18 أيلول 2023 | 08:06

أخبار لبنان

صراع الوزير - المدير... من المعابر إلى الممرّات

نداء الوطن -جان الفغالي 





وزير الداخلية، بسام مولوي، قاضٍ، يعرف عن ظهرِ قَلب حال القضاء، ولا سيّما في الظروف الراهنة. فما الذي أدخَلَه في أتون الصراع مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان؟ وهل بحَدْسِه السياسي كان يعتقد أنه سيصل إلى الخواتيم التي يتمنّاها في هذا الصراع؟

في «الدولة العميقة» التي ما زلنا نعيش فيها، هناك أربعة أنواع من الرجال لا يمكن «الاقتراب منهم» قضائياً: رجل سياسة ورجل دين ورجل أمن ورجل قضاء. قد يكون هذا النوع من الرجال، هو الأكثر تورّطاً في ملفّات مشبوهة، ولكن أيّ ملف قاد هذا النوع من الرجال الى دائرة تحقيق أو إلى قوس محكمة؟ وإذا حصل ذلك، فإنّه كان يحصل لِماماً، ونادراً ما كان الملفّ، أي ملفّ، يصل إلى خواتيم «قضائية»، فإمّا يُطوى الملفّ، وإمّا تنتهي القضية بتبويس اللحى، وإمّا «عفا الله عمّا مضى». الحالات الاستثنائية التي مَثُلَ فيها هذا النوع من الرجال، كانت «تأديباً» أكثر ممّا هي ملاحقة قضائية، إمّا لإعادة «المؤدَّب» إلى بيت الطاعة، وإمّا لتوجيه رسالة عبره الى الجهة التي ينتمي إليها، وإمّا «لإسداء خدمات» إلى جهة تريد أن تنال من «المؤدَّب».

بعد انتهاء الحرب، شهد القضاء اللبناني هذا النوع من الملاحقات، على سبيل المثال لا الحصر، رفع الحصانة عن النائب يحيى شمص لملاحقته، ملاحقة وتوقيف الوزير شاهي برصوميان، توقيف حبيب حكيم. هذه العيِّنة من الملاحقات والتوقيفات أَدرجت مصطلح «الكيدية» في قاموس اليوميات القضائية اللبنانية.

لم يشذّ ما يحصل اليوم عمّا حصل سابقاً، كانت المناصب الرسمية، في معظم الأوقات، «جسور عبور» أو «جواز مرور» إلى مناصب أعلى: مدّعي عام التمييز، الذي ينتمي إلى الطائفة السنيّة، يطمح إلى أن يكون وزيراً أو رئيس حكومة، هذا ما حصل مع مدّعي عام التمييز السابق القاضي عدنان عضوم، الذي سمّي وزيراً للعدل، وإلى اليوم تلاحقه تسمية «القضاء العضّومي».

اليوم، مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، لم يسلم من ترداد أخبار عن طموحه أو «سعيه» لأن يكون رئيس الحكومة، ما بعد الرئيس نجيب ميقاتي. كما لا يُخفى سعي أو طموح وزير الداخلية، لأن يصل إلى السراي أيضاً. الرئيس نجيب ميقاتي «صيّادٌ ماهر»، ظهرَ أمامه «سربٌ» من ثلاث طرائد:

وزيران في حكومته يطمحان ليجلسا مكانه في السراي، ومدّعي عام التمييز. وزير الاقتصاد أمين سلام لم يُخفِ طموحَه، لذا لم يسلم من سهام الرئيس ميقاتي، أما الوزير بسام مولوي فكان «اصطياده» أسهل، لم يضغط ميقاتي على وزير الداخلية ليتيح للواء عثمان حضور الاجتماع الأمني في السراي، والهدف الثالث مدّعي عام التمييز الذي نُصِب له فخ لملاحقة عثمان، فيتمّ التخلص منه ومن طموحاته السياسية.

مهارة لعبة الرئيس نجيب ميقاتي، أنّها أصابت ثلاثة، الجامع المشترك بينهم علاقتهم الجيدة برئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، انطلاقاً من معرفتهم أنّه صاحب كلمة «مسموعة» في تسمية رئيس الحكومة العتيد، اثنان من ثلاثة منهم، يعرفان طريق اللقلوق جيداً.

ذهب الوزير مولوي بعيداً في المواجهة، هل هناك مَن أسرّ له أنّ اللواء عثمان «لقمة سائغة»؟ وهناك مَن نصحه بأن يذهب في المواجهة إلى الأخير، فعند استفحال المواجهة، رُفِعَت في أكثر من منطقة صور اللواء عثمان ولا سيّما في الشمال وفي إقليم الخروب، طلب الوزير مولوي من أحد الأجهزة الأمنية نزع الصور وتوقيف رافعيها، أحد العناصر الذي طُلب إليهم تنفيذ مهمة نزع الصور، قال للضابط: هناك صورة رُفعت على منزل النائب وليد البعريني، فهل أوقفه؟

بين «المعابر العسكرية» خلال الحرب، و»الممرّات السياسية» خلال السِلم، يبدو أنّ سياسيين كثراً، ينتهجون سياسة «الممرّات»، سعياً للقفز إلى مناصب أعلى، من دون احتساب «الدعسات الناقصة»، من جهة، والأفخاخ المنصوبة، والألغام المزروعة، من جهة ثانية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

18 أيلول 2023 08:06