لأنها التاريخ والهوية والتراث والقضية ، ولأن العالم اليوم في زمن فلسطين ، يضبط ساعاته منذ السابع من تشرين الأول/ أوكتوبر 2023 على توقيت القدس وغزة وجنين ورفح والجليل ، يحافظ التراث الفلسطيني على مكانته ويستعيد وهجه.. جسر تواصل بل ارتباط بين الآباء والأبناء والأحفاد جيلاً بعد جيل وبين أرض الأجداد على أمل ذات عودة ..
في أكثر من ركن وواجهة من مركز "artistine Palestinian Designs " للتراثيات في محلة الفوار في صيدا ، حيث يتوزع التراث الفلسطيني بأشكال ومواد مختلفة ، مشغولاً بأياد فلسطينية مهرة ، ومن سيدات وفتيات يصنعن من تميزهن بهذا المجال قصص إبداع تجسدت في تحف فنية وتراثية ، تبدأ بأفكار يروينها بحبهن لفلسطين وتعلقهن بأرضها وتراثها ، تطالعك وسط مجموعة من المشغولات الحرفية التراثية عبارة تقول " على هذه الأرض ما يستحق الحياة " وهي عنوان قصيدة شهيرة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش
ولعل أكثر ما أخذت هذه العبارة مكانها الطبيعي بين هذه المعروضات ، كان توسطها وخارطة فلسطين إطاراً تراثياً مشغولاً يدوياً ، وكأن بهذه القطعة الحرفية وما تحتويه عبارة ورسماً ، تختصر كل ما ترمز اليه تراثيات هذا المركز الذي تحقق به مؤسّسة ورئيسة "جمعية زيتونة للتنمية الإجتماعية " زينب جمعة تحقيق حلم حالت دون ان يبصر النور سابقا جائحة كورونا ومؤخراً العدوان الوحشي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني . لكنها لم تتوقف عن متابعة العمل على تحقيقه ، مستعينة أيضاً بمهارة نساء فلسطينيات يجدن الحياكة وتطريز التراثيات ذات الصبغة الفلسطينية.
تقول جمعة : كان هدفي من المشروع استحضار التراث الفلسطيني في حياتنا وبشكل يومي ودائم لأننا من خلال ذلك نتمسك بتراثنا الذي يشدنا الى جذورنا وبانتمائنا للقرى والمدن الفلسطينية ، أرض الآباء والأجداد ولكل فلسطين، لتعريف أبنائنا بها ، ولنرد بذلك على صاحبة المقولة الصهيونية "الكبار يموتون والصغار ينسون" !.. فنقول : كبارنا وقبل الرحيل زرعوا حب فلسطين في أبنائهم ، وها نحن ذا نكمل الطريق .
والى جانب اعتبارها لهذا المشروع فعل تثبيت للهوية الفلسطينية مجسدة بتراثها ، تسعى جمعة في الوقت نفسه الى ابتكار كل ما هو جديد ومفيد للمجتمع المحيط ، ومن ذلك حرصها على تأمين فرص عمل لسيدات فلسطينيات ممن تفرض ظروفهن عليهن العمل ، أو ممن تضطرهن هذه الظروف أو غيرها للعمل من داخل منازلهن .. وهي تضع نصب عينيها الإنتقال بمشروعها نحو آفاق أوسع ، لأنه وكما قال محمود درويش " على هذه الأرض ما يستحق الحياة "! .
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.