30 نيسان 2021 | 11:30

منوعات

‏"داوود باشا".. تركية المنشأ عربية النكهة!‏

‏

‏•طعام رمضان (٤): ‏



زياد سامي عيتاني*‏

كرات مستديرة من اللّحم الناعم تنغمس على نار خفيفة في صلصة البندورة أو دبس الرمان، بعد ‏إضافة إليها البصل المفروم والتوابل والبهارات والزيت، لتذوب بها وتتشرّبها، فتصبح ليّنة تذوب ‏فى الفم. ‏

إنها كفتة "داوود باشا" التي تنافس سواها من الأطباق على تسيد مأدبة رمضان، إذ تعتبر من ‏أشهى الأكلات التى تحبّها مختلف الشعوب العربية بشكل عام، ويبدعون فى إعدادها وتحضيرها، ‏ينفرد مطبخ كل دولة بإضافة خصوصياته الذوقية عليها ليكسبها هويته الخاصة، إنما دون أن ‏يعرفوا من هو داوود باشا الذي سُمّيت هذه الأكلة على إسمه.‏

لكل من يتمتع بأكلة "داوود باشا"، سنعرفه على أصلها وفصلها وسبب وسر تسميتها.‏

‏**‏



‏•أصل كلمة كفتة: ‏

‏"كوفتة" هي كلمة فارسية الأصل، وتعني "مسحوق"، لذلك أطلقت على اللحم المفروم والمضاف ‏إليه التوابل والبصل والبقدونس، بعد سحقهما وخلطهما ببعض، وقد يضاف إليه الارز أو لا، ثم ‏تشوى على الفحم، أو تقلى في الزيت فتأكل مقلية، أو تطبخ مع صلصة البندورة مضاف إليها ‏شرحات البصل والبطاطا والبندورة والفليفلة، بعد قليها لتصبح قطع اللحم ناعمة تذوب في الفم.‏

‏**‏




‏•أصل "الداوود باشا":‏

أصل هذه الطبخة من القسم الغربي للدولة العثمانية يوم كانت تحكم البلقان وهنكاريا، واسمها ‏المعاصر "كولاش" (‏Goulasch‏) عن اسمها القديم "كولياش لڤش" (‏Gulyásleves‏) من ‏اللّغة الهنكارية الذي يعني "حساء الرعاة"، بينما اسم الأكلة الأصلي القديم من الهنكارية-العثمانية ‏هو "باكراجش-كولياش" (‏bográcsgulyás‏) حين استعار الهنكار كلمة "باقراچ" العثمانية ‏والتي معناها "قِدر كبير من النحاس" ليصبح معنى الاسم القديم طبخة "طاجن الرعاة".‏

أما في القسم الشرقي من السلطنة العثمانية قام الطهاة بفرم اللّحم فرماً ناعماً وتحويل القطع إلى ‏كرات كفتة، ومن ثمّ طهوها بطريقة الكولياش، فصارت الوجبة أسلس أكلاً وهضماً. لاحقاً ‏أضيفت البندورة في بغداد مع انتشار هذه الثمار المستوردة خلال القرن 19.‏

‏** ‏




‏•سبب التسمية:‏

يعود أصل كفتة "الداوود باشا" إلى أيّام السلطان العثماني محمود الثاني في القرن التاسع عشر، ‏والذي عَيّن على بغداد الوالي المملوك داوود پاشا. ‏

وأثناء حكمه لبغداد كان داوود پاشا، يفضّل هذه الأكلة، فكانت أكثر الوجبات التي يطلب من ‏الطهاة إعدادها باستمرار، إذ لا يمل منها ويأكلها كل يوم. وذات مرّة أخطأ أحد الطهاة فى ‏المقادير أثناء إعداده الكفتة لداوود باشا، فلم تعجب الوالى، ومن كثرة حبّه لها قام بمعاقبة الطاهي ‏الذى أعدّها، ومن هنا صارت تسمّى على اسمه كفتة "داوود باشا".‏

في حين أن رواية أخرى ترجع التسمية بعد دخول العثمانيين إلى مصر، حكمها 129 والياً خلال ‏تابعية مصر للسلطنة، ومنهم داوود باشا الذي حكم مصر لمدة 11عاما.‏

الحقيقة أنه لم يخترع تلك الأكله ولكنه كان مولعا بها لدرجة أنه كان يأكلها يوميًا، فهناك من ‏يقول إن الكفتة عرفها المصريون خلال فترة حكم الفاطميين الذين تفننوا في إعداد وتقديم الطعام، ‏ولكنها كانت تقدم على أنها وجبة لذيذة تعد من اللحم رخيصة الثمن يمكن تناولها في أي وقت، ‏وليست الكفتة التقليدية التي ارتبطت باسم "داوود" وعاشت حتى اليوم.‏

وكعادة الفاطميين التي استمرت بعد زوال حكمهم. ‏

ومن شدة ولع الوالي داوود بالكفتة، فكان يأمر طباخيه بأن يضعون خاتما من الفضة في إحدى ‏كرات الكفتة، حيث كان من يجده فى فمه أثناء تناوله الكفتة يصبح صاحب حظ وفير ويصبح ‏الخاتم من نصيبه.‏

وعن شهرتها وارتباطها باسمه، فهناك حكاية تعود إلى أنه في ذات يوم أخطأ طباخ داوود باشا ‏في مقادير إعداد الكفتة للوالي، فقام بمعاقبة الطاهي عقابًا اشتهر وحلف به المصريون، ومن هنا ‏ارتبط الكفتة باسم "داوود باشا".‏

‏**‏




إذن، من خلال العثمانيين، إنتشرت أكلة "داوود باشا" أو "الكولاش" في عموم الشرق الأوسط ‏ووسط أوروبا، حتى أصبحت من الأطباق الأساسية، خصوصاً وأن باتت تعتبر من الأكلات ‏التراثية في مطابخها.‏

‏**‏

‏*باحث في التراث الشعبي.‏










يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

30 نيسان 2021 11:30