيد الأول‎!‎

وإلى حد الآن يبدو أن الاقتصاد الصيني قد خرج الرابح الوحيد مما حدث، فحصة الصين مثلا ‏من الصادرات العالمية قد قفزت من 13 بالمئة مطلع عام 2020 إلى مايقارب الـ 16بالمئة ‏بحسب تقديرات إكسفورد إيكونوميكس، وهذا العام سترتفع حصتها من الاقتصاد العالمي بأكثر ‏من واحد بالمئة لتصل إلى 17.5 بالمئة بنهاية 2020‏‎.‎

ومع نهاية العام المقبل سيكون الاقتصاد الصيني أكبر بنحو 10 بالمئة مما كان عليه في 2019 ‏في حين أن الاقتصاد الأميركي سيكون بالكاد قد عاد لمستويات عام 2019 بحسب تقديرات ‏منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية‎ “OECD”. ‎

لكن ذلك قد لا يعني أن طريق الاقتصاد الصيني سيكون مفروشا بالورود، فالدور الكبير للتصدير ‏في الاقتصاد الصيني يجعلها عرضة لتباطؤ الطلب في الاقتصادات العالمية، لاسيما الرئيسية ‏منها، كما أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين والتي هدأت حدتها قليلا مع إبرام اتفاق ‏المرحلة الأولى لم تنته بعد وقد تعود التوترات التجارية بغض النظر عن هوية الفائز في انتخابات ‏الرئاسة الأميركية المقبلة‎.‎



سكاي نيوز عربية ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

19 تشرين الأول 2020 18:21