4 شباط 2022 | 13:55

أخبار لبنان

‏ هزّي يا نواعم ‏

مازن عبود – النهار ‏




كرونوس عند الاغريق خصى وقتل والده أورانوس. فصار الابن حاكم الكون ‏ومؤسس العصور الذهبية. تزوّج ريا. خوفه من ان يقتله أحد ابنائه، جعله يبتلعهم ‏على إثر ولادتهم. لكن ريا استطاعت انقاذ مولودها الأخير زيوس، واعطته بدلا ‏عن الرضيع حجراً مقمطاً، فابتلعه. وكبر زيوس في مغارة الى ان كبر، وانتصر ‏على كرونوس. واجبره على تناول شراب فأخرج من جوفه كل ما ابتلع. ووضع ‏الحجر في المعبد كي يُقَدس البشر.‏

اعتبر البنك الدولي في تقريره الأخير "الانكار الكبير" إلى أن الكساد في لبنان ‏متعمّد ومن تدبير قيادات النخبة التي تستأثر بمنافع الدولة الاقتصادية. ونعى ‏‏"نموذج التنمية الاقتصادية للبنان الذي ازدهر بفضل تدفقات وافدة كبيرة لرؤوس ‏الأموال ودعم دولي في مقابل وعود بإجراء إصلاحات". ‏

الناتج المحلي انكمش الى حدود 21.8 مليار دولار أميركي في 2021 مقارنة ب ‏‏52 مليار دولار أميركي في 2019. وتعطلت الدولة ومعها تراجعت الجباية ‏والإيرادات إلى النصف.‏

تعدد أسعار الصرف وسيلة النخبة الحاكمة لتحميل المودعين الخسائر بدون اكلاف ‏شعبية. ‏

وحده وزير الطاقة يحتلّ الشاشات، يغتال الوقت، ويمتعنا بشكل شبه يومي بحكايا ‏ومغامرات كهربائية واطلالات. كم كنّا نتمنى ان يتم استنباط وسائل لاستخراج ‏الطاقة من الكلام والسلام والزيارات! الا انّ زيادة ساعات التغذية للأسف يحتاج ‏الى اعتمادات وتمويل. وتمويل البنك الدولي يلزمه قرارات برفع التعرفة فتصير ‏أسعارها تغطي اكلاف الإنتاج بالحد الأدنى مع مطلب بوقف التعديات كي لا يحمل ‏الاوادم اكلاف التعديات على الشبكة التي تجاوزت المخيمات والمحرومين، الى ‏النازحين. وهذا غير متوفر اليوم على أبواب الانتخابات التي تبان فيها عجائب من ‏هم فوق على من هم تحت، لتجديد تسلطها. ومن "آمن بالحجر يبرأ". ‏

بلد لم يستفد كثيرا من الازمة الا لإعادة تصدير الشاي المدعوم مع الكبتاغون. ‏واشغال الناس في تقنيات “‏cut and paste‏” للوائح وزارة الخارجية للطلاب ‏المستفيدين من منحة الريجي. التهم غالبية المستوردين - الموردين والمهربون ‏أموال اخضر الدعم ويباس الفقراء على ضوء رشد السياسات. والوسيلة المثلى ‏لإفقار الشعب هي الشعب. نطعمه ابرة رفض الكابيتول كونترول لجني مسلة ‏استنزاف ودائعه وتحميله الخسائر. فنحمي رأسمالنا وارباحنا بالتدرج. ‏

‏"الانكار الكبير" اعتبر بانّ القطاع الخارجي فشل في الاستفادة بشكل كاف من ‏زيادة تنافسية الأسعار كي يصير المحرك الأكثر قوة للنمو. وكيف يستفيد أصلا؟

فتنمية الصادرات يحتاج الى مناخات والمناخات يصنعها قادة يستثمرون في البنى ‏التحتية، وسياسة خارجية تهدف الى تحفيز النمو وتأمين الاستقرار الداخلي، وبيئة ‏سياسية ومؤسسية. وهذا حجر المعبد الذي يلزم.‏

وكان بو هيثم يخطب في الرفاق احتفاء بخسارة الولايات المتحدة لفيتنام، ويرسم ‏من على البرميل العالم الجديد. فداهمته امرأته سائلة عن فلوس لشراء زيت لطبخة ‏المجدرة. فتفاجئ وسقط في النفايات. قد ينتصر هذا المحوّر ومعه هذا الفريق. لكن ‏كيف تثمر الانتصارات لإعادة من هاجروا ولإطعام الفقراء، هل نستطيع تثمير ذلك ‏لتفعيل السياحة وجعل البلد أكثر جاذبية لإعادة الاستثمارات؟ ‏

المشكلة بأنّ حتى الانتخابات ما عادت تهم الا قليلا. فالأرقام وجهة نظر في بلد ‏يتكئ ساسته على كراس من صنع معادلات خارجية. ‏

وسنبقى نبحث عن ريا التي ستلد زيوس الذي سيغلب ابيه ويجبره على اخراج كل ‏ما التهمه من جوفه. وبالانتظار نغني مع عصام رجي كلمات ميشيل طعمة بلحن ‏فريد الأطرش : "هزي يا نواعم خصرك الحرير".‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 شباط 2022 13:55