وكأنه لا يكفي صيادي الأسماك في مدينة صيدا ما يعانوه من أوضاع معيشية وحياتية بالغة الصعوبة جراء الأزمات المتلاحقة ولا سيما الأزمة الاقتصادية التي طالت بتداعياتها قطاع الصيد البحري والعاملين فيه ، حتى يضاف اليها من جديد معاناتهم مع مشكلة النفايات التي تحاصر شباكهم وتتلفها وتضيع عليهم ما كانت ستحمله من خير البحر .. وهي مشكلة تتكرر في كل شتاء وبعد كل عاصفة ، وعادت لتطفو على سطح معاناتهم بعد العاصفة الأخيرة ! .
فقد فوجئ عدد كبير من صيادي الأسماك في صيدا وهم يخرجون شباكهم من البحر بعد العاصفة ، بأنها مثقلة ، ليس بما كانوا ينتظرونه من رزق وثمار البحر ، وانما بكميات كبيرة من النفايات بدلأً من الأسماك ، فكانت حسرتهم مضاعفة أولاً لأنهم عادوا من رحلة الصيد الأولى بعد العاصفة بلا غلة يومهم التي يعتمدون فيها على تأمين قوت عائلاتهم ، وثانياً لأن شباكهم التي أتلفتها النفايات لم تعد صالحة للصيد وبالتالي بات عليهم شراء أخرى جديدة وهي باتت مكلفة.
"في الماضي كان هناك من يعوض او يساعد الصيادين اذا ما أصيبوا بنكسة او خسارة بسبب العواصف" – يقول نائب رئيس نقابة صيادي الأسماك محمد بوجي لـ" مستقبل ويب" – لكن اليوم فمن الذي يعوض عليهم ومن يخفف عنهم ما يتحملوه من أعباء ، ويقول " نحنا متروكين ولا حدا عم يساعدنا .. وما فيه لا تقديمات ولا اي دعم .. واذا ما مرض حدن منا او من ولادنا بدنا نبوس ايدين واجرين لندخل مستشفى .."!.
ويتابع " فيه مشكلة نفايات بالمدينة والنفايات اللي بتعلق بشباك الصيادين معروف مصدرها ووكيف عم توصل عالبحر . فيه مكب بمنطقة سينيق منو عم تجي النفايات وعم تنزل او ترمى بالبحر " .
ويطالب بوجي البلدية بوضع حد لهذه المشكلة لرفع الضرر عن الثروة السمكية وعن مصدر رزق مئات العائلات التي تعتاش من الصيد البحري ، كما يطالب بالتعويض على الصيادين المتضررين او مساعدتهم في تأمين كلفة شراء شباك جديدة بدلاً من تلك التي أتلفتها النفايات .
ويشير الصياد سليم وهبي الى أنه "بسبب العاصفة الأخيرة كبر البحر وسحب كميات كبيرة من النفايات من المكب في منطقة سينيق ، فعلقت بشباك الصيادين ، التي كما ترون لم تعد صالحة للصيد بعدما تلفت . ونحن لا نملك القدرة المادية على شراء شباك جديدة لأنها أصبحت غالية الثمن ، والصياد الذي لا يملك شباكاً بماذا يصطاد ؟ . وكيف يؤمن لقمة عيشه وعيش أسرته .نريد حلا لأزمة النفايات التي أصبحت تشكل تهديداً لمصدر رزقنا .. ونطالب بالتعويض علينا ما لحق بنا من خسارة كبيرة" .
ويقول الصياد جمال سنبل " ان البحر بالكاد " يطعمي حالو " .. أي أن رزق الصياد كل يوم بيومه وغلته بالكاد تكفيه لتأمين قوت يومه ، فكيف اذا عاد خالي الشباك الا من النفايات التي تؤدي الى تلفها؟ كيف يعيش ؟. ووهو غير قادر على شراء شباك جديدة !. مطالباً بمساعدة "الصيادين المعترين" .
ويذكر الصياد احمد بوجي أنها ليست المرة الأولى التي يصاب بها صيادو الأسماك بهذه الخسارة الكبيرة بسبب مشكل النفايات التي تسقط في البحر وتحملها الأنواء الى شباكهم بعد كل عاصفة ، وبدلأ من السمك نصطاد " تنك ونايلون وزبالة "!. والشباك صارت بتكلف " بلاوي " ، فـ" شقفة الشبك" بـ 15 دولار و20 دولاراً وكيلو الرصاص ( وهو جزء من مكونات الشباك ) صار بـ400 الف ليرة بعدما كان بألفين . وكذلك الفلّين اصبح غالي الثمن على الصياد.
لكن مشكلة تضرر شباكهم بنفايات تسقط في البحر ليست وحدها التي تؤرق صيادي الأسماك في صيدا ، فرصيف مينائهم - حيث ترسو مراكب الصيد وتحتمي ابان العواصف وحيث تفرد شباك الصيد وتنظف بعد كل رحلة صيد – هو الآخر ، تتناثر على طوله وتتجمع في اكثر من مكان منه نفايات تلقى من على الطريق البحرية المحاذية له، الى جانب ما يتجمع عند مدخله من مياه آسنة ، ولا من يهتم بتنظيفه - بحسب ما يشير الصيادون .
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.