7 أيلول 2021 | 11:36

أخبار لبنان

إسألوا‎!‎

قفا نحك‎ ‎



راشد فايد ‎- ‎‏ النهار‎ ‎



تضطرنا الأيام، أحيانا، إلى الإقرار، متأخرين، بصواب ما استهجناه في أوانه. من ‏ذلك، وبعدما ينوف على ثلاثة عقود، طرد قائد التمرد على "اتفاق الطائف" رئيس ‏الحكومة العسكرية "البتراء" (بالإذن من الرئيس نبيه بري الذي نسبها إلى حكومة ‏الرئيس فؤاد السنيورة). يومها، كان وحده من لا يرى كيف يُرسم مصير العراق ‏وصدام حسين، وكيف استنفر غزوه الكويت كل قوى الأرض، وأصر على ‏الإستقواء به، في الوقت اليائس‎.‎

التاريخ يعيد نفسه، مرة مأساة، ومرة مهزلة. أما هو فيخلط الهزل بالمأساة، ويكرر ‏أوهام "قصر الشعب"، لكن على مساحة الوطن، وليس "المنطقة الشرقية" وحدها: ‏يغامر بالبلد والطائفة والمصلحة الوطنية، في مواجهة أميركا وأوروبا، وعلى رأسها ‏‏"الأم الحنون" فرنسا، والعرب أجمعين، وأكثر من نصف اللبنانيين، إن لم يكن ‏جلّهم، مطمئناً إلى أن معه الأسد وطهران وحزبها‎.‎

والتاريخ يعيد نفسه، أيضا، في منحى آخر: كُلّف بترؤس حكومة انتقالية، انتظارا ‏لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، خلفاً للرئيس امين الجميل، فإذا به ‏يخون الأمانة الدستورية ويستعصي في بعبدا، برغم الشرعية المحلية والعربية ‏والدولية لـ"اتفاق الطائف" الوليد، ويشن حربين مدمرتين باسم التحرير والإلغاء، ‏والدمار والخراب. واليوم وصل إلى رئاسة الجمهورية بفضل "تفاهم معراب" ‏وذكرى ميلاده في "بيت الوسط"، وكما انحرف في الثمانينات عما يعلن، وبدل أن ‏يجهد لترميم البلاد بحكومة فاعلة وقادرة، بدا كأنه انتخب رئيسا ليمنع تشكيل ‏حكومة، وليمعن في التنكيل بـ"الطائف" عدوه الشخصي، فيما حليفه أمين عام ‏‏"حزب الله" لا يقصر في إعلان ازدراء وإزدراد دولة الجنرال، الذي لم يسمع ‏خطاب النفط الشهير وما حواه من مسح الأرض بدولة "العهد القوي‎".‎

ولأنه غارق في الحقد على "اتفاق الطائف" لا يرى الإستهتار بدولة لبنان إلا من ‏جهة بعينها: من مواطن غاضب على سرقة قوته وحقه في العلم، وأم تبحث عن ‏جثة ابنها شهيد انفجار المرفأ، بينما لا يلفته غياب علم لبنان عن لقاء وفده في ‏سوريا، وفيه وزيرة متعددة الوزارات، ووزيرين آخرين، استعجلوا شكر دمشق ‏على مرور الغاز المصري عبر أراضيها، بعد الأردن، كأن القرار منّة منها، وليس ‏أمراً أميركيا لا راد له، وافقت عليه موسكو وبيجين... والباقي تفاصيل أملتها ‏الجغرافيا. اللافت أن 13 شهراً على استقالة حكومة الدكتور حسّان دياب وتسمية ‏رئيسين لخلافته، لم تتح "نعمة" رضاه على اللبنانيين ولبنان بولادة حكومة قد ‏توقف تهاوي البلاد، ما يجعل كل السيناريوهات ممكنة: هل يعمل لتمديد ولايته؟ أم ‏يمهد لصهره الخليفة؟ أم يسعى إلى مؤتمر تأسيسي ينشر تحالف الأقليات في ‏المنطقة، وهي “تهمة حليفه الأسد بالأمس لخصومه من دون داعٍ؟ إلا إذا "كاد ‏المريب يقول خذوني"؟

‎ ‎

ستظل الأسئلة معلقة، وسيزداد ندم النادمين على المجئ به الى الرئاسة، وحجة ‏الإذعان لسلاح حليفه الحزب ليست كل الحقيقة: لم يستخدم غاندي اللاعنف عبثاً. ‏لو فعلتم مثله يوم 7 أيار لما وصلنا إلى هنا. إسألوا التاريخ‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

7 أيلول 2021 11:36