5 نيسان 2019 | 00:00

كتب أسعد حيدر

ثورة ٢٢ فبراير إلى أين؟ 

ثورة ٢٢ فبراير إلى أين؟ 

استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد وفاته "السياسية" كشفت علناً ولأول مرة في الجزائر، وجود "أجنحة" في السلطة وأنها تتصارع فيما بينها على كل شيء. من حظ الجزائر والجزائريين أنّ عملية وضع خطوط حمراء لهذا الصراع حتى يبقى مدنياً ولا يتعسكر تبدو في صلب الحراك الشعبي وحتى في ممارسات الجنرالات. الجميع لا يريد أن يلدغوا من "أفعى العشرية السوداء" التي سقط خلالها حوالي مائتي ألف قتيل فكيف إذا تكررت الآن وسط "كرات النار" المتدحرجة من كل الجهات؟ 



أبرز حدث إلى جانب المظاهرات المليونية السلمية، الظهور العلني لتنظيم "الضباط الناقمون" والذين أصدروا بياناً حذروا فيه القيادة، أي عملياً الجنرال قايد صالح رئيس الأركان ونائب عبد العزيز بوتفليقة بصفته وزيراً للدفاع، من "خديعة التضحية من أجل المصالح العليا للوطن". وفي هذه الدعوة التحذير من شلة بوتفليقة التي عمادها شقيقه سعيد بوتفليقة وابن شقيقته كريم بن منصور الذي يتولى الحرب الاكترونية على المواقع الاجتماعية عبر شركته الضخمة في "حي الحيدرة". الترجمة العملية والميدانية لهذا التحذير كانت: 



   • غضب علني للجنرال صالح من تحركات للبعض لتطويق الحراك الشعبي. وما لم يصرح به الجنرال علناً تسرّب عبر المواقع الاجتماعية وبعض الصحف وهو اجتماع سعيد بوتفليقة مع الجنرال محمد مدين (الجنرال توفيق الذي تولى الأمن السياسي طوال ثلاثين عاماً واعتبرت إقالته من أهم إنجازات بوتفليقة لأن لا أحد في الجزائر كان يجرؤ حتى على تسميته) مما اعتبر محاولة لتحريك القوى التي تريد تطويق الحراك الشعبي وضربه تمهيداً لإعادة الجزائر إلى الوراء.  



  • إلقاء القبض على رجل الأعمال علي حداد وشريك سعيد بوتفليقة وهو يحاول الهرب بعد أن منعت طائرته الخاصة وعشر طائرات يملكها رجال أعمال آخرون من التحليق، وقد حول فوراً إلى النائب العام، كما جرى تسريب خبر توقيف سبعة رجال أعمال آخرين على ذمة التحقيق وقد نشرت بعض الصحف أسماءهم . مجرد حصول هذه التوقيفات يعني ضرب "اللوبي المالي" للنظام الفاسد مما يشكل خطوة متقدمة للتغيير…  



•  إقالة الجنرال سعيد طرطاق مسوؤل جهاز الأمن والمقرب من سعيد بوتفليقة. مما يعني متابعة قصقصة أجنحة النظام البوتفليقي الذي يديره عملياً شقيقه سعيد ورجال أعمال وبضعة جنرالات. 



 • يشهد الحراك الشعبي الجزائري حملة شعارات غير مسبوقة في دلالاتها وفي عمق الثقافة السياسية للشباب الجزائري، من ذلك: رفضاً للمادة ١٠٢ التي نادى بها الجنرال صالح في البداية والتي تتعلق بشغور موقع الرئاسة فظهر شعار: الرقم ١٠٢ لم يعد في  الخدمة الرجاء الاتصال بالشعب لتحديد الرقم الصالح "… "حذار من تحويل الحراك إلى كرنفال"… الجنرال صالح وبوتفليقة والعلاقة بينهما: "قربك نار …بعدك نار" وقد أضاف الجنرال صالح المادتين ٧ و٨ وتنصان على أن "الشعب هو مصدر السلطة".



يتبارى كثيرون في تحديد هوية الحراك الشعبي وتتراوح هذه بين وضعه في خانة "الربيع العربي" مما حرك القلق الجزائري من تكرار استيلاء "الإخوان المسلمين" على السلطة كما في مصر… أو حراك أوروبا الشرقية على غرار حركة Soldarite في بولونيا ومن ثم الاعتماد على تدخل أو دعم قوى خارجية في ظل تنافس مكشوف بين فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، علماً أنّ روسيا ليست بعيدة عن هذا التنافس خصوصاً وأنّ عدداً كبيراً من الجنرالات هم من خريجي معاهدها العسكرية… 



ما تريده مختلف الفئات المشاركة في الحراك والذي انضم إليها مؤخراً في حدث غير مسبوق "الجسم القضائي"، أن تنتج ثورة ٢٢ فبراير كما أطلق مؤخراً على الحراك الشعبي: قيام "الجمهورية الثانية" المتحررة من مراكز القوى التي أفقرت الجزائر الغنية بعد أن سرقت أموالها في عمليات فساد وإفساد لعل من أبرز وقائعها ما عرف بقضية "لو بوشي" أي اللحام الذي تبين أنه، وهو الأمي، قد أصبح مليارديراً بالتعاون مع جنرالات ألقي القبض عليهم في البداية ثم أطلق سراحهم، وان يجري العمل بسرعة لتحريرها من الصدامات الخارجية… 



 السباق مفتوح بين النجاح وقيام "الجمهورية الثانية"، وبين اغتيال الحراك عبر تحويله إلى مهرجان شعبي، وبين الأخطر وهو الغرق في بحر من الدماء… 


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

5 نيسان 2019 00:00