الرابع عشر من آذار. هو تاريخ الحنين إلى وحدة وطنية تجلّت بكل أطيافها وتلاوينها يوم العبور إلى دولة كانت في غربة قسرية عن أبنائها، امتدت عشرات السنين وغُيبت عن القرارات المصيرية، بعد ان قرّر نظام الوصاية وضعها في الإقامة الجبرية إلى أن دقّت الساعة مُعلنة يوم النفير العام. ومن بوّابة الذكرى أكد اليوم الرئيس سعد الحريري أن "14 آذار ٢٠٠٥ مشروع نضال طويل نواصل تحقيقه بتثبيت الاستقرار الأمني والاقتصادي وحماية العيش المشترك وتعزيز مؤسسات الدولة ونظامنا الديمقراطي".
من نافل القول، أن ثمن الوحدة كان باهظاً ومُكلفاً جدّاً أيقظه من سباته دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. في ذلك التاريخ حملوا شعار العبور وساروا به نحو السيادة والحرية والإستقلال. كان الشعب هو القائد المُخيّر لا المُسيّر. ملايين رمت بأبصارها نحو الهدف وأقسمت "مُسلمين ومسيحيين" على تحقيق ولو جزء من الحلم على الرغم من التكلفة الباهظة التي دُفعت على مدى سنوات متتالية.
الخروج لمطالبة بالرحيل وبوقف عمليات الإغتيال كان الهدف الأوحد قبل أن يُصبحوا هم الهدف، وعلى الرغم من المصائب التي جمعتهم والمصير الذي وحّدهم، كان الفراق في بعض المراحل أمرّ من العلقم، إلّا أن روح "14 آذار" ظلّت مُحافظة على مكانتها داخل النفوس والنصوص المكتوبة بالأبيض والأحمر.
من تلك الحقبة تستعيد الباحثة الاجتماعية منى فياض عبر "مستقبل ويب" أهم ما طبعته المناسبة في الوجدان، وتقول: "هناك إيجابية كُبرى يجب الإلتفات اليها وهي أن فكرة "14 آذار" بغض النظر عن الهيكلية، ما زالت محافظة على وجودها وبقيت فكرة رفض الهيمنة المتعددة من أولوياتها، فإنطلاقة هذه الثورة كانت مناسبة نادرة لن يكررها التاريخ في حياة الشعوب سوى بلحظات قد تكون قليلة جداً".
وأشارت إلى أن "اللبنانيين نزلوا مجموعات وأفراد غير تابعين لأي تنظيم أو مذهب ليُعبّروا عن رغبتهم بتحرير أرضهم هاتفين بإسم السيادة والحريّة والإستقلال، هتافات لا تُنادي بها سوى الشعوب الحيّة والملتزمة بقضية مفصليّة".
عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب ادي ابي اللمع أكد لـ"مستقبل ويب" أن "لحظة 14 آذار هي قضية وجدانية وهي الخط السيادي الصحيح للوصول إلى الدولة المنشودة ولمواكبة التطور في لبنان ومستقبله"، لافتاً إلى أن "هذا الخط هو الشرعي وهو الحقيقة والطريق الأوحد ضد الظلم والقمع، خصوصاً وأنها الثورة التي أوصلتنا الإستقلال والسيادة والشراكة التي نحن فيها اليوم. في تلك اللحظة المليونية توحّد اللبنانيين وأظهروا أنهم ينتمون فعلاً لوطن واحد، تلك اللحظة أظهرت أننا قادرون على التأسيس للبنان الكرامة والبعيد عن السلاح غير الشرعي واستخدامه في غير مكانه ولمصالح اقليمية اقليمية".
القيادي في الحزب "التقدمي الإشتراكي" الوزير السابق غازي العريضي أكد لـ"مستقبل ويب" أن "14 آذار هي أنبل قضية لكن للأسف تخللها إدارة جاءت على عكس ما تشتهي الجماهير. لا بد من مراجعة نقدية لأن دم الرئيس الحريري وسائر الشهداء دماء غالية"، معتبراً انه إذا كانت الإرادة لا تزال في موقعها فإن الإدارة يجب أن تكون أقوى".
بدوره اعتبر عضو المكتب السياسي في "تيّار المستقبل" مصطفى علوش اعتبر لـ"مستقبل ويب" أن "14 آذار هي التاريخ الحقيقي لاستقلال الشعب اللبناني واللحظة التي توحد فيها الشعب حول رمز واحد وأمل واحد وحلم واحد. وعلى الرغم من أن جسم 14 آذار السياسي أصبح شيء من الماضي عند البعض أو ربما الجميع إلا أنها كفكفرة، ما زالت الامل الوحيد لإعادة توحيد لبنان".
أما في ما خص حزب "الكتائب اللبنانية" فقد شدد عضو المكتب السياسي سيرج داغر ل"مستقبل ويب"، على أن "المبادئ التي تحملها 14 آذار كنا حملناها منذ العام 1936، بمعنى سيادة لبنان وحياده واستقلاله والدفاع عنه في وجه أي عدو. حتى اننا كُنّا نُسمّى خلال فترات بـ"الإنعزاليين" لأننا حملنا هذه المبادئ". أما لجهة ما تحقق يؤكد أن "أهم إنجازات 14 آذار كانت إخراج النظام السوري من لبنان. الأمر الثاني هو الحقيقة التي بدأنا نتقدم باتجهاها من خلال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان".
وقال: "اليوم هناك إنتقاص واضح في سيادة لبنان نتيجة السلاح غير الشرعي، وأساس فكرة 14 آذار هي استكمال الدفاع عن السيادة وتكريس سلاح الشرعية وتثبيت دور الدولة على كافة أراضيها".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.