اوكسيجين النهار – مازن عبّود
من الجيّد اقرار موازنة بنسبة عجز صفر نظريا. فنفاد أموال حقوق السحب الخاص تحد كبير. وثمن ذلك خفض الانفاق وزيادة ضرائب غير متناسبة يتحمّلها من يفترض تحفيزهم للبقاء. كلفة سياسات من هم في القرار يتحملها من هم على هامشه.
من الجيّد وضع أسس إجراءات تستهدف من حقق مكاسب غير مشروعة خلال الأزمة المالية، لكن هل انّ هذه الوسائل تضمن تحقيق الأهداف، اما انها تؤدي على عكس ذلك الى اضطراب الأسواق وتحميل المستهلك أعباء جديدة؟
من الجيّد البدء بتوحيد سعر الصرف وبناء موازناتنا بشكل يتلاءم مع واقع الحال ويمنع سوء استخدام هوامش تفاوت أسعار الصرف للدولار الأمريكي الذي هو واحد، أحد.
اراد المشرع تخفيض احتياطي الموازنة من 880 مليون دولار الى 330 مليون دولار، فقلل النفقات لخفيض الضرائب ومنع الانفاق التعسفي بتقليص هوامش الحكومة ووزير المال. لكنّ هذا أدى الى اضعاف قدرات الدولة الشحيحة على مواجهة التحديات المرتقبة لتداعيات الصدمات الجيوسياسية والطبيعية التي تتضاعف في منطقة تغلي وعالم متوتر.
الدولة في لبنان تصغر وتتقلص. موازنة 2024 تقدر ب3.3 مليار دولار وتتألف من 86% من نفقات تشغيلية هي تحت الخط اللازم لتمويل إدارات لن تعمل او ستعمل قليلا في ظل ما يتقاضاه موظفوها، وفي ظل عدم إمكانية اجراء إصلاحات بنيوية تضمن الترشيق والتفعيل وزيادة الرواتب لتعكس قيمة الإنتاج الفعلي للموظف في العمل. وقد أتت مبادرة المشرّع بالغاء بدل الخدمة السريعة كي تضمن تعطيل الإدارات بما فيها العقارية.
ثمة ضرورة لتفعيل السوق العقارية التي تشكل اليوم الوجهة الوحيدة لاستقطاب أموال المنتشرين في ظل تعثر النظام المصرفي. ثمة درجات من عدم الكفاءة والتناسب في السوق جراء اقرار بعض القوانين تلزم أحيانا في الاقتصاد لمعالجة أزمات أكبر. فواضعوا السياسات المالية ينظرون عادة الى الربح الصافي لسياساتهم مقارنة بالكلفة وليس الى الكلفة لوحدها، وهذا ما أهمله المشرّع. كلفة شلل إدارات مثل العقارية والنافعة مقلق. ولا تعالج أسباب الشلل الناتج عن تقزيم تثمين قيمة الإنتاج الفعلي للموظف المنتج الا بتدبير مالي يضمن التعويض عليه بما يتناسب مع عمله دون إضافة اعباء على الخزينة. الشعبوية وبيع الناس اوهاما لا يخدم بلدا. لو انّ في البلد رئيس جمهورية وحكومة غير مستقيلة، لكان الوضع مثاليا لترشيق الإدارة وعصرنتها واهمال التدبير، لكن هذا غير متوفر اليوم. ثمة ومضة تظهّرت بعيّد إقرار الموازنة، مفاعيل تعميم حاكم المركزي الاخير تتخطى 150 دولارا شهريا كي تعيد الدولرة الكاملة الى الودائع العالقة، بانتظار خطة نهوض.
النفقات الاستثمارية لموازنة 2024 شحيحة بحدود 9%، وهذا طبيعي في ظل استحالة تمويل الانفاق الاستثماري لتطوير البنى التحتية والمشاريع وانتفاء إمكانية الاقتراض داخليا وخارجيا. الموازنة تعكس موتا سريريا للدولة لكن هذا الواقع الذي يجب البناء عليه للخروج من الازمة.
موازنتنا محاسبية، نأمل ان تصير وسيلة لتصحيح اختلالات السوق وضمان حسن توزيع المكاسب والاكلاف الخارجية بشكل متناسب، وهذا ترف حاليا في الانهيار. تاريخيا موازناتنا ما عكست واقعنا ولم تهدف لجعل صافي الربح الخاص موازيا لصافي الربح الاجتماعي بل العكس...
من الجيّد انّ موازنة2024 صفّرت العجز نظريا للجم الانهيار. لكنها ما اوجدت وسائلا مالية لعودة الموظفين الى اداراتهم لضمان استدامة استعادة السوق صحته، مما يعطل تعافي الاقتصاد. المطلوب خطة تعيد انتظام العمل الحكومي والمصرفي والمالي وتترجم موازنات وليس العكس.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.