أفطرت بيروت بالأمس، على الفرح والإبتهاج والمسرة، و ليس على مدفع الإفطار هذه المرة، بل على قرع الطبول، وإطلاق الهتافات وإنشاد الأناشيد، إحتفالاً بتتويج "الأنصار" بطلاً للبنان للمرة الرابعة عشرة، بعد إنتظار دام أربعة عشر عاماً...
بيروت بالأمس، عادت بيروت الروح والنبض والحياة، لم يكن فيها خاسر ولا مهزوم ولا منكسر.. بيروت الشامخة دائماً كانت هي النصر والإنتصار والغلبة والظفر... كأنها أرادت أن تؤكد بأنها مدينة متجددة دوماً وبآستمرار، وأنها قادرة على أن تنهض من تحت الأنقاض والركام، وأن تتغلب على القهر والإجحاف، وأن تدحر الإزدراء والتعسف، وأن تعيد إنتاج نفسها وتعيد حضورها ومكانتها، ملكة متربعة على عرش المدن، طواقة بشغف للعيش الحر الكريم...
بيروت بالأمس، كانت هي الحدث، وقبلة الأنظار، وخاطفة الأضواء.. كانت الظاهرة والنموذج.. بيروت تمكنت عن جدارة وكفاءة معهودتين كعادتها أن توحد اللبنانيين، كل اللبنانيين من مختلف المناطق والمشارب والإتجاهات، للتمرد على اليأس والإحباط والإنكسار، وأعادت إليهم الروح والتفاؤل والأمل والردي..
جعلتهم يتفاعلون منذ الصباح الباكر مع حدث رياضي إستثنائي، ولو عن بُعد عبر مواقع التواصل الإجتماعي،
بأساليب وطرق حضارية راقية، دون أن تخلو بالتأكيد عن متعة المداعبات التي تحمل الكثير من التحدي والوخز والإثارة والإستفزاز و"التزريك"، بكل روح رياضية...
فشجعوا وحمسوا واحداً من الناديين العملاقين، وأثاروا عواطفهم، وأهاجوا جوارحهم، وهتفوا وأطلقوا الأهازيج، ولكن كتابة هذه المرة...
كأنها كانت فرصة ينتظرونها، ومناسبة يترقبونها منذ أمد بعيد، لتفريغ أحزانهم وآلامهم وحسراتهم المكبوتة في أفئدتهم الجريحة.. نسوا معاناتهم وأهوالهم ومصائبهم.. فتفاعلوا وتابعوا مبارة القمة بين قطبي كرة القدم اللبنانية، الناديين البيروتيين العريقين "الأنصار" و"النجمة"، في إحتفالية هي أشبه بإنتفاضة بيضاء حضارية في وجه هذه الطغمة المغتصبة عنوة للسلطة، والساقطة بكل المعايير الوطنية والأخلاقية، التي سرقت منهم حياتهم ونهبت جنى عمرهم!!!
بيروت بالأمس إستردت البهجة والسرور.. كانت مهرجاناً للحياة وعرساً للفرح المنشود.. إكتظت ساحة ملعبها البلدي (ملعب عدنان الشرقي) بالمحتشدين الطواقين للإبتهاج والنشوة والحبور، وإكتست مناطقها بالأعلام المرفرفة الخفاقة، وجابت شوارعها المسيرات السيارة المحتفلة، وصاحت الحناجر الوفية: "من كل البلد أنصار"...
**
زياد عيتاني/ أمين السر المساعد الأسبق لنادي "الأنصار" الرياضي.
*اللوحة للفنانة التشكيلية لميا لبان
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.