8 تشرين الأول 2022 | 09:05

أخبار لبنان

لا توقيع اتفاق مع إسرائيل إلاّ بعد خروج عون من القصر

كتب عوني الكعكي:




لم أفاجأ بتصريح نتانياهو المتضمّن رفضه لأي اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، يعني اتفاق ما يسمّى «كاريش» مقابل «قانا»..

ذكّرني هذا الكلام بحديث جرى بيني وبين المرحوم الاستاذ أنيس منصور، الصحافي الكبير الذي لم يحظ بكثير من المحبّين لمواقفه السياسية المؤيّدة للرئيس أنور السادات، إضافة الى أنّ زوجته يهودية.

التقيت بالاستاذ الكبير في مدينة جدّة منذ عدّة أعوام، وبقينا بضيافة الأمير عبد العزيز بن فهد أسبوعين.

الصدفة التي جمعتني بالاستاذ منصور استفدت منها في الحصول على كثير من المعلومات من تجربته مع اليهود بمسائل التفاوض.

يقول الاستاذ منصور: إنّ الرئيس أنور السادات اختاره وطلب منه الذهاب الى القدس لينتظره هناك ويحضّر له الأمور التي تتعلق بزيارته الى القدس... ويرسل له تقريراً يومياً عما يجري داخل اسرائيل بخصوص الاتفاق.

يقول الاستاذ منصور: إنّ الاسرائيليين عندما أحسّوا بجدّية الرئيس أنور السادات في توقيع اتفاق السلام معهم بدأوا يفكرون كيف يمكن التملّص من هذا التوقيع.. لأنه في الحقيقة لا يوجد زعيم واحد في اسرائيل يرغب حقيقة في السلام... وكل الكلام عن ان اسرائيل دولة تريد السلام مع العرب والفلسطينيين هرطقة، لأن الحقيقة ان الاسرائيليين يخافون من السلام لسبب معروف، هو انه عندما لا يكون هناك عدو خارجي يجري التقاتل بينهم داخلياً... إذ ان الحرب الخارجية توحّد الموقف الداخلي وتحوّل التقاتل الى الخارج بدل الداخل، هذا أولاً..

اما ثانياً: عندما ينحشر الزعيم اليهودي، وهنا أعني أي زعيم.. وهذا كلام الاستاذ منصور، يحاول التعديل في شروط أي اتفاق والهدف التملّص من توقيع الاتفاق. والدليل على ذلك أنه بعد تحديد موعد.. لزيارة الرئيس السادات للقدس، بعث الزعماء اليهود رسالة الى الرئيس السادات يقولون فيها إنه يجب تخفيض عدد الدبابات المقترح.. كما تنص الاتفاقية وكانوا يظنون ان الرئيس السادات سوف يرفض ذلك، وهكذا يتوقف مشروع السلام وتتنصّل اسرائيل منه.

هنا لا بد من الاشارة الى ان الرئيس السادات عندما كان يُجابه بمثل هذه المواقف كان يأخذ قراره بسرعة بالقبول، ولا يترك أي مجال للأخذ والرد... وهذا ما كان يحرج القيادة الاسرائيلية، حتى وصل الامر في آخر مرّة، وبعد وصول الرئيس السادات الى المطار في اسرائيل، وهو يستعد للتوجه الى الكنيست ليلقي خطابه الشهير، تلقى رسالة تقول إنّ هناك تعديلاً ويجب أن يعطي رأيه قبل الدخول الى الكنيست، فأجاب الرئيس السادات بالموافقة من دون الاطلاع على ما جاء في التعديل. وهكذا استطاع الرئيس السادات أن يبرم اتفاق سلام مع اسرائيل، يتضمّن الانسحاب من سيناء والإبقاء على طابا لمدّة خمس سنوات مفاوضات.. حتى جاء رجل أعمال مصري ودفع ثمن الفندق في طابا كي ينسحب الجيش الاسرائيلي من آخر موقع له في سيناء.

وللعلم فإنّ من جملة العراقيل التي وضعها الاسرائيليون على المصريين هي عدد الدبابات وعدد المدافع وعدد عناصر الجيش وعدد الطائرات وعدد أفراد المخابرات.

اليوم يواجه لبنان اتفاقاً صعباً جداً لم يعتده، ولكن يبقى سؤال كبير، بعدما كان هناك تفاؤل كبير بأنّ التوقيع على الاتفاق سيكون سريعاً، جاء تصريح نتانياهو ليصعّد الأمور ويعيدها الى المربع الأول.

معلومات خاصة حصلنا عليها مفادها ان الاتفاق منتهٍ لأنّ الحرب الاوكرانية هي التي عجّلت المفاوضات، وشعرت أميركا بالحاجة الى اتفاق بين اسرائيل ولبنان لأنّ أوروبا أصبحت بحاجة الى الغاز.

انطلاقاً من ذلك كله، نريد أن نقول للجميع إنّ هامش المناورة الاسرائيلية صار ضيّقاً جداً، وإنّ القرار الاميركي قد اتخذ. أما الذين يتحدثون عن البطولات فلا مانع من تركهم يقولون ما يريدون ويوجهونه الى قاعدتهم الشعبية وذلك لتغطية فشلهم في بناء دولة، والفشل الأكبر هو في إدارة الدولة، وأيضاً فشلهم في الاقتصاد.

يبقى سؤال عن التوقيت.

يبدو ان المعلومات تفيد ان التوقيع سوف يتم في الشهر المقبل، وبعد أن يكون فخامة الرئيس في بيته في الرابية وليس في قصر بعبدا.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 تشرين الأول 2022 09:05