4 تموز 2023 | 14:51

أخبار لبنان

القصيفي في مؤتمر "أمل" الاعلامي: لا وجود لثقافة الحوار والتحليل السياسي إلا في ظل الحرية

القصيفي في مؤتمر

المركزية - شارك نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر الاعلامي الأول الذي إقامه المكتب الاعلامي المركزي لـ"حركة امل" في فندق الريفييرا، تحت عنوان "دور وسائل الاعلام اللبنانية في بناء الخطاب السياسي الايجابي". وكانت للنقيب القصيفي مداخلة في المحور الذي تناول موضوع:" ثقافة الحوار والتحليل السياسي" وفيما يأتي نص المداخلة:

"لست أدري لماذا إختار منظمو هذا المؤتمر " ثقافة الحوار والتحليل السياسي" عنوانا لهذا المحور. وما هو سر التلازم بين الأمرين. لكنه يعني بطبيعة الحال الحياة السياسية بمفهومها الاشمل، وغايتها الابعد. وارى شخصيا ألا وجود حقيقيا للثقافة والحوار والتحليل السياسي إلا في ظل الحرية التي من دونها تبقى هذه الكلمات فارغة من مضمونها. في الانظمة الشمولية والدكتاتورية لا ثقافة، ولا حوار، ولا حتى تحليل سياسي خارج المكعبات الفكرية التي تحددها الاطر الرسمية. فتصبح كل هذه العناصر مجتمعة في خدمة المشروع السلطوي بكل تفاصيله.وهذا المبدأ ينطبق على الانظمة اليمينية واليسارية معا. على أن غاية الحواروالتحليل السياسي هو صناعة الرأي العام.

والثقافة في القراءة السياسية هي ألاطلاع، وفهم التاريخ واحداث والجغرافيا الطبيعية والسياسية، والحضارة على إختلاف منابعها ونوعها، والقدرة على اسقاطها على الواقع الراهن وربطها بالوقائع والوقوعات التي تقتحم المشهد العام بصورة غير متوقعة او متوقعة.وإن عالم الاعلام محكوم بفعل الثقافة، والثقافة اشعاعوأن لا حضور لها، ولا تأثير من دون تقبل الديموقراطيةالتي توفر فرصة الثقافة. كما فرصة فهم واقع الجغرافية وحركة التاريخ. والثقافة تعود المرء على توسل الحوار سبيلا إلى التواصل مع آلاخر، والتمكين من نسج علاقات تقوم على فكرة قبول إلاختلاف. فالاخر هو اناوأنا هو الآخر.وفي يوميات الانسان،وسياق النظم السياسية، لا يمكن للحوار أن يستقيم إلا ضمن هذا المفهوم الذي يعني قبول آلاخر وتوازن المعايير".

أضاف: "وهذه أمثلة في موضوع الحوار:

- الحوار الناجح: المصالحة التاريخية بين الزعيمين الفرنسي والالماني شارل ديغول وكونراد اديناور على اثر الحرب الكونية الثانية.

- إتفاق الرئيس الفرنسي فرانسوا ميران والمستشار الألماني هيموت كول في شأن اعتماد وحدة نقد مالية موحدة لدول الاتحاد الاوروبي، وهي العملة المعروفة باليورو.

أما من الأمثلة عن وجهة النظر الأحادية:

- الكتاب الاحمر الذي يضم افكار ماو تسي تونغ ومداولاتهوالذي اعتمد كاساس،وقاعدة للثورة الثقافية التي أطلقها ،بصرف النظر عن التقييم المتناقض لهذه الثورة. .

وهناك حوار المصالح:

- الانفتاح الأميركي على الصين في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون.

- السقوط البريطاني في الهند الذي نتج عنه انهاء الاستعماروقيام معادلة: الاستقلال مقابل العلاقات المميزة بين الدولتين.

- العلاقات بين الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون والزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف.

وحوار العنف:

- الحرب بين الولايات الشمالية والجنوبية في الولايات المتحدة الاميركية والتي انتهت بتحرير العبيد.

- إسرائيل وفرضها الاستيطان والعمل على التوسع في الاراضي الفلسطينية المحتلة،متذرعة بحق لا تملكه. - حرب الباكستان والهند والانفصال، ونشؤ دولة بنغلادش .

- حرب قناة السويس وتفاعلاتها التي أدت الى ارغام الجيشين الفرنسي والبريطاني على الانسحاب من مصر، وكان ذلك ايذانا بافول نجميهما في المنطقة العربية، وصعود نجم كل من الاتحاد السوفياتَي والولايات المتحدة الاميركية،إضافة إلى تحرير مضايق تيران".

وتابع: "من هنا ننطلق إلى التحليل السياسيالذي يجب أن ينطلق من حيث المبدأ من فهم للحاضرومحاولة لتوقع المستقبل.وفي رأيي أن هذا الأمر يحتم على الصحافي والاعلامي–بل يفرض عليه-ثقافة التواضع، كما التحصن بثقافة متنوعة وشاملة، وقراءات تمكنه من التصدي للموضوع الذي ينكب على تحليله سواء في كتاباته أو إطلالاته المذاعة او المتلفزة، او حتى في الندوات التي يدعى إليها.واني اشدد على ناحية رئيسة وهي انه لا يمكن لأي محلل سياسي إعلاميا كان او غير إعلامي، قراءة المستقبل خارج إطار التاريخ بواقعه وحيثياته الراهنة وآلاتية.

إن التحليل السياسي يستند إلى وقائع، وهو ليس ضربا بالرمل ولا هو تخيلات، أو قراءة عابرة لخطب، وبيانات،وتصريحات، واعلانات،غالبا ما تخالطها تمنيات سياسية او شخصية، وهو ما يسمى بالإنجليزية آل "WISHFUL THINKING" فالمحلل السياسي الذي لا يأخذ في الاعتبار الموضوعات الحسية ووقائع الارض،ويستقريء الحدث إنطلاقا منها،يكون مجرد عراف يجيد التكهن ليس اكثر. وللاسف فإن نسبة غير قليلة من المحللين، أو يقدمون أنفسهمبهذه الصفة في وسائل الاعلام،هم إلى العرافة والكهانة أقرب. وربما مرد ذلك إلى عدم القدرة على التفريق بين الموقف والتحليل. باستطاعة المرء أن يجاهر بموقف ويحسن الدفاع عنه وأن يقنع آلاخرين به، لكنه موقف وليس تحليلا. فالتحليل السياسي يجب أن يرتكز إلى المقومات آلاتية: - معرفة الحدث موضوع التحليل معرفة جيدة والاحاطة به إحاطة تامة.

- معرفة البيئة الجغرافية والبشرية لمكان الحدث وتاريخ هذه البيئة وارتباطها بمحيطها.

- الإفادة مما كتب ومن التصريحات والبيانات التي صدرت حول الحدث من المعنيين به مباشرة، وذلك لتسهيل استقرائه من كل جوانبه.

-إمتلاك مفاتيح اللغة المعتمدة في التحليل، لاضفاء الدقة على المقاربة،واجتناب الالتباس الذي يتسبب به سؤ استخدام التعابير.

- عدم الجزم وايراد الخلاصات الحاسمة في ختام التحليل، خصوصا اذا كان الحدث مفتوحا على تطورات ومتغيرات ومفاجآت".

وختم: "مما تقدم يتبين كم هو ملح أن تكون ثقافة الحوار هي المحرك الرئيس لكل نشاط عام، خصوصا ما يتصل منه بالسياسة، وأن تكون الثقافة الشاملة المدعمة بالجنوح الدائم إلى الحوار، كوسيلة فضلى للتواصل مع آلاخر المختلف، لكي يكون التحليل السياسي ذا دور كبير في إيضاح الاحداث والوقائع، ومحاولة افهامها للرأي العام بأسلوب مباشر ومبسط، لا يزيدها غموضا وارباكا كما نجد لدى بعض الذين يشطحون ويخلطون حابل الممكن بنابل المستحيل، ويفلتون العنان لمخيلاتهم . فلا ثقافة من دون حوار. وأن ثقافة الحوار القائمة على المعرفة والفهم، هي التي تثمر تحليلا سياسيا سليما يركن إليه".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 تموز 2023 14:51