يقطع جابي إحدى البلديات في ضواحي صيدا يومياً عدة كيلومترات سيراً على قدميه من أجل تحصيل رسوم مستحقة للبلدية لدى اصحاب وقاطني بيوت ومؤسسات ضمن نطاقها البلدي ، ليعود آخر النهار بما تمكن من استيفائه من رسوم الى صندوق البلدية الفارغ أساساً من أي قرش بسبب الأزمات التي أحكمت خناقها على العمل البلدي بكل مفاصله وأدخلت البلديات في حالة من الشلل الكلي ، حتى كادت غلة الجباة اليومية او الشهرية تصبح الملاذ الوحيد الحالي الذي تلجأ اليه البلديات في تغطية مصاريفها ورواتب موظفيها ،والتي فقدت اكثر من نصف قيمتها الفعلية في ظل ارتفاع كلفة المعيشة أضعافاً مضاعفة.
ورغم أن كثيرين من المكلفين غير منتظمين بدفع الرسوم او هي تراكمت عليهم لسنوات بسبب الأزمة الاقتصادية ، فإن ما يجمعه الجباة على قلته ، هو فقط حالياً ما يدخل الى صناديق البلديات من أموال ، بعدما تأخرت عنها لأكثر من سنتين مستحقاتها من الصندوق البلدي المستقل ولخمس سنوات عائداتها من مؤسسات الكهرباء والهاتف وغيرها من مصالح الدولة التي يتوجب عليها دفع رسوم للبلديات التي تعمل ضمن نطاقها .
هذا الواقع المأزوم للبلديات ( الممدد لها لعام اضافي بسبب تأجيل الإنتخابات البلدية والاختيارية ) مضافاً اليه تحميلها اعباء الأزمات البيئية والحياتية وغياب المعالجات الرسمية لمشكلات مثل تراكم النفايات وانقطاع الكهرباء والمياه ولتفلت تسعيرة اشتراكات المولدات ، كل ذلك كان كافياً ليطلق اتحاد بلديات صيدا الزهراني صرخة تحذيرية أولى بإضراب واقفال لبلدياته الـ16 لمدة ثلاثة أيام ( بدءاً من اليوم الاثنين وحتى بعد غد الأربعاء ) بهدف ايصال الصوت الى المعنيين للعمل على دفع مستحقات البلديات من الصندوق المستقل وأيضا عائداتها من الهاتف العادي والخليوي لأن " فاقد الشيء لا يعطيه " على حد قول أحد رؤساء البلديات!.
والتزمت البلديات الـ16 وفي مقدمتها بلدية صيدا- رئيسة الاتحاد بالاضراب ، فاوصدت ابوابها الخارجية والداخلية ، ورفعت على مدخل مبنى القصر البلدي للمدينة ملصقات كتب عليها كلمة " اضراب ".
ووزع المكتب الإعلامي لبلدية صيدا بياناً ذكر فيه بمطالب الاتحاد التي أعلنها رئيسه المهندس محمد السعودي خلال مؤتمر صحفي عقده الاسبوع الفائت في بلدية صيدا بحضور رؤساء بلديات في الاتحاد ، والمطالب هي :
- اولاً : دفع مستحقات البلديات من الصندوق البلدي المستقل من ٢٠٢٠- ٢٠٢٢، وعائدات البلديات عن الهاتف العادي والخليوي من ٢٠١٨ - ٢٠٢٢، وهي مبالغ كبيرة غير مسددة لصالح البلديات .
- ثانياً : زيادة العائدات من صندوق البلديات لتتمكن البلديات من دفع مستحقات ورواتب الموظفين لتلبية خدمات المواطنين .وأيضا هناك حاجة لدفع زيادات للموظفين، والبلديات حاضرة لتلبية هذه الزيادات ولكن تريد مستحقاتها لتتناسب مع هذه الزيادات التي يجب أن تعطى للموظفين.
- ثالثا: المطالبة بزيادة التغذية من التيار الكهربائي.
- رابعا : تأمين المياه في مدينة صيدا وبلدات إتحاد صيدا الزهراني التي تعاني اشد العناء من إنقطاع المياه والكهرباء . وهذه مسؤولية الدولة تأمين المياه والكهرباء.
- خامسا : بالنسبة لتسعيرة المولدات التشديد على ضرورة الالتزام بتسعيرة الدولة وعلى وزارة الاقتصاد المراقبة والمتابعة ، والنيابة العامة مطلوب أن تتشدد بحق اي مخالفة وتقوم بالاجراء القانوني بحق المخالفين.
ورغم أن رؤساء البلديات غير متفائلين حتى الآن بامكانية ان يسجل هذا الاضراب اختراقاً ولو جزئياً في جدار أزمتها في المدى القريب ، الا أنهم يعتبرون أن بلدياتهم وصلت الى مرحلة لم تعد معها قادرة على الاستمرارية ، وأن الإضراب التحذيري ليس سوى دق لناقوس خطر يتهدد العمل البلدي ، وعدم التجاوب مع المطالب المرفوعة او على الأقل جزء منها سيعني ان الاضراب "التحذيري" سيتحول "مفتوحاً " لبلديات بأبواب موصدة !
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.