9 نيسان 2021 | 08:16

أخبار لبنان

تهديد رئاسي للحاكم… والعقوبات الأوروبية على النار

‎ ‎كتبت صحيفة "النهار" تقول: ان تكون أزمة تأليف الحكومة العتيدة عادت بمجملها الى ما دون ‏مربع البدايات فليس في الامر ما يفاجئ، ولكن ان يحصل هذا التقهقر على وقع احتدامات ‏وضغوط ديبلوماسية متصاعدة متنوعة الاتجاهات، فهنا يمكن التطور الأشد سلبية والأكثر مدعاة ‏للقلق حيال الآتي من التطورات. بدا، بعد أيام شهدت تصاعداً لافتا لحماوة ديبلوماسية الضغوط ‏الفرنسية والمصرية وما بينهما، تحريك الاستعدادات الجاهزة والمساعي الحميدة لوساطة جامعة ‏الدول العربية، ان ثغرة ما يفترض ان تشق طريقها الى جدار الازمة المسدود بتراكم بات مخيفاً ‏للعداوات الجدية بين الافرقاء المعنيين بتشكيل الحكومة ولا سيما منهم تحديداً رئيس الجمهورية ‏ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. ولكن الحصيلة الاجمالية لهذا الغليان ‏الديبلوماسي الذي توجته تحذيرات فرنسية من اقتراب زمن محاسبة معطلي الحل في لبنان، ‏ولعلها التحذيرات الأشد تعبيرا عما بلغه السخط الفرنسي من الاستهانة اللبنانية بالواقع الداخلي ‏المتجه بسرعة مخيفة نحو الانهيار الأسوأ والاكبر والأخطر، هذه الحصيلة شكلت بذاتها الصدمة ‏الإضافية في ظل ما بدا من تبخر كل إمكانات تعويم الوساطات داخلية كانت ام خارجية وعودة ‏احتدام السجالات الحادة والعنيفة والمفعمة بنبرات العدائية بما يسقط واقعياً أي انتظارات لمخارج ‏ممكنة وقريبة المدى. ولعل اللافت في سياق رصد مواقف الافرقاء المعنيين بالحركة الدبلوماسية ‏والضغوط المتصاعدة لتأليف الحكومة الجديدة ان المشهد الداخلي بدا عرضة لتبدلات سريعة في ‏عناوين السجالات التي تشتعل وتهمد في تخبط واسع يكشف انعدام وجود نيات جادة لحسم ‏الصراع على الملف الحكومي وهو الامر الذي برز بوضوح في اشعال العهد اول من امس ‏عنوان التدقيق المالي الجنائي واستنفر على أساسه بعض الشارع العوني في بعبدا ومن ثم انتقل ‏عنوان المعركة امس الى توجيه العهد الاتهامات المباشرة المستجدة للرئيس المكلف بانه يعتمد ‏سياسة تخويف الدول من المس بالطائف. ‏

وفي ظل هذه الدوامة بدت الجهات المواكبة للحركة الداخلية والخارجية شديدة التشاؤم بإزاء ‏احتمالات التوصل الى أي مخرج للازمة وأعربت عن خشيتها من ان يكون ثمة استهانة كبيرة ‏لدى البعض من التحذيرات التي ارتفعت وتيرتها في الأيام الأخيرة بإمكان بدء مرحلة عقوبات ‏أوروبية جدية ستضع الازمة في مرحلة مختلفة تماما عن كل ما سبق‎.‎

وفي هذا السياق أفادت وكالة "رويترز" امس ان فرنسا والاتحاد الأوروبي يعكفان على إعداد ‏مقترحات قد تسفر عن تجميد أصول وفرض حظر سفر على ساسة لبنانيين لدفعهم للاتفاق على ‏حكومة لإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادي. وقال ديبلوماسيان إن فريق لو دريان يدرس كيف يمكن ‏للاتحاد الأوروبي إعداد عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول‎.‎

الطائف … والتهديد‎!‎

وفي ظل هذه المعطيات بدا تحرك جامعة الدول العربية عقب زيارة وزير الخارجية المصري ‏سامح شكري الذي اغضب بعبدا لاستثنائه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل من لقاءاته، ‏كأنه سباق مع الوقت ومع التدهور السياسي الآخذ في التفاقم. اذ ان الامين العام المساعد لجامعة ‏الدول العربية السفير حسام زكي، عرض في جولته على المسؤولين المساعدة في التقريب بين ‏المتنازعين للاسراع في التأليف "قبل فوات الاوان"‏‎.‎

ولكن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي رحب بأي مبادرة تقوم بها جامعة الدول العربية لم ‏يفوت الفرصة في توجيه اتهامات الى الرئيس الحريري وذلك من باب "تأكيده التزام لبنان تطبيق ‏اتفاق الطائف الذي انبثق منه الدستور والذي يجب ان يكون محترما من الجميع، والعمل استنادا ‏الى بنوده لاسيما في كل ما يتصل بإنشاء السلطات الدستورية وعملها وانحلالها ". واعتبر ان ‏‏"كل ما يقال خلاف ذلك او يوحي بأن اتفاق الطائف مهدد، هو كلام لا يستند الى الواقع وتروجه ‏جهات معروفة ومعنية بالتأليف". واقترن ذلك بتوزيع موقف لمصادر قصر بعبدا اتهمت فيه ‏رئيس الحكومة المكلّف بالعمل في جولاته الخارجية على "بثّ أفكار تؤذي إستقرار لبنان إذ ‏تكرّرت على لسان مسؤولين وسفراء عرب عبارات الخوف على الدستور ووثيقة الوفاق الوطني ‏التي تم توقيعها في الطائف واعتبرت ان إختلاق مخاوف غير موجودة هو في حد ذاته ضربٌ ‏للطائف من بيت أبيه، لافتة الى ان إيهام الدول العربية بوجود خطر على الطائف هو بحدّ ذاته ‏خطر على الدستور وعلى الميثاق، ومن شأنه أن يفتح الباب لما هو مرفوض منا أي البحث في ‏تعديل الدستور بالإنتقال من المناصفة الى المثالثة". لكن المفارقة التي واكبت الدفاع الرئاسي عن ‏موقفه من الطائف تمثلت في تسريب تهديدات تتحدث عن ان دوائر قصر بعبدا ترجح أن يُقدِم ‏الرئيس عون على خطوة إجرائية تجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من دون ان تكشف ‏عن طابع هذا الإجراء" علما ان أي خطوة محتملة كهذه تتصل بصلاحيات مجلس الوزراء ‏مجتمعاً‎.‎

في المقابل، استغرب الرئيس الحريري تغييب رئيس الجمهورية لموضوع تأليف الحكومة من ‏كلمته التي ألقاها الأربعاء. وقال: "التدقيق الجنائي الذي يجب أن يشمل مصرف لبنان وجميع ‏الإدارات والوزارات هو قانونٌ أقرّه المجلس النيابي ووافقت عليه كتله السياسية جميعها لكنّ ‏تطبيقه على نحوٍ فعالٍ وسليم يحتاج الى حكومة" . واضاف:"أستغرب تغييب الرئيس عون في ‏كلمته موضوع تأليف الحكومة على أهميته وحاجة البلد إلى حكومة جديدة‎".‎

اما بالنسبة الى تحرك الجامعة العربية فأوضح زكي انه عرض استعداد الامين العام للمساعدة في ‏الاتصالات بين الاطراف الرئيسية في هذه الازمة إذا كان هناك داع للتدخل من الجامعة العربية . ‏واكد ان الجامعة "مستعدة للقيام بأي دور يطلب منها، سواء من خلال ديبلوماسية مكوكية بين ‏الأطراف اللبنانية الرئيسية أو في شكل توفير سقف عربي متمثل بالجامعة، للقاء الافرقاء ‏السياسيين اللبنانيين، وعندما أتحدث عن الافرقاء لا أعني أطرافا محددة بل جميع الافرقاء". وإذ ‏شملت لقاءاته بعبدا وعين التينة وبيت الوسط والسرايا قال انه استمع من الرئيس المكلف لوجهة ‏نظره بالكامل في موضوع التأليف، وأين تكمن العقبات التي يواجهها في التأليف الآن "وأعتقد أن ‏لديه فكرة بأن الطرح الذي خرج من عند الرئيس نبيه بري هو فكرة مقبولة إلى حد كبير، وأنا ‏بصدد إجراء المزيد من الاتصالات لتبيان الموقف ومساعدة الأطراف في الوصول إلى مخرج ‏للوضع الحالي‎".‎

‎"‎الوفاء للمقاومة‎"‎

وسط هذه الأجواء برز موقف لـ"كتلة الوفاء للمقاومة" تميز باتباع توازن سياسي وتشديد على ‏اعتماد الواقعية والتوصل الى تفاهم حول الحكومة . واعلنت الكتلة انه "لا يصح لأحد أن يتوهم ‏في نفسه أو في جماعته القدرة على أخذ البلاد وحده حيث يشاء أو يريد. ولن يكون في مقدور ‏فريق أن يصوغ معادلة في الحكومة تكرس تحكمه في القرارات التي ستصدر عنها" وشددت ‏على "أن التفاهم يصبح مدخلا ضروريا وآمنا لتشكيل الحكومة، ويستحسن حينذاك اعتماد ‏الواقعية اجمالا لتقدير الأحجام والأوزان والفعالية وسط حالة الغرق التي تنحو نحوها البلاد في ‏هذه المرحلة، ويصير مطلوبا من كل المعنيين التخفف ما أمكن من أثقال الأنانية والاستخفاف ‏بالآخرين خصماء أم أصدقاء، والتهيب تاليا من الفشل والمذلة والسقوط في أفخاخ الإذعان ‏للخارج ولشروطه وإملاءاته.إذا فلنبادر، كل من موقعه، إلى تذليل العقبات عبر الحرص على ‏التفاهم الوطني العام بدل الاستقواء ضد بعضنا بعضا‎".‎




النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

9 نيسان 2021 08:16