صحيفة النهار - بقلم : بهية الحريري*
" إنّ التجربة اللبنانية الوطنية متعددة المسارات السياسية والإقتصادية والتشريعية والثقافية والتربوية والإبداعية وهناك العديد من الشخصيات الذين دخلوا تلك المجالات وغادروها دون أن يتركوا الأثر العميق، وهناك قامات كبيرة في كافة المجالات الذين تركت بصماتها وأثرها وكتبت صفحات بيضاء أغنت التجربة الوطنية اللبنانية وتلك القامات أصبحت في أساس إستمرارية هذه التجربة الوطنية اللبنانية العميقة، وهم يشكلون رافعة دائمة وحقيقية في مواجهة تحدياتنا وأزماتنا والإستدلال بتجربتهم تساعدنا على إزالة المعوقات من أمام مسيرتنا الوطنية نحو التقدم والاستقرار .
عندما دخلت إلى الندوة البرلمانية في العام 1992 ، إكتشفت أنّ هناك العديد من القامات التشريعية التاريخية حاضرة في البرلمان ومستمرة في أثرها وتألقها التشريعي والدستوري، وعرفت أيضاً أنّ تلك الأسماء باقية ما بقيت الحياة الديمقراطية في لبنان وأنّ وجودها واستمراريتها غير مرتبط بموقعها أو بوجودها داخل الندوة البرلمانية .
وكان الرئيس الراحل الفقيد الكبير دولة الرئيس حسين الحسيني يمثل في الندوة البرلمانية أحد تلك الرموز الاستثنائية التي أغنت التجربة الوطنية الدستورية والتشريعية وعلى خطى كبار القامات التي أسست لتجربتنا الديمقراطية الوطنية رغم ازماتها وتحدياتها. وبقي دولة الرئيس الحسيني رغم مغادرته الندوة البرلمانية حاضراً بامتياز في الحياة التشريعية واحترام الأصول الدستورية .
ومع غيابه اليوم ، نستذكر مسيرته البرلمانية التشريعية المميزة على مدى ما يقارب نصف قرن من الزمن نائباً ورئيساً لمجلس النواب . وإنّ لبنان اليوم يخسر بغيابه أحد كبار الشهود على عمق الإرادة الوطنية بالعيش المشترك والإرادة الصلبة في تأصيل قواعد الانتظام والسعي الدائم لجعل الوفاق الوطني والوحدة الوطنية حقائق ثابتة وفاعلة وليست مجرد رغبات وشعارات .
وإّنا نفتقد أيضاً اليوم إلى دولة الرئيس الحسيني الإنسان، تلك الشخصية المميزة الذي إستطاع أن يميز بين المواقف السياسية والعلاقات الإنسانية الطبيعية ، وإنّ أي اختلاف سياسي أو تباين في الآراء ما كان عنده ليفسد في الود قضية او ليغير أي شيء في الصداقات والعلاقات الإنسانية . لبنان اليوم يخسر إنساناً كبيراً وقامة تشريعية وأحد أعلامه الدستورية التاريخية ".
* نائب سابق ورئيسة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.