ووري الثرى ظهر اليوم الأحد بمربع الشهداء بمقبرة العالية (الجزائر العاصمة) جثمان الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي وافته المنية أول أمس الجمعة عن عمر ناهز 84 عاما.
وقد حضر مراسم الجنازة إلى جانب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، كبار المسؤولين في الدولة، أعضاء الحكومة وكذا أفراد من عائلة الفقيد.
وبالمناسبة ألقى وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة كلمة تأبينية ذكر فيها المسيرة النضالية للفقيد وأبرز محطات حياته السياسية.
وتوفي بوتفليقة الذي تنحى تحت ضغط الشارع عام 2019 بعد 20 عاماً في الحكم، في مقر إقامته المجهّز طبّيًا في زرالدة في غرب الجزائر العاصمة، حيث كان يعيش في عزلة منذ عامين ونصف العام.
ودفن في مربع الشهداء في مقبرة العالية التي يرقد فيها جميع أسلافه إلى جانب شخصيات كبيرة وشهداء حرب الاستقلال (1954-1962).
وتدهورت صحة بوتفليقة وأصبح عاجزاً عن الكلام نتيجة إصابته بجلطة دماغية عام 2013، وأُرغم على الاستقالة في الثاني من أبريل/نيسان 2019، إثر شهرين من التظاهرات الحاشدة لحراك شعبي رفضاً لترشحه لولاية خامسة على التوالي.
وأصدر الرئيس عبد المجيد تبون الذي كان رئيساً للوزراء في عهد بوتفليقة، ظهر السبت، بياناً أعلن فيه تنكيس الأعلام "ثلاثة أيام" تكريماً "للرئيس السابق المجاهد عبد العزيز بوتفليقة".
من الوئام إلى الحراك
أهم ما شهدته عهدة بوتفليقة الأولى الاستفتاء الشعبي للوئام المدني الذي نال فيه أكثر من 98 بالمئة من أصوات الناخبين، وكذا أحداث منطقة القبائل وفضيحة بنك الخليفة، إلا أنه شرع في تلك الفترة في برنامج عمل واسع لتعزيز مختلف مؤسسات الدولة، وباشر حملة واسعة لإصلاح هياكلها ومهامها ومنظومتها القضائية والتربوية وقطاعات أخرى، كما اتخذ جملة من الإجراءات الاقتصادية شملت على وجه الخصوص إصلاح المنظومة المصرفية لتحسين أداء الاقتصاد الجزائري ومحاولة دخول اقتصاد السوق ورفع نسبة النمو الاقتصادي.
وامتدت عهدته الرئاسية الثانية من 2004 إلى 2009، والتي نال فيها 85 بالمئة من الأصوات، حيث استطاع إقناع الناخبين عبر الترويج للنتائج الإيجابية المحققة في العهدة الأولى والدفاع عن مشروع المصالحة الوطنية، ومراجعة قانون الأسرة والدفاع عن حقوق المرأة، وصوّت الجزائريون بنسبة 97.36 بالمئة بنعم لمشروع المصالحة الوطنية، وكان أهم ما أطلقه الرئيس في عهدته الثانية مشروع المليون سكن والطريق السيار شرق غرب، وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2005 أصيب بوتفليقة بوعكة صحية ظلت لشهرين.
عهدة ثالثة ورابعة وأراد الخامسة
ورغم أن الدستور الجزائري كان يمنع الرئيس الترشح لعهدة رئاسية ثالثة، إلا أن عبد العزيز بوتفليقة قام بتعديله، لتمكين نفسه من هذه الفرصة، واكتسح الانتخابات بنتيجة عادلت 90.24 بالمئة سنة 2009، وأعلن آنذاك عن مواصلة مشاريع السكن والطرقات والإصلاحات وكشف عن مشروع "الجامع الأعظم" الذي أثار الكثير من الجدل وقتها
وسنة 2012، أعلن بوتفليقة عدم نيته في الترشح لعهدة رابعة في خطاب شعبي بولاية سطيف وقال صراحة عبارة "طاب جناني، رحم الله امرؤا عرف قدر نفسه"، وتعرض بعدها بأشهر لجلطة دماغية إقفارية سنة 2013، أبعدته عن الحكم تطبيقيا وجعلته مقعدا ومكتفيا بمخاطبة الجزائريين عبر رسائل مكتوبة يقرأها مستشاروه نيابة عنه، وخطابات وتوجيهات على لسان الوزراء وتمرّر في الإعلام.
إلا أن عبد العزيز بوتفليقة عاد وفاجأ الجميع بنيته للترشح لعهدة رابعة سنة 2014، ورغم المعارضة التي تخللت هذا الإعلان، بسبب ظروفه الصحية المتدهورة، وفساد شقيقه السعيد وتنديد الكثيرين باستمراره في الحكم، إلا أنه ظفر بـ82 بالمئة من أصوات الناخبين، متجاوزا بذلك مطب حالته الصحية وتمكن بوتفليقة من أدائه اليمين الدستورية بصعوبة.
لفظه الحراك
ولم تكن العهدة الرابعة الأخيرة في حياة الرئيس بوتفليقة لولا الحراك الشعبي، حيث شهدت سنة 2019 مساندة للعهدة الخامسة من طرف أحزاب الموالاة والعديد من الجمعيات والشخصيات السياسية آنذاك، انتهت بإيداع ملفه بالمجلس الدستوري للترشح رسميا رغم مرضه الشديد وعدم قدرته على تسيير أمور البلاد، وهو ما أثار سخط الجزائريين وأخرجهم في مظاهرات شعبية صاخبة بداية من الجمعة 22 فيفري 2019 حملت تسمية "الحراك"، وألزمت الرئيس على الاستقالة بتاريخ 2 أبريل/نيسان من نفس السنة، وختم مسيرته برسالة وداع وجهها للشعب يطلب من خلالها الصفح.
وبقي بوتفليقة بعيدا عن الأضواء والتصريحات الرسمية بعد انسحابه من الحكم تحت ضغط الشارع، ولم يدل بأي تصريح هو أو أي فرد من عائلته إلى غاية وفاته، في حين تمت متابعة شقيقه السعيد في قضايا فساد كبرى، رغم أنه لم يتم استدعاء الرئيس السابق في أي من تلك القضايا التي سجنت عشرات الوزراء والمسؤولين والإطارات في فترة حكمه.
وتوفي بوتفليقة مساء أمس الأول، عن عمر ناهز الـ84 سنة، لتكون فترة حكمه بكل إيجابياتها وسلبياتها إحدى أهم المراحل في تاريخ الجزائر المستقلة.
العربية.نت
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.