احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي بعيد الفصح المجيد، فأقيمت الصلوات والقداديس في مختلف الكنائس، وسط إجراءات التباعد الاجتماعي تفاديا لانتشار فيروس كورونا.
وفي دير مار الياس - انطلياس، ترأس الأباتي أنطوان راجح قداس الفصح، عاونه فيه آباء الدير، وخدمته جوقة الشبيبة بقيادة العقيد زياد مراد.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى راجح عظة هنأ فيها أبناء الرعية بالعيد. وقال: "عيد الفصح هو العيد الكبير الذي ينقلنا روحيا من حالة الغم الى حالة الفرح بالحياة الجديدة، هي مناسبة قيامة الى حياة جديدة بكليتها ونوعيتها، حياة لا تغلب وغير خاضعة لشريعة اليأس والموت والفناء، بل تحمل بعدا جديدا للوجود الإنساني ولقراءة حياتنا بأعين جديدة للعيش المسيحي الاصيل، فالمسيح لم يعد الى حياة إنسانية عادية كما قبل موته، بل خرج الى حياة مختلفة جديدة الى رحاب الله وهو ينبوع الحياة وبكل أشكالها محطاتها وتنوعها".
أضاف: "عظمة القيامة في أن يسوع حاضر بكنيسته وهو حي وحاضر بحياتنا في كل لحظة ليملأها نورا لئلا نشعر بالوحدة، فيسوع لا يخذلنا وهو باق معنا كما وعدنا بحضوره غير المرئي ويدعونا الى التقدم نحو افق جديدة. لا ننكر الغصة التي نعيشها اليوم جراء التدابير الوقائية المفروضة والتي تحرمنا فرحة العيد المشتركة، ولاننا كلبنانيين نعيش في ازمة معيشية كبيرة، قضت على جودة الحياة التي كنا نعيشها، ما دفع الناس الى الهجرة الى بلدان تؤمن لهم حقهم بالعيش الكريم ومع كل ذلك لا يمكن لاحد ان يقضي على كبر النفس وروح الله الموجودة فينا، ونؤمن بأن يسوع القائم من الموت لن يسمح بأن تطول عملية الذل هذه".
وتابع: "تغيرت أحوالنا كثيرا منذ سنة وحتى اليوم، فأزح يا رب عنا صخور الخوف والألم ومخاطر الوباء وشبح الانهيار وخجل عدم توافقنا مع بعضنا الا على عدم الاتفاق ولا تسمح بأن نرزح أمام خيبات الحياة، وبالرغم من الافق المسدودة امامنا نشعر بقوة في داخلنا أن ربنا سيفتح لنا ابوابا لا نعرف كيف وبأي طريقة، ولنكتشف اليوم ان مسيرتنا مع ربنا ليست عن عبث ولا تصطدم بحجر وان الفرج سيأتي، فلا تستسلموا للخضوع والفشل،. فالفصح هو عيد إزالة الصخور من أمامكم، ونحن لا نحلم، ونعرف أن الشقاء المادي سيستمر لوقت طويل وربما سيزداد ولكن فلندع نور ربنا في يوم قيامته يخترق حياتنا لكي نتغلب على مصيبتنا".
وختم: "أعطنا يا رب نعمة عدم التحطم أمام حجارة الشك وصخور الخوف واعطنا قلوب الابناء الواثقين انك قادر ان تحول الآلام مهما كثرت الى جسر عبور، فنور يا رب ما في داخلنا من ظلمات واخرجنا من قبورنا في هذا العيد المبارك لانك انت الحياة وفي قلب عتمة الايام الظاهرة ليتفش فينا فيروس قيامتك ورذاذ محبتك ولقاء رجائك والاهم لنعرف ان نستر عرينا ونلبس الحلة الجديدة ونصرخ مع المريمات ونشهد بأن المسيح قام، حقا قام".
إقليم الخروب
ولمناسبة الفصح، أقيمت القداديس الاحتفالية في معظم أديار البلدات وكنائسها، واقتصر الحضور على الرهبان والكهنة بسبب جائحة كورونا.
وفي كنيسة دير المخلص في جون، ترأس الرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت انطوان ديب قداس العيد. وألقى عظة قال فيها: "أعطيكم وصية جديدة: أحبوا بعضكم بعضا. في يوم القيامة هذا، تتجدد الخليقة كلها، بالرغم مما نعيشه من ألم ومعاناة وموت في كل لحظة من حياتنا.عن أي قيامة نتكلم؟ وإذا كان المسيح قد قام، فلماذا كل هذا الموت وهذا الشر من حولنا؟ إن كان المسيح قد قام، فلماذا هذا الألم وهذا الجوع وهذا اليأس نعيش به؟ إن كان المسيح قد قام، فلماذا هذا العنف وهذه الأنانية؟ قام المسيح حقا وغلب الموت بشكل نهائي وقطعي ولا رجوع عنه. المسيح قام بعد أن حمل كل أوجاعنا وعاهاتنا وخطايانا. المسيح قام وداس سلطان الموت. ولكن هل نؤمن حقا أن المسيح قد قام أم إننا كالكتبة ورؤساء الكهنة الذين علموا بقيامة المسيح، فدبروا المكائد ليقولوا للشعب إن تلاميذه أتوا ليلا وسرقوه؟ إنهم لقساوة قلوبهم توغلوا، أكثر فأكثر، في شرهم وسوئهم وظلمهم ودهائهم، لكي يخفوا قيامة المسيح عن العالم، وذلك لخوفهم على فقدان سلطانهم ومكاسبهم. خافوا من نور القيامة الذي فضح رياءهم. فخطيئتهم، بعد قيامة المسيح، هي أكبر بكثير، من خطيئتهم حين صلب، لأنهم أرادوا أن يدمروا محبة الله للانسان، أرادوا أن يقيدوا ذواتهم والعالم من حولهم بالإنسان القديم الخاضعِ لسلطانهم وسلطان الخطيئة، فعلموا بالقيامة ولم يؤمنوا بها".
أضاف: "قام المسيح وحررنا وقادنا إلى حياة جديدة. لذلك، لم يكن على تلاميذه الإيمان بالقيامة، ولم يعرفوه حتى عند ظهوره لهم... المسيح يقول لنا اليوم: لم آت لأعطيكم حقوقا بل لأوصيكم وصية جديدة: أحبوا بعضكم بعضا، أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم. لم آت لأضع واحدا منكم عن يميني وآخر عن يساري، بل أتيت لأخدم لا لأخدم. لم آت لأنزع الصليب من حياتكم، بل بالعكس، ليحمل كل واحد منكم صليبه ويتبعني، لأن الصليب هو عرش الملك. أتيت وصلبت ومت وقمت من الموت لتكون لكم الحياة وتكون لكم بوفرة. قمت لتكونوا ملح الأرض ونور العالم والخمير في العجين. تجسدت ومت وقمت لتكونوا لي إخوة وتكونوا أبناء الله، وتشهدوا بمحبة الله لكم وتنقلوا هذه البشرى للعالم أجمع معمدين إياهم باسم الآب والابن والروح القدس."
وختم: "القيامة ليست فقط حدثا تاريخيا، بل هي مسيرة حياة، رسالة جديدة أودعنا إياها يسوع المسيح لكي نعيشها ونبشر بها وخصوصا في أوقات الإحباط والانهزام والظلم والمرض والوباء والخوف. قيامة المسيح تكتمل وتتحقق كل يوم بالقدر الذي نكون فيه أوفياء للمسيح ولصلبه. لذلك، علينا قطع سلاسل الخوف من سلطان هذا العالم، سلطان الشر الذي يتحلى بالأنانية والفجور والخبث والحقد والدمار والمرض والمال والسلاح وأمراء هذا العالم الأشرار، ونثق بأن النور أقوى من الظلام، والمحبة أقوى من البغض، والعطاء أقوى من الأنانية، وأن الكلمة النهائية للحياة وليست للموت، لأن الله هو الحياة ومصدرها وغايتها".
وفي دير الراهبات التابع لسيدة البشارة، في جون ترأس الأب المخلصي سامي الحايك في كنيسة الدير، قداس عيد الفصح، في حضور الرئيسة العامة للراهبات المخلصيات الأم تريز روكز وعدد من راهبات الدير. وألقى عظة من وحي المناسبة.
وفي كنيسة سيدة النجمة في دير مار شربل في الجية، ترأس رئيس الدير الأب شربل القزي قداس الفصح. وألقى عظة شدد فيها على أهمية معاني العيد.
وفي كنيستي سيدة الوردية في البرجين ومار جرجس في الشميس، ترأس رئيس بلدية جدرا الأب جوزيف القزي قداسي العيد.
كذلك، ترأس كاهن رعية الرميلة المارونية الأب فادي سركيس في كنيسة مار انطونيوس الكبير القداس، وألقى عظة شدد فيها على المحبة والتلاقي وجمع الكلمة والتمسك بالوحدة الوطنية.
وفي كنيسة سيدة النجاة في جون، ترأس كاهن الرعية الأب جيلبير وردي القداس. وألقى عظة دعا فيها الأهالي الى التعاون والتكاتف والوحدة لمواجهة جائحة كورونا.
وللمناسبة، أقيمت قداديس في بلدات الناعمة والدامور والدبية وضهر المغارة وعين الحور والزعرورية والمطلة ومزرعة الضهر والجليلية وبكيفا وعلمان والوردانية والمعنية ومرج برجا وحارة بعاصير وجدرا والمحتقرة وخربة بسري ومزمورة.
الهرمل
بدورها أحيت الهرمل عيد الفصح، بقداديس وعظات تركزت على أن يوم القيامة انتصار على الموت، ودعت إلى المحبة والتسامح والتضحية.
النبطية
كذلك احتفلت النبطية بالمناسبة، وترأس صباح اليوم رئيس دير مار انطونيوس في النبطية الفوقا الأب سليم نمور قداس العيد في كنيسة الدير. وألقى عظة دعا فيها إلى "الاحتفال بعيد قيامة الوطن من ركام الفساد والضياع واللامسؤولية والإهمال". وقال: "تعالوا نعيش سر قيامة الوطن ونلتف حول رئيس جمهوريتنا ونسانده وندعمه في قيادة سفينة هذا الوطن المليء بالمشاكل".
وشدد على أن "القيامة ينبوع تجدد وتحرر من قوى الموت الذي يهدد البشرية، إذ بالقيامة، الكلمة الأخيرة هي للحياة".
وفي كنيسة السيدة في النبطية، ترأس خوري الرعية الأب كامل إيليا قداسا شدد فيه على "المحبة والعيش الكريم ومتانة العلاقة بين اللبنانيين وأهمية الوحدة الوطنية والعيش الكريم".
وفي الكفور ترأس خوري البلدة الأب يوسف سمعان قداسا أونلاين، شدد فيه على وحدة العلاقة بين أبناء البلدة والمحيط، داعيا الى "نبذ الخلافات والعمل لجمع الكلمة".
مرجعيون
وفي جديدة مرجعيون، ترأس راعي ابرشية بانياس ومرجعيون وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المتروبوليت جاورجيوس حداد، قداس الفصح والهجمة في كاتدرائية القديس بطرس، بمشاركة عدد من الكهنة، وحضور أبناء البلدة الذين التزموا إجراءات الحماية والتباعد.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى عظة من وحي المناسبة قال فيها: "في هذه الآونة، نحن أموات في عتمة هذا الزمن الرديء، زمن الأمراض المتتالية في العالم أجمع، زمن الفقر والجوع والعوز والحرمان، زمن الحزن واللوعة على من قتلوا في بيروت بالانفجار النووي. نعيش اليوم زمن العنف والعدائية في التخاطب، زمن العزلة والانعزال والتقوقع، زمن الكيدية السياسية والاستهتار بالمواطنين الفقراء، زمن الخداع والقهر والإذلال، زمن الكذب والتكاذب، زمن النجاسة والاستكبار والإنكار، زمن اللصوص الذين سرقوا أموال الناس ويحسبون أنفسهم شرفاء".
وختم: "نعيش اليوم زمن أصحاب الضمائر الميتة والقلوب المتحجرة، زمن أصحاب التجارة الرخيصة في بيع الوطن، زمن الخراب الذي حل بالوطن، زمن الفوضى العارمة في البلاد، زمن الخوف من حروب يخطط لها على أرضنا، زمن الفجور من أركان الدولة الذين أعمى عيونهم الطمع، نعيش زمنا تحكم به حفنة من الطغاة والسارقين حكموا على شعب بأكمله بالموت".
وفي ختام القداس وزعت الورود وبيض العيد على المؤمنين.
كذلك عمت القداديس بلدتي برج الملوك ودير ميماس. وفي بلدة القليعة، ترأس الخوري أنطونيوس فرح قداس منتصف الليل، في كنيسة مار جرجس للموارنة، عاونه فيه لفيف من الكهنة والآباء، وخدمته جوقة البلدة. وألقى عظة بعد الإنجيل، دعا فيها الى "المحبة والتسامح في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها الوطن". وتمنى لأبناء البلدة الصحة والعافية وللوطن النمو والازدهار.
صور
وعمت القداديس الاحتفالية كنائس صور، وركزت العظات على المحبة والتسامح والتكاتف. وفي كنيسة سيدة البحار المارونية، ترأس المطران شربل عبدالله قداس العيد، عاونه عدد من المطارنة والكهنة. وألقى عظة تحدث فيها عن "ضرورة زرع بذور المحبة والتآخي في نفوس البشر، والتحول الى رسل سلام كما علمنا السيد المسيح لينعم بلدنا بالأمن والأمان.
وفي كاتدرائية القديس توما للروم الملكيين الكاثوليك، ترأس المدبر الرسولي لأبرشية صور لطائفة الروم الملكيين المطران ايلي حداد قداس الفصح. وألقى عظة دعا فيها الى أن "نستحق القيامة ونتغلب على الضعف والضياع والأنانيات وننفتح على نهج السيد المسيح الذي فعل كل شيء من أجل الآخر ولم يفعل شيئا لنفسه". وقال: "نرى أننا في لبنان ما زلنا في الحرب وما زلنا نقاتل بعضنا، لكن الفرق الوحيد أن الزعيم وحده ذاهب الى الحرب بينما الشعب نضج. ما زال زعماؤنا يستعملون الشعارات القديمة كحقوق الطائفة والمنطقة وكرامة الزعيم فوق كل اعتبار أي فوق الوطن".
وختم: "لبنان الجديد سيولد من دون كل من يضع العراقيل أمام تقدمه وإنهاء أزمته. أرى القيامة آتية لا محال ولبنان في أحسن أحواله".
الكورة
كذلك، احتفلت الكورة بالفصح، وفي كنيسة مار جرجس في برسا، ترأس كاهن الرعية جوزيف عنداري القداس. وفي كنيسة سيدة لورد في حارة البقرقاشيه، ترأس الكاهن رومانوس القداس الاحتفالي. وفي كنيسة مار جرجس في راسمسقا ترأس الكاهن شربل كرم القداس. وشددت العظات على معنى القيامة في الديانة المسيحية التي تدعو المؤمنين الى التمسك بالصلاة والصوم واتباع سيرة المسيح الذي صلب وتعذب ليحقق القيامة في اليوم الثالث، متمنين ان تمر المحنة التي يعانيها الشعب بخير وأمان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.