مازن عبود – النهار
كرونوس عند الاغريق خصى وقتل والده أورانوس. فصار الابن حاكم الكون ومؤسس العصور الذهبية. تزوّج ريا. خوفه من ان يقتله أحد ابنائه، جعله يبتلعهم على إثر ولادتهم. لكن ريا استطاعت انقاذ مولودها الأخير زيوس، واعطته بدلا عن الرضيع حجراً مقمطاً، فابتلعه. وكبر زيوس في مغارة الى ان كبر، وانتصر على كرونوس. واجبره على تناول شراب فأخرج من جوفه كل ما ابتلع. ووضع الحجر في المعبد كي يُقَدس البشر.
اعتبر البنك الدولي في تقريره الأخير "الانكار الكبير" إلى أن الكساد في لبنان متعمّد ومن تدبير قيادات النخبة التي تستأثر بمنافع الدولة الاقتصادية. ونعى "نموذج التنمية الاقتصادية للبنان الذي ازدهر بفضل تدفقات وافدة كبيرة لرؤوس الأموال ودعم دولي في مقابل وعود بإجراء إصلاحات".
الناتج المحلي انكمش الى حدود 21.8 مليار دولار أميركي في 2021 مقارنة ب 52 مليار دولار أميركي في 2019. وتعطلت الدولة ومعها تراجعت الجباية والإيرادات إلى النصف.
تعدد أسعار الصرف وسيلة النخبة الحاكمة لتحميل المودعين الخسائر بدون اكلاف شعبية.
وحده وزير الطاقة يحتلّ الشاشات، يغتال الوقت، ويمتعنا بشكل شبه يومي بحكايا ومغامرات كهربائية واطلالات. كم كنّا نتمنى ان يتم استنباط وسائل لاستخراج الطاقة من الكلام والسلام والزيارات! الا انّ زيادة ساعات التغذية للأسف يحتاج الى اعتمادات وتمويل. وتمويل البنك الدولي يلزمه قرارات برفع التعرفة فتصير أسعارها تغطي اكلاف الإنتاج بالحد الأدنى مع مطلب بوقف التعديات كي لا يحمل الاوادم اكلاف التعديات على الشبكة التي تجاوزت المخيمات والمحرومين، الى النازحين. وهذا غير متوفر اليوم على أبواب الانتخابات التي تبان فيها عجائب من هم فوق على من هم تحت، لتجديد تسلطها. ومن "آمن بالحجر يبرأ".
بلد لم يستفد كثيرا من الازمة الا لإعادة تصدير الشاي المدعوم مع الكبتاغون. واشغال الناس في تقنيات “cut and paste” للوائح وزارة الخارجية للطلاب المستفيدين من منحة الريجي. التهم غالبية المستوردين - الموردين والمهربون أموال اخضر الدعم ويباس الفقراء على ضوء رشد السياسات. والوسيلة المثلى لإفقار الشعب هي الشعب. نطعمه ابرة رفض الكابيتول كونترول لجني مسلة استنزاف ودائعه وتحميله الخسائر. فنحمي رأسمالنا وارباحنا بالتدرج.
"الانكار الكبير" اعتبر بانّ القطاع الخارجي فشل في الاستفادة بشكل كاف من زيادة تنافسية الأسعار كي يصير المحرك الأكثر قوة للنمو. وكيف يستفيد أصلا؟
فتنمية الصادرات يحتاج الى مناخات والمناخات يصنعها قادة يستثمرون في البنى التحتية، وسياسة خارجية تهدف الى تحفيز النمو وتأمين الاستقرار الداخلي، وبيئة سياسية ومؤسسية. وهذا حجر المعبد الذي يلزم.
وكان بو هيثم يخطب في الرفاق احتفاء بخسارة الولايات المتحدة لفيتنام، ويرسم من على البرميل العالم الجديد. فداهمته امرأته سائلة عن فلوس لشراء زيت لطبخة المجدرة. فتفاجئ وسقط في النفايات. قد ينتصر هذا المحوّر ومعه هذا الفريق. لكن كيف تثمر الانتصارات لإعادة من هاجروا ولإطعام الفقراء، هل نستطيع تثمير ذلك لتفعيل السياحة وجعل البلد أكثر جاذبية لإعادة الاستثمارات؟
المشكلة بأنّ حتى الانتخابات ما عادت تهم الا قليلا. فالأرقام وجهة نظر في بلد يتكئ ساسته على كراس من صنع معادلات خارجية.
وسنبقى نبحث عن ريا التي ستلد زيوس الذي سيغلب ابيه ويجبره على اخراج كل ما التهمه من جوفه. وبالانتظار نغني مع عصام رجي كلمات ميشيل طعمة بلحن فريد الأطرش : "هزي يا نواعم خصرك الحرير".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.