25 أيلول 2021 | 22:56

عرب وعالم

سيدة أوروبا القوية.. كيف انتصرت ميركل في 7 تحديات كبرى؟

تميّزت السنوات الـ16 التي حكمت فيها المستشارة أنغيلا ميركل ألمانيا بالأزمة تلو الأخرى، ‏وبذلت "المرأة الحديدية" جهودا جبارة في مواجهة هذه الأزمات التي بدأت معها من يومها الأول ‏في منصب المستشارية.‏

واستعرضت مجلة "ديرشبيغل" الألمانية إثر ميركل التي ستغادر الحكم في ألمانيا وتتقاعد من ‏السياسية بعد أيام، وتقول المجلة إن حقبة ميركل تميز بالأزمات والتهديدات غير المرئية خاصة ‏في المرحلة الأولى.‏

وكانت ميركل في بداية حياتها المهنية عالمة في مجال الفيزياء الذي حصلت فيه على درجة ‏الدكتوراه، ووصفتها المجلة بالمرأة "الذكية للغاية" و"المشبعة بالعقلانية"، ولم تكن التهديدات ‏تخفيها.‏

وحمل عام 1990 مفارقة تاريخية، فميركل القادمة من ألمانيا الشرقية ستتولى مناصب سياسية ‏متعددة في ألمانيا الجديدة ذات الصبغة الغربية، وفيما بعد كانت قائدة بارزة تدافع عن قيم الغرب.‏

ولم تكن سنوات حكم ميركل (2005- 2021) سهلة، فقد تعرضت ألمانيا لأزمات لا مثيل لها ‏منذ الحرب العالمية الثانية، وهذه أبرزها:‏

الأزمة المالية العالمية: امتدت الأزمة المالية العالمية من الولايات المتحدة سريعا إلى أوروبا وفي ‏القلب منها ألمانيا، حيث انهارت الأسعار، وصارت البنوك الألمانية تتحدث عن مشكلات صعبة.‏

وكانت ردة فعل ميركل سريعة، إذ غذت عقلها بالمعلومات والتحليلات وقضت ساعات طويلة ‏مع الخبراء وفي القراءة.‏

وتولت المستشارة الألمانية إجراء مفاوضات شاقة مع بنك "دويتشه بنك"، حتى توصلت إلى ‏صفقة بشأن تحمل مخاطر التخلف عن سداد القروض المتصلة بواحدة من أكبر الشركات ‏العقارية في البلاد.‏

ولم يقف عملها هنا إذ ظهرت أمام الكاميرات، وأكدت لمواطنيها أن ودائعهم آمنة بعد صار ‏كثيرون يدخرون أموالهم في المنازل.‏

وفي نهاية المطاف، أدارت ميركل الأزمة بمهارة وقلصت من أضرار الأزمة المالية العالمية ‏على ألمانيا بدليل أن معدل البطالة لم يتأثر كثيرا

أزمة اليورو: منذ توليها الحكم، كان لدى ميركل هدف استراتيجي في إطار الاتحاد الأوروبي، ‏وهو تقوية القارة القديمة، ووضعها على قدم المنافسة مع الصين والولايات المتحدة، باعتبارها ‏القوة الثالثة في العالم، وفي خضم ذلك أرادت حجز مكانة لبرلين في السياسة العالمية.‏

وبنت استراتيجية تقوم على الاقتصاد الذي سيؤدي حتما إلى بناء قوة ساسية، وهذا ربما يفسر ‏تمسكها ببقاء اليونان في الكتلة الأوروبية وتقديم الدعم لها، لكن الأمر لم يكن سهلا عليها، إذ ‏تضاربت المصالح كثيرا.‏

ففي داخل ألمانيا، تصاعدت الاتهامات نحو ميركل بأنها تتجاهل مصالح البلاد، وفي المقابل، ‏اتهمت دول جنوب أوروبا وخاصة اليونان ميركل بعدم إظهار التضامن الكافي معها.‏

واستطاعت ميركل الوصول إلى صيغة سياسية حاولت التوفيق بين احتياجات الدول المدينة ‏والألمان.‏

وكان أحد الأسئلة الرئيسية في أوروبا، أثناء حكم ميركل، هو هل سينهار الاتحاد أم لا؟ ونجحت ‏ميركل في الإبقاء على الاتحاد الأوروبي، رغم أنه تعرض لأزمات أضعفته مثل خروج بريطانيا ‏وبروز الفكرة الشعبوية.‏

بوتين: كان الخطر الثابت في حكم ميركل يتجسد في شخص واحد اسمه فلاديمير بوتين، رئيس ‏روسيا. تجيد ميركل اللغة الروسية وهي قادمة من الكتلة الشرقية، لذلك بدت العلاقة مع بوتن أهم ‏دور لعبته ميركل في السياسة الدولية.‏

وكانت ممثلة الغرب في التفاوض مع بوتين، وعملت جاهدة على وضعه في مكانه والإصرار ‏على التمسك بالقيم الغربية.‏

وعندما تستحضر ميركل اسم بوتين، يتبادر إلى ذهنها الحروب وانتهاكات القانون الدولي، وكان ‏الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان يمثل إزعاجا لميركل، لكنه لم يكن يوما قويا مثل بوتن.‏

وكانت ميركل تتصل مرارا ببوتين، تحذر وتنتقد وترجو أحيانا، وأجرت مفاوضات شاقة مع ‏الرئيس الروسي بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا.‏

والصورة الشهيرة التي جمعت الاثنين لها قصة، إذ أحضر بوتين كلبه الأسود أثناء لقائهما، رغم ‏أنها لم تكن حريصة على رؤيته، في مشهد يلخص العلاقة بين الاثنين.‏

أزمة اللاجئين: كانت أزمة اللاجئين التي اندلعت عام 2015 نقطة تحول في حكم ميركل، فقد ‏كانت أسهمها مرتفعة للغاية قبل بداية هذه الأزمة.‏

قررت ميركل في 4 سبتمبر 2015 فتح الحدود أمام اللاجئين الذين تقطع بهم السبل على أبواب ‏ألمانيا،

ولم يكن ذلك القرار عقلانيا فحسب بل كان عاطفيا أيضا، مبعثه كرهها الشديد للجدار وخلفيتها ‏المسيحية، خاصة أن والدها كان قسا.‏

وكسبت ميركل في تلك المرحلة احترام العالم لدفاعها عن القيم الديمقراطية الغربية، واختارتها ‏مجلة "التايم" الأميركية شخصية العام.‏

وإزاء الانتقادات المتزايدة وتداعي شعبيتها، بدأت ميركل في اتخاذ سياسات أكثر تشددا، تجلى في ‏جدار افتراضي بنته من خلال اتفاق مع تركيا عام 2016‏

ويؤخذ على ميركل أنها لم تتبع استراتيجية محددة مع الأزمة، فقد كانت الأرقام تتزايد عام ‏‏2014،

وكان من الواضح أن الأرقام سترتفع، ولم تفعل ما يكفي للاستعداد لذلك.‏

ترامب: لم يكن بوتين هو المزعج الوحيد لميركل، فقد كان هناك أيضا الرئيس الأميركي، دونالد ‏ترامب، الخارج عن أعراف المؤسسة السياسية الأميركية.‏

وشابت العلاقة بين ترامب وميركل توتر خاصة على صعيد اتهامات الأول لألمانيا بعدم تسديد ‏حصص مناسبة في ميزانية حلف شمال الأطلسي.‏

وترامب معروف بشخصيته المزاجية والمتقلبة، وبسبب شعبويته وازدرائه للقيم الديمقراطية، ‏أصبحت ميركل بمثابة زعيمة الغرب الليبرالي، لكن بدا أن هذا الدور أكبر من أن تتحمله ميركل.‏

وكان ترامب عنوان لصعود الشعبوية التي اجتاحت الغرب، ومنه ألمانيا بالطبع، فدخلت ميركل ‏في صراع مع هؤلاء.‏

التغير المناخي: تولت ميركل منذ وقت مبكر دورا رياديا في مواجهة التغير المناخي، وقادت ‏حملة في أوروبا لخفض الانبعاثات، وأقنعت الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن بوضع ‏المناخ على سلم أولولياته.‏

ولم ذلك، لم تكن سياسات ميركل في مجال مواجهة التغير المناخي صارمة بما يكفي، وفي ‏الأشهر الأخيرة كان عليها أن ترى بعينيها كيفية تأثير التغير المناخي على بلادها إذ شهدت ألمانيا ‏سلسلة من الكوارث الطبيعية التي نسبت إلى التغير المناخي.‏

الجائحة: في العامين الأخيرين من حكمها، واجهت ميركل سابع الأزمات وبدت فريدة من ‏نوعها،فلم تشهد ألمانيا جائحة منذ عقود طويلة. استغرقت ميركل بعد الوقت حتى تتبين طريقها ‏للتعامل مع الأزمة، وكانت سياستها تقوم في البداية على حماية الأرواح حتى لو كان ذلك على ‏حساب الحريات، وهو ما أغضب البعض، خاصة القوى اليمينية.‏

وتميزت ميركل في هذه المرحلة بأنها صارت تتواصل مع الألمان أكثر من أي وقت مضى، ‏وبلغة تخلو من البيروقراطية المملة.‏

وقالت مجلة "ديرشبيغل" إن ميركل ظهرت ضعيفة في البداية الأزمة، وخاصة أنها كانت بالكاد ‏قادرة على إقناع حكام الولايات باتباع نهجها، ووصلت إلى مرحلة صعبة حددت فيها بالاستقالة، ‏مع مرور الوقت تحسن أداؤها كثيرا في مواجهة الجائحة.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

25 أيلول 2021 22:56