كابتن عدنان:
لو بكيناك حزناً على فراقك، لِما أدخلته من فرح وسعادة في قلوبنا، بسيل جارف من دموع من الدماء، حتى يذهب بصرنا وتجف عروقنا، لن نفيك حقك، الذي شاركنا جميعنا بهدره والتفريط به...
**
عدنان الشرقي..
ليس مجرد ظاهرة إستثنائية لكرة القدم اللبنانية، أو أيقونة "الأنصار" الساطعة...
عدنان الشرقي..
حكاية تاريخ؛ كتب صفحاته المجيدة المذهبة بقطرات دمه وعرق جبينه، التي روت كل حبة تراب في ملاعب العافية، وخلاصة فكره المتنور وخبرته المتراكمة والمتجددة، التي إبتكرت أساليب ونظم تحديثية تطويرية، ساهمت في إرتقاء مسيرة "الأنصار" تدريجياً من نادٍ محلي في "الطريق الجديدة" إلى موسوعة "غينيس"...
عدنان الشرقي..
ناد في رجل، بل رجل حمل ناد في عقله وقلبه وضميره، بكل تفان بلا حدود، حتى بلغت حد نكران الذات والذوبان والإنصهار الكلي في شعلة "الأنصار"، المتوهجة والمتلألة، ليكون سنبلته الخضراء (رمز الحياة)...
كانت قساوته والصرامة في فرض الانضباط والقيم والمبادئ التربوية، قبل الرياضية والفنية، في قيادته للفريق، تخفي الجانب العاطفي والوجداني المفرطين في شخصيته القيادية المثيرة للجدل، لما تجمع من تناقضات، كلها تصب في مصلحة الفريق، وتجعل منه قائداً إستثنائياً، لا بل ساحراً ماهراً، وقبل ذلك كله إنساناً عظيماً في وفائه وإخلاصه وولائه...
في المقابل، كانت علاقة اللاعبين به تشبه علاقته بهم؛ فهي كانت مزيجاً من الوقار والاحترام والخوف، كانوا يهابونه ويخافونه ويحترمونه، ويتقبلون منه ما لا يتقبلونه حتى من آبائهم ربما (!)؛ وبموازاة ذلك، كان حبهم له حباً متيماً، كتيار عاصف من العاطفة الجياشة تنجرف معه قولبهم بجنون الحب والهوى إليه...
وإذا ما إنتقلنا إلى علاقته بإدارات النادي المتعاقبة وموقعه فيها، (التي حظيت بشرف عضويتها)، فنكون أمام شخص آخر، كأنه يخلع ملابسه الرياضية، ليرتدي ثوب إدارٍ رياضي متمرس ضالع في كل حيثيات وقواعد الإدارة الرياضية ومهاراتها، يناقش، يحاور، يقترح؛ يمتلك قدرة خارقة على الفصل بإحترافية بين مقتضيات العمل الفني كمدير فني وبين العمل الإداري كأمين للسر...
وللأمانة التاريخية؛ لم يحدث مرة أن تدخل او تطفل اي اداري بما في ذلك الرئيس في أي أمر فني لا انتقاداً ولا استفساراً ولا إقتراحاً ولا تأثيراً في عمله كمدير فني، لأن ثقة وإحترام وإيمان الجميع به، تفوق مجرد محاولة السماح لأنفسهم بالتدخل في عمله الفني موضع الثقة والتقدير والإحترام...
لكننا.. نحن من أحببناك وعشقناك بكل شغف، حتى غدوت قدوتنا ومثلنا الأعلى الذي نحتذي به كملهم وكمعلم وكموجه لنا جميعاً.. لم نكن إلا مجرد أنانيين وإنتهازيين، إستأثرنا بك وبحياتك وعمرك، حباً لذاتنا وأنفسنا، لأن حبنا هذا لك، كان حباً نرجسياً، يزداد أو ينتقص بقدر ما كنت تلبي طموحاتنا ورغباتنا، من خلال إرضائنا بتحقيق الإنتصارات والإنجازات والبطولات!!!
اليوم حان الوقت للإقرار والإعتراف: أننا بحبنا وأنانيتنا.. قلناك!!! نعم قتلناك! وأنت في أوج شبابك وعمرك المفعم بالحياة والحب والطموح، فإعتزلت عائلتك وحياتك الخاصة والمهنية وكل العروض المغرية التي تلقيتها، وتفرغت للنادي (عشقك الأبدي الأزلي)، وفنيت عمرك فيه، حتى إنصهرت روحك ومهجتك بين ثناياه، وصار عدنان الشرقي هو "الأنصار"، و"الأنصار" هو عدنان الشرقي...
**
عدنان الشرقي..
يا حكاية تاريخ، ويا أسطورة مجد..
يا صاحب الإنجازات الصاخبة الذي رحل بهدوء، بعدما إطمأن للعودة "أنصاره" إلى منصات التتويج..
سيبقى صدى صوتك "الملعل" باللكنة "البيروتية" المحببة، يملأ الملاعب والأفئدة والقلوب والتاريخ...
**
زياد سامي عيتاني
أمين السر المساعد الأسبق لنادي "الأنصار" الرياضي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.