فيما خفت موجة الفيضانات التي اجتاحت شمال غرب تركيا طوال اليومين الماضيين، تواردت أنباء قاسية حول أعداد الضحايا الذين فقدوا حياتهم نتيجتها، والتي تجاوزت أعداد ضحايا حرائق الغابات التي حدثت جنوب غرب البلاد طوال ثلاثة أسابيع ماضية.
وذكر المركز التركي لمواجهة الكوارث أن ارتفاع الفيضانات في منطقتي بوزكورت وكاستامونو قد وصل لارتفاع 4 أمتار، وأن مجموع ضحاياها قد وصل إلى 27 ضحية، أغلبهم حُصروا داخل منازلهم التي أحاطت بها المياه من كل حدب، وغمرت حتى الطابق الثالث في بعض أحياء مدينة بوزكورت.
نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة بوزكورت التركية، باريش كارادينيز، قال في تصريحات صباح الجمعة، إن المنظمات المدنية الرديفة لحزبه وثقت أسماء 17 شخصا على الأقل، ما يزالون بحكم المفقودين، وأن عمليات البحث عنهم في معظم الأماكن المتوقع أن يكونوا متواجدين فيها بائت بالفشل.
بدوره قال رئيس بلدية مدينة سينوب، القريبة من بلدة بوزكورت، باريش أيهان في تغريدات على صفحته في موقع توتير "إن 3 أشخاص فقدوا حياتهم بسبب كارثة الفيضانات في المدينة حتى الآن، وخاصة في حي أيانجيك، التي تعرض لتدمير رهيب، وثمة 20 شخصا لم يتم الوصول إليهم حتى الآن، وهُم بعداد المفقودين. نطالب الحكومة التركي إعلان مدينة سينوب ومحيطها منطقة كوارث على وجه السرعة".
سُكان محليون من منطقة آيانجيك السكنية الكُبرى، اتصلت بهم سكاي نيوز عربية، أكدوا إن البنية التحتية قد انهارت تماما في مناطقهم، فكل تمديدات الصرف الصحي دُمرت، ولا يوجد كهرباء أو مياه صالحة للشرب.
وكانت مناطق بوزكورت وأزدافاي وإنييولو وأبانا في شمال غرب تركيا قد تعرضت لموجة من الفيضانات ابتداء من ليلة الأربعاء الفائت، بسبب هطول أمطار غزيرة تجاوزت 170 ملم في بعض المناطق، مما أدى إلى فيضان بعض السدود المحلية، وتجمع المياه في بعض المسارات والوديان القريبة.
عمليات الإنقاذ التي ما تزال متواصلة، حيث تصل مساحة المناطق المُتعرضة للفيضانات إلى أكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع، وأطاحت إلى جانب الضحايا المدنيين بمنازل أكثر من 2400 عائلة، وجرفت أكثر من 320 سيارة مدينة، إلى جانب 32 سيارة اسعاف، والعشرات من المراكب البحرية والحيوانات والمخازن الزراعية والأسواق المحلية، التي جُرفت بالكامل.
مسؤولية حكومية
وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي التركية نقلت الكثير من صور المآسي خلال يومي المأساة، حيث كانت رسالة الشاب سنانور كوش المصورة مع أخويه في شقتهم التي بدأت المياه بغمرها، والتي أرسلها لذويه وأصدقاءه، الأكثر انتشارا وتأثيرا على الرأي العام.
إذ قال الشاب في رسالته "لا نستطيع أن نفعل شيء، صلوا لأجلنا وتذكرونا". في وقت لاحق حينما عُثر على جُثث الأخوة الثلاثة، عُثر معهم على هواتفهم الشخصية، التي صوروا فيها لحظاتهم الأخيرة حينما كانت المياه قد بدأت بغمر منزلهم.
المتفاعلون الأتراك على وسائل التواصل الاجتماعي وجهوا سيلا من الاتهامات إلى الحكومة التركية، من طرف لأن سلطاتها المحلية لم تتصرف بمسؤولية وسارعت إلى فتح السدود القريبة، بداعي منع انفجار السدود تحت ضغط كثافة المياه المتدفقة، حيث أن فتح السدود زاد من كمية وقوة الفيضانات في المجاري والمسالك الجبلية.
كذلك أكد المعلقون إن تلك المنطقة تشهد حالات فيضان شبه سنوية، وأن الحكومة تعد منذ 10 سنوات بناء مصارف صحية لمياه الفياضات بالقرب من الوديان القريبة، لكنها لا تفي بوعودها.
الناشط التركي أورهان عمر كايا، قال في حديث مع سكاي نيوز عربية: "بعد أزمة الحرائق، أزمة الفيضانات أثبتت ضعف البنية التحتية في البلاد، سواء من حيث التجهيزات لمواجهة الكوارث العظمى، أو من حيث توفر الموارد والمؤسسات والحاجات ومستويات التنسيق بين مؤسسات الدولة لمواجهة ما يجري أثناء الحدوث، وكل ذلك لحساب مشاريع رسمية توحي بالفخامة، مثل بناء جسر عملاق جديد في مدينة إسطنبول، لا يعرف أحد ما الفائدة المتوقعة منه".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.