11 تشرين الثاني 2020 | 14:29

أخبار لبنان

‏"اليونيسف": مئة يوم على انفجارات بيروت.. والأطفال بحاجة إلى الدعم المستمر

‏

حذرت اليونيسف من حاجة الأطفال والعائلات المتضررة من الانفجارات التي اجتاحت بيروت ‏قبل مئة يوم، إلى دعم حاسم من أجل إعادة بناء حياتهم. ‏

وجاء هذا التحذير في تقرير نشرته تحت عنوان "النهوض من الدمار: مئة يوم على إستجابة ‏اليونيسف وتعاملها مع كارثة انفجارات بيروت، وإرساؤها خارطة طريق للأطفال والعائلات".‏

يرتكز هذا الدعم الأساسي على توفيرالمساعدة النفسية - الاجتماعية للأطفال والعائلات ‏المتضررة للسماح لهم بمعالجة الصدمات التي تعرضوا لها خلال وبعد الانفجارات. وقد كانت ‏اليونيسف قد قدّمت إلى أكثر من 33000 شخص مجموعة من التدخلات النفسية - الاجتماعة، ‏من بينهم 7200 طفل وأولياء الأمور ومقدمي الرعاية الاولية، وذلك من خلال خلق مساحات ‏صديقة للأطفال تمّ إنشاؤها في المناطق المتضررة بالاضافة الى جلسات دعم الأقران.‏

وقالت ممثلة اليونيسف في لبنان، يوكي موكو انّ "تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ‏والأهل هو خطوة حيوية لمساعدة الناس على إعادة بناء حياتهم المحطمة". وأضافت: "في حين ‏أن الندوب الخارجية، السطحية، قد تلتئم بفضل الجهود الإستثنائية على الأرض، غير أن الجروح ‏العميقة المرئية وغير المرئية التي أصابت الأطفال والعائلات في بلد يعاني أصلا من حالات ‏طوارئ عدة، ستحتاج حتما الى تضامن والتزام ودعم مستدام."‏

ومع ذلك، يبقى عدد الأطفال والأهل ومقدمي الرعاية الذين ما زالوا بحاجة إلى الدعم كبير جداّ، ‏ممّا يتطّلب زيادة التمويل بشكل عاجل للبرامج الأساسية، بما في ذلك برنامج حماية الطفل.‏

حسين البالغ من العمر 12 عامًا هو أحد الأطفال الذين تلقوا هذا النوع من الدعم. "توقفتُ عن ‏استخدام الألوان في رسوماتي التي تعكس حياتي لأن كل شيء تغيّر عصر ذاك اليوم" يُخبّر ‏حسين ويتابع "بعد الإنفجار، أصبح عالمي بلا لون. هو تسبب في اختفاء كل الألوان الزاهية في ‏حياتي. كلّ شيء بعد الرابع من آب تغيّر"هذا ما قاله حسين، الذي يقطن في حي الكرنتينا، إحدى ‏أكثر المناطق تضرراً. بعد عشرة أسابيع وبفضل الدعم المتواصل، تعود الى حسين، والأطفال ‏أمثاله، الحياة ببطء إلى طبيعتها. "عاد اللون إلى حياتي مجدداً." يقول حسين اليوم.‏

خلال المئة يوم الماضية، قامت اليونيسف وشركاؤها بما يلي:‏

‏1- تمّ الوصول الى أكثر من 7200 طفل، وأولياء الأمور، ومقدمي الرعاية الأولية، وذلك من ‏خلال خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي - الإجتماعي عبر المساحات الصديقة للأطفال التي ‏تمّ إنشاؤها في المناطق المتضررة وجلسات دعم الأقران.‏

‏2- سيتلقى نحو 80,000 من الأطفال والأفراد الأكثر ضعفاً تحويلات نقدية طارئة خلال الشهر ‏المقبل، بعيد إنتهاء فترة التسجيل.‏

‏3- جرى تزويد أكثر من 22000 طفل، دون سن الخامسة، بالمكملات الغذائية الأساسية، بينها ‏فيتامين أ والبسكويت عالي الطاقة والحصص الغذائية الضرورية.‏

‏4- ربط المياه بـ 1060 مبنى، وإيصالها إلى 20,765 من الأفراد ضمن 4080 أسرة.‏

‏5- تمّ تركيب 4882 خزانًا، بينها 111 خزانا في المستشفيات الثلاثة المتضررة بشدة وهي: ‏الكرنتينا، الوردية والجعيتاوي.‏

‏6- وزّعت مساعدات إنسانية ضرورية ومواد النظافة والحماية من فيروس كوفيد- 19 بقيمة ‏‏3.7 مليون دولار أميركي على الشركاء. وتمّ شراء نحو 80 في المئة من هذه المواد محلّيا.‏

‏7- التزمت مع الشركاء لدعم إعادة تأهيل 7 مدارس وتوفير أثاث ومعدات لـ 90 مدرسة

‏8- شارك 1800 شابا وشابّة في استجابة مجتمعية تضمنّت أعمال التنظيف، والتأهيل البسيط ‏للأسر، وإعداد وجبات الطعام وتوزيعها على العائلات الضعيفة

‏9- حصلت 7500 فتاة وإمرأة على الفوط الصحية أو على مجموعات صغيرة من أدوات ‏النظافة الشخصية، تضمنت مواد الوقاية من كوفيد-19 ومعلومات حول مسار إحالة العنف القائم ‏على نوع الجنس والنوع الاجتماعي.‏

وقالت موكو: "وأتت إستجابة اليونيسف، على مدى الأيام المئة الماضية، سريعة وضرورية ‏وساهمت في إنقاذ حياة الكثيرين. ومع ذلك لا يمكننا أن نرتاح، وعملنا مستمر. إن إعادة إعمار ‏بيروت ورفع روح الشعب اللبناني هو التزام طويل الأمد، فقد دعمت اليونيسف وشركاؤها آلاف ‏الأطفال والعائلات المتضررة من الانفجار، لكن الاحتياجات لا تزال ملحة". وختمت قائلة: " ‏نشكر المانحين- أفرادا وشركات وحكومات- من أعماق قلوبنا، فبفضلِ جهودهم وإلتزامهم تمكنا ‏من الوقوف مع أطفال لبنان وشبابه وعائلاته".‏

تلقت اليونيسف 33 في المائة من المبلغ المطلوب والبالغ 50 مليون دولار أميركي لتلبية ‏احتياجات الأطفال والعائلات. سيتطلب الوصول إلى المزيد من الأطفال والشباب والعائلات ‏دعمًا مستمراً. إن زيادة التمويل ستسمح لليونيسف بأن تصبح أكثر فاعلية في معالجة بعض ‏التحديات المتصاعدة لحماية الطفل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك دعم المزيد من العائلات ‏التي لا تستطيع تحمل تكلفة الخدمات الأساسية، والمساهمة في إعادة بناء المزيد من المدارس، ‏وتحسين شبكات المياه المنزلية في المناطق المتضررة، وتوفير التدريب وفرص العمل لمزيد من ‏الشباب والشابّات العاملين في إعادة إعمار مدينتهم.‏

لامس انفجار 4 آب حياة كل إنسان يعيش في كنف المدينة. وكان تأثير ما حصل الى كثيرين، ‏خصوصا الأطفال، عميقا. وفي حين فقد بعضهم أفرادا من أسرهم، رأى آخرون ذويهم ‏مضرجين بالدماء وفي حالات خطيرة. وحتى تلك الحالات التي نجا أصحابها من الدم والدمار بدا ‏مستحيلا شفائهم بسهولة من آثار صوت الإنفجار ونتائجه المدمرة في أحيائهم- وفي الأماكن ‏الآمنة في منازلهم. كانت لتلك اللحظات ارتدادات مادية آنية ونفسية بعيدة الأمد. لذا، سارعت ‏اليونيسف مباشرة بعيد حصول الإنفجار الى إعداد خطة إستجابة طوارئ متكاملة لضمان صحة ‏وسلامة آلاف العائلات المتضررة وأطفالها.‏

تقع الكرنتينا في ضواحي العاصمة بيروت، وهي منطقة قريبة جدا من المرفأ، وتسكن فيها ‏عائلات تُعدّ بين الأكثر ضعفا في المدينة. وما حدث في الرابع من آب قلب حياة حسين (12 ‏عاما) رأسا على عقب.‏

لقاؤنا الأول مع حسين حصل في منتصف شهر آب، ضمن مساحة صديقة للأطفال استحدثت ‏في الموقع، بدعم من اليونيسف. وحُددت تلك المساحة في حديقة بلدية الكرنتينا. للوهلة الأولى ‏رأينا في حسين ولدا محبا للمرح والرسم ولعب كرة القدم. بدا رياضيا مفعما بالحياة. لكن، حين ‏رأينا بعض الأعمال الفنية التي أنجزها للتوّ تأكدنا حجم التغيير الذي أحدثته ذيول ذاك الإنفجار ‏في أعماق هذا الصبي الصغير.‏

سلّطت الرسومات التي أنجزها حسين الضوء بوضوح على طبيعة الحياة التي تشظت واختلفت. ‏صوره قبل الرابع من آب كانت مشرقة، فيها بهجة وفرح ومليئة بالألوان، بينما عكست كل ‏الصوّر التي رسمها لاحقا ما آلت إليه حياته منذ عصر ذاك اليوم الحزين وبدت قاتمة وأحادية ‏اللون. وعكست بعض الرسوم تأثير تلك اللحظات على منزله وأسرته وحياته. ويا له من تأثير.‏

‏"توقفتُ عن استخدام الألوان في رسوماتي التي تعكس حياتي لأن كل شيء تغيّر عصر ذاك ‏اليوم" يُخبّر حسين هذا ويتابع "بعد الإنفجار، أصبح عالمي بلا لون. هو تسبب في اختفاء كل ‏الألوان الزاهية في حياتي. كلّ شيء بعد الرابع من آب تغيّر".‏

إلتقينا بالطفل حسين مجددا بعد مرور عشرة أيام، وبدا نشيطا كما رأيناه في المرة الأولى، لكن ‏أقل توترا وأخبرنا أنه سعيد جدا بتوجهه، منذ التقى بنا، الى الحديقة يوميا. هو أمضى، طوال هذه ‏الفترة، ساعات طويلة مع أعضاء فريق الدعم النفسي والإجتماعي، المدرب في شكل ممتاز، ‏بدعمٍ من اليونيسف. في كل حال، حسين دأب على الحضور يوميا ليقابل أصدقائه واللعب معا.‏

في الحقيقة، استطاع حسين وأصدقاؤه مداواة جروحهم النفسية العميقة من خلال اللعب. ويبدو ‏حسين سعيدا جدا في الحديث عن حياته اليوم. ولعلّ الدليل المباشر الى هذا التغيير هي الصوّر ‏والرسومات التي أحضرها معه ليُرينا إياها.‏

في آب، كانت تلك الحديقة، حديقة البلدية في الكرنتينا، المزدحمة بالأطفال غارقة بالصمت، ‏خالية من الإبتسامات، أما اليوم، بعد مئة يوم من الإنفجار، هناك فرح وثقة وأمل و"اللون عاد ‏الى حياتي مجددا" يُعلق حسين بابتسامة.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

11 تشرين الثاني 2020 14:29