لافتاً كان العرض المسرحي الذي اختارت إدارة "مسرح وسينما اشبيلية –صيدا " ان تميز به احتفالاتها بعيدها الرابع ، في تجربة إنتاجية هي الأولى لها متعاونة مع المخرج الصيداوي المبدع رشيد حنينة اعداداً واخراجاً.
المسرحية الذي تحمل اسم " بالزمانات "، أقرب الى" نوستالجيا" تحكي قصة تاريخ صالات السينما في صيدا منذ اربعينيات القرن الماضي وحتى بدايات القرن الحالي ومن ضمنها " سينما اشبيلية " نفسها ، ويشارك فيها 40 شخصاً بين ممثلين وفنيين وتقنيين .
حرص المخرج حنينة وادارة " اشبيلية -صيدا " على تقديم عرض غير تقليدي من حيث الشكل والمضمون ، يبدأ منذ لحظة دخول الجمهور ويرافقهم الى صالة المسرح بلوحة تعبيرية ايمائية تفاعلية متنقلة بين مقاعد الحضور، حتى اذا اكتمل جلوسهم في أماكنهم ، توهج الماضي عبر الشاشة العملاقة بمشاهد سينمائية قصيرة من أفلام عالمية وعربية وكرتونية من حقبات زمنية متفاوتة ..
وتبدأ الحكاية ، مع شاب وفتاتين يعيشون في العام 2018 – تاريخ إعادة احياء مسرح وسنما اشبيلية صيدا – يدخلون صالة السينما المهجورة ويتبادلون الأحاديث حول ما سمعوه من أهلهم عن صالات السينما في صيدا قديماً ويقومون بذكر أسماء بعضها واماكنها في المدينة تباعا ، ليكتشفوا فجأة أن ثمة أصواتا وحركات اشخاص تصدر من خلف الستارة المنسدلة والتي سرعان ما تفتح تباعاً على حوار يدور باللهجة الصيداوية المحكية بين جيل من اربعينيات القرن الماضي وبين جيل 2018 ، الأول يحكي عن زمنه وما كانت عليه الحياة اليومية للصيداويين وارتباطهم الوثيق بالبحر وصيد السمك وبدايات صالات السينما في المدينة ، ويحضر معه تراث المدينة زياً وعادات وأسماء أماكن ، والثاني يحكي عما سيحدث لاحقاً في الزمن القادم الذي أتى منه وكيف سيكون مصير صالات السينما الاقفال و" الاختفاء" .
ويمر بينهما شريط مُمَسرح للحقبات التي تعاقبت مع ما رافقها من أحداث منها ( اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975 ، الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 ) وتجسيد رمزي لكيفية تفاعل المدينة مع تلك الأحداث انطلاقا من دورها الوطني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وفي احتضان القضية الفلسطينية، مروراً بالإشارة الى أن ثمة احداثاً ستقع في العقود التالية .. وصولا الى العام 2020 ( كارثة انفجار مرفأ بيروت ) .. وينتهي العرض مجدداً عند محطة 15 ايلول 2018 تاريخ اعادة احياء سينما ومسرح اشبيلية ..
من خلال لوحات تمثيلية متعددة المواضيع والمشهديات، القاسم المشترك بينها موضوع صالات السينما بين الماضي والحاضر، ويتخللها تجسيد شخصيات واغنيات ومشهديات فنية لبنانية ، أبدع الممثلون الشبان في أدائها، عرف رشيد حنينة وفريقه التمثيلي والفني ومعهم "إدارة مسرح وسينما اشبيلية – صيدا "بعملهم المسرحي "بالزمانات " كيف ينعشون ذاكرة السينما في صيدا ويفتحون ستارتها باتجاهين: على ماضيها وزمنها الجميل الذي لا تعرف عنه الأجيال الجديدة شيئاً فتضعه بين أيديهم ، وترفد به حاضرها الذي يتلمس احياءها من جديد بأيد وعقول شابة ومبدعة من هذه الأجيال .
المخرج رشيد حنينة وفي كلمة له في ختام العرض روى للجمهور كيف بدأت فكرة المسرحية وكيف تم التحضير والاعداد لها في وقت قياسي هو 3 أسابيع فقط . وقال" نحاول ان نعود وننتج مسرحاً في صيدا ".وشكر حنينة الممثلين والفنيين والتقنيين وكل من ساعد واشتغل في هذا العمل من كل قلبه . .
من جهتها المدير الفنية والثقافية لـ"مسرح وسينما اشبيلية – صيدا "هبة زيباوي قالت"عندما قررنا نحيي هذه الصالة منذ 4 سنوات أي في 2018 كان ذلك لأجل هذه اللحظة بالذات ، ولأجل ان نرى هذه الصالة ممتلئة ونرى شبابا وشابات موهوبين من صيدا يبدعون بكل شغف لأنهم يحبون المسرح والفن ، فشكرا لهم فرداً فرداً".
وشكرت زيباوي المخرج رشيد حنينة على هذا العمل الذي قالت انه " استطاع به أن يقدم شيئاً مميزاً ومختلفاً في عيد اشبيلية وبهذه السرعة والاحترافية والجمال".. كما شكرت الحضور وجمهور "اشبيلية " الذي رغم كل شيء لا زال يأتي ويحضر مسرحاً. لتختم بعبارة " كل عام ونحن معكم بألف خير" .
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.