10 آذار 2022 | 21:17

أخبار لبنان

مقدمة مارسيل غانم: نحتاج رفيق الحريري ‏

مقدمة مارسيل غانم: نحتاج رفيق الحريري ‏

نحن في بلد لا يشبه البلدان، وفي دولة غائبة لا يمكن تسميتها بدولة. ‏وأصغر دمعة ‏عند عجوز محروم من الحياة ومن آخرة كريمة، أو من ‏طفل ينام جائعا رغم أن ‏أهله حرموا أنفسهم من اللقمة ليطعموه، أهم من ‏أكبر منصب يلهث وراءه ‏الطامحون.‏

إنه الانهيار الفعلي، اقتصاديا وسياسيا وسياديا وأخلاقيا وعلى جميع ‏المستويات، ‏ولا يمكن حتى إعلان لبنان دولة فاشلة، لأن العالم لا ينظر ‏إلينا إلا بعين الشفقة بين ‏الحين والآخر، وبعين الشماتة أيضا، لأن ‏اللبنانيين أنفسهم ليسوا قادرين على حل ‏أزماتهم.‏

لا تكفي ثورة لتريح الناس مما هم فيه، وهذا ما يبرر عدم التمكن حتى ‏هذه اللحظة ‏عدم تحرك الشعب من جديد، لأنه يدرك أن ما من تغيير ‏يمكن أن يحصل على يد ‏من تسبب بالأزمة.‏

أنظروا إلى الناس أين أصبحوا. تحت الجسور في الشتاء، وفي منازل ‏باردة مظلمة ‏من دون كهرباء، يضاف إليها تقنين المولدات، أنظروا إلى ‏الناس يفصلون الأسعار ‏بين متجر وآخر لأن الجوع يعوي في المنازل ‏والأطفال المحرومون من التعليم ‏بسبب الغلاء أصبحوا ينامون من دون ‏عشاء.‏

طالما أن نائبا واحدا في المقابل يضع السلاح على الطاولة ويهدد بقلب ‏المعادلات، ‏ويقحم لبنان في كل شاردة وواردة لا مصلحة له فيها.‏

نحتاج اليوم إلى رفيق الحريري أو ما يعادله، ولو أن الخيارات غير ‏متاحة، وما ‏نحتاج إليه أيضا لاستعادة مشروع بناء الدولة الذي حمله ‏رفيق الحريري هو ‏استعادة السيادة التي لا تتحقق ولو أتى مئة نائب ‏سيادي في مجلس النواب.‏

قد يكون لبعض الناس مآخذ على بعض سياسات رفيق الحريري، وهذا ‏حق، في ‏دولة ديمقراطية تعددية تحترم الاختلاف بالرأي، لكن ما لا ‏يمكن لأي شخص أن ‏ينكره أن رفيق الحريري كان صاحب رؤية ‏اقتصادية، وافقت عليها أم عارضتها، ‏كانت شاملة وتضع أسس قيام ‏الدولة بعد الحرب المدمرة.‏

ذكرى وحدة الشعب في وجه الجيش السوري، بعد الاغتيال الذي منذ ‏وقوعه هز ‏الاستقرار بكل ما فيه، واغتال رمز نهوض الدولة بعد ‏الحرب. وللمفارقة، تحل هذا ‏الأسبوع الذكرى السابعة عشرة للرابع عشر ‏من آذار، يوم انتفض الشعب اللبناني ‏للاستقلال، لكنه ما زال حتى اليوم ‏يعيش منقوص السيادة بالمعنى الفعلي للكلمة.‏

إن مصير لبنان بات بحكم الضائع في هذه المعادلة، ولم يعد بإمكاننا ‏سوى التأمل ‏بحلول سحرية أو بأشخاص منقذين آتين على بساط الأمل.‏

ولا تكفي لربطات الخبز المهددة بالانقطاع من الأفران بسبب إقفال ‏الأسواق ‏الروسية والأوكرانية أمامنا بفعل الحرب، والصيدليات تنقص ‏فيها أبسط أدوية ‏العلاج اليومي لمن يؤلمه وجع الجسم ولو بدرجة أقل ‏من وجع القلب والخوف من ‏الغد.‏

أما في يوميات المواطن، فلا شيء يعلو فوق صوت غياب العدالة. ‏سقوف السحب ‏من المصارف لا تكفي البنزين الملتهب بغلاء الأسعار ‏عالمياً.... الفرق الوحيد هو ‏أننا في زمن جمال باشا السفاح، كنا نشير ‏إلى القاتل بالإصبع، ونعرف أنه مجرم ‏حرب، أما اليوم، فيختبئ كثيرون ‏خلف الحسابات الانتخابية للتهدئة بدل الإشارة ‏إلى من قتل الشهداء منذ ‏عام ٢٠٠٥ وحتى اليوم.‏

أما جمال باشا، فنحن أمام ظاهرة أسوأ منه، في وطن يقضي فيه الأحرار ‏بالاغتيال ‏والترهيب. يقول البعض إنه لا ينقصنا إلا الجراد وجمال باشا ‏السفاح لكي تكتمل ‏مشهدية الحرب العالمية الأولى وسط تطورات العالم، ‏ولكن الجراد هو ما نشهده من ‏ممارسات سياسية رعناء أسوأ من الجراد، ‏تقضي على مقدرات الدولة، وتحوّل ما ‏فيها إلى تراب.‏

زمن الانهيار لم يترك لنا مجالا للتفاؤل بشيء، فبات لبنان يسترجع ‏مجاعة حرب ‏الـ ١٤ التي قرأنا عنها في كتب التاريخ.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

10 آذار 2022 21:17