9 آب 2021 | 09:17

أخبار لبنان

عون يريد الإمساك بالحكومة... والوزارات الخدمية


كتبت صحيفة الشرق الأوسط تقول: يتوقف استئناف مشاورات تأليف ‏الحكومة على تلقي الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إشارة من رئيس ‏الجمهورية ميشال عون يحدّد فيها موعد استئنافها في الساعات ‏المقبلة، على أن تخصص هذه المرة للنظر في الأجوبة التي يحملها ‏عون رداً على المقاربة التي تقدم بها ميقاتي وتتعلق بتوزيع الحقائب ‏الوزارية على الطوائف تمهيداً للتوافق على إسقاط أسماء الوزراء ‏عليها من دون إدخال أي تعديل على الحقائب السيادية التي ستبقى ‏خاضعة حتى إشعار آخر للتوزيعة الطائفية المعتمدة في تشكيل ‏الحكومات السابقة‎.‎

وعلمت "الشرق الأوسط" من مصادر سياسية مواكبة لما آلت إليه ‏مشاورات التأليف حتى الساعة، بأن لكل من عون وميقاتي مقاربته ‏الخاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، فالأول يتطلع إليها من خلال ‏الخدمات الانتخابية التي تؤمنها التشكيلة الوزارية لوريثه السياسي ‏رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وإلا فلا جدوى ‏سياسية منها، بخلاف الثاني الذي يطمح من خلالها لاستعادة ثقة ‏اللبنانيين لأنها الممر الإجباري للدخول في مصالحة مع المجتمع ‏الدولي الذي يشترط منها الاستجابة لتطلعاتهم من جهة ولمطالبهم التي ‏انتفضوا من أجل تحقيقها من جهة أخرى‎.‎

وكشفت المصادر المواكبة أن عون يشترط، خلال مشاورات التأليف ‏وإن كانت لم تتطرق حتى الساعة إلى أسماء الوزراء، بأن يكون له ‏كلمة الفصل في الملف الاقتصادي، وتحديداً في القرارات المالية ‏لوقف الانهيار، وهذا ما يدفعه إلى رفع البطاقة الحمراء في وجه مدير ‏العمليات في مصرف لبنان يوسف الخليل، رافضاً تعيينه وزيراً ‏للمالية بذريعة أنه سيكون وزير الظل لحاكم البنك المركزي (رياض ‏سلامة)، فيما يصر على إنهاء خدماته بصرف النظر عما سيؤول إليه ‏التدقيق الجنائي في حساباته التي يجب أن تشمل من وجهة نظر ‏ميقاتي جميع وزارات وإدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية بلا استثناء ‏شرط أن يصار للاستعانة بشركات دولية صاحبة اختصاص في هذا ‏المجال‎.‎

ولفتت إلى أن عون يتوخى من تشكيل الحكومة السيطرة على ‏الوزارات الخدماتية لإعادة تعويم باسيل سياسياً على أن تشكل ‏الانتخابات النيابية المقررة في ربيع 2022 الممر الإلزامي لتعويمه، ‏وهذا الطرح يلقى معارضة لا تقتصر على ميقاتي فحسب وإنما ‏تتجاوزه إلى القوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، وصولاً إلى ‏المجتمع الدولي الذي سيتعامل مع هكذا حكومة تأتي على قياس ‏طموحات باسيل بأنها ساقطة حكماً لافتقادها القدرة على إرضائه ‏كشرط لمساعدة لبنان لتمكينه من وقف الانهيار غير المسبوق الذي ‏يحاصره‎.‎

وأكدت أن عون يريد السيطرة على وزارة الشؤون الاجتماعية ‏لاعتقاده أنها ستتلقى المساعدات الدولية لتلبية احتياجات العائلات ‏الأشد فقراً مع ارتفاع منسوب أعدادها ليبلغ أكثر من نصف عدد ‏سكان لبنان، وبالتالي سيحولها إلى مكتب انتخابي يضعه في خدمة ‏باسيل لاسترداد نفوذه في الشارع المسيحي‎.‎

وقالت إن ميقاتي لا يجاري عون في طلبه، فيما يتردد بأن هذه ‏الحقيبة ستكون من حصة وزير درزي يسميه رئيس الحزب "التقدمي ‏الاشتراكي" وليد جنبلاط‎.‎

ورأت المصادر نفسها أن عون وإن كان ينفي كل ما يقال حول ‏إصراره على أن يكون الثلث الضامن - المعطل - من حصته، فإنه ‏في المقابل لا يتصرف حسابياً إلا من زاوية رغبته في السيطرة على ‏هذا الثلث، وإلا فإن باسيل ليس في وارد الإفراج عن تشكيل ‏الحكومة. وقالت إن عون لم يستقر حتى الساعة على مطالب محددة ‏يريدها من الحكومة العتيدة‎.‎

وعزت السبب إلى أن عون يريد مراعاة باسيل إلى أقصى الحدود ‏ولن يتفرد في اتخاذ موقف من دون العودة إلى التشاور معه، وكشفت ‏بأن عون يلتقيه والفريق السياسي المحسوب عليه ومن أبرزهم ‏المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي فور انتهاء كل ‏جولة من مشاورات التأليف، وذلك في إطار التنسيق للاتفاق على ‏وحدة المعايير والمواصفات التي يحملها معه عون إلى ميقاتي في ‏اجتماعهما اللاحق للتداول في التوزيع الطائفي للحقائب‎.‎

وكشفت أن باسيل سيلجأ إلى استخدام نفوذه لدى عون لتأخير تشكيل ‏الحكومة ما لم تؤمن له التشكيلة الوزارية السيطرة ولو سلباً عليها ‏تحسباً لمواجهة الاحتمالات الطارئة غير المحسوبة، وقالت بأنه يستعد ‏منذ الآن لاتخاذ التدابير الوقائية في حال أن البلد دخل في مفاجأة ‏ليست في الحسبان‎.‎

وأكدت المصادر نفسها أن عدداً من السفراء الأجانب المعتمدين لدى ‏لبنان توصلوا في ضوء اللقاءات التي يعقدونها إلى قناعة غير قابلة ‏للتعديل وتنطلق من أن باسيل يعطل كل المحاولات لإخراج ملف ‏تشكيل الحكومة من التأزم في حال رأى بأنه يفتقد القدرة على التأثير ‏في قراراتها‎.‎

وبكلام آخر فإن باسيل في الشارع المسيحي ليس بالحجم الذي يراهن ‏عليه خصومه، وأن هذا التراجع يمكن أن يرتفع في حال أنه غطى ‏حكومة لا تأثير له فيها، وبالتالي يفضل أن يبقى خارجها إذا لم يتمكن ‏من تعطيل تشكيلها‎.‎

فباسيل - بحسب المصادر - يتطلع إلى مستقبله السياسي من زاوية ‏ماذا سيكون عليه بعد إجراء الانتخابات النيابية وهو ماض الآن في ‏خوض حروبه السياسية على عدة جبهات ظناً منه بأنه يستطيع تحسين ‏شروطه لخوض معركته الوجودية كمرشح لرئاسة الجمهورية، فيما ‏يحاذر رئيس المجلس النيابي نبيه بري التدخل في تشكيل الحكومة ‏بعدما قرر سحب مبادرته التي أطلقها لإزالة العراقيل أمام تشكيل ‏حكومة مهمة طبقاً لخريطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي ‏إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان والتي اصطدمت بعدم تجاوب عون ‏بالإنابة عن باسيل وكان وراء اعتذار الرئيس سعد الحريري عن ‏تشكيل الحكومة‎.‎

لذلك، فإن الكيمياء السياسية مفقودة بين بري وعون وعادت إلى نقطة ‏الصفر، ليس بعد أن رفض الأخير مبادرته وإنما لمحاولته الإيقاع بين ‏السنة والشيعة التي قوبلت بتطويق من بري وميقاتي ورؤساء ‏الحكومات السابقين، تماماً كما فعل لإبطال اللغم السياسي الذي يراد ‏منه تطييف تشكيل الحكومة لإحداث انقسام طائفي لم يعد قابلاً ‏للتسويق‎.‎

وبالنسبة إلى موقف "حزب الله" من تشكيل الحكومة، فإن الآراء ‏منقسمة بين من يرى أن الحزب يتلطى وراء عون لتوفير الغطاء ‏السياسي لترحيل تشكيلها إلى ما بعد جلاء المواقف على جبهة ‏المفاوضات الجارية في فيينا والتي يفترض أن تستأنف بين واشنطن ‏وطهران برعاية أوروبية حرصاً من الحزب على تدعيم وجهة نظر ‏إيران حيال الملف النووي، وآخر يعتقد بأن الحزب يقف إلى جانب ‏تشكيل الحكومة من دون أن يستنفر للضغط على عون وباسيل رغم ‏أن تحالفهما على المستوى الاستراتيجي لا يحجب الأنظار عن ‏الخلاف الدائر حول اليوميات السياسية‎.‎

ويوحي الفريق المؤيد لموقف "حزب الله" بتسهيل تشكيل الحكومة بأن ‏الحزب لم يكن مضطراً لتسمية ميقاتي لتشكيلها لو أنه يعوق ولادتها ‏فيما تترقب الأوساط السياسية رد فعل باريس في حال أنها أيقنت بأن ‏عون وفريقه السياسي يعطلان تأليفها، خصوصاً أن ميقاتي المدعوم ‏منها يتواصل يومياً مع الفريق الفرنسي المكلف بمواكبة الاتصالات ‏لتذليل العقبات التي تعترض ولادتها‎.‎

وتبقى الإشارة إلى أن ميقاتي الذي يرفض أن تبقى مهلة التأليف ‏مفتوحة، فإنه يحتفظ لنفسه بالمدى الزمني للخروج عن صمته في ‏حال استمرت العوائق التي تؤخر تشكيلها وإن كان يراهن على ‏تصاعد وتيرة الضغط الفرنسي بدعم أميركي لتفعيل مشاورات ‏التأليف التي لا تزال تراوح مكانها، خصوصاً أن التفاؤل الحذر لا ‏يصرف في مكان إلا إذا ارتفع منسوبه شرط استعداد عون لمراجعة ‏حساباته والتعاطي مع الحكومة بالجملة كشرط لإنقاذ لبنان، بدلاً من ‏المفرق لتعويم باسيل‎.‎




الشرق الأوسط

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

9 آب 2021 09:17