رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بالنائب السابق مصطفى علوش، الإحتفال الذي دعت إليه نقابة أطباء لبنان - طرابلس بمناسبة إنعقاد المؤتمر ال44 لإتحاد الأطباء العرب بطرابلس.
وحضر الإحتفال الذي اقيم في مركز الصفدي الثقافي الرئيس نجيب ميقاتي ممثلا بعزام عويضة، الوزير عادل أفيوني ممثلا بسعدالله صابونة، النائب عثمان علم الدين، أحمد الصفدي ممثلا النائب السابق محمد الصفدي، مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، راعي ابرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت إفرام كرياكوس ممثلا بالأب نقولا رملاوي، أمين عام إتحاد الأطباء العرب أسامة رسلان، نقيب المهندسين بسام زيادة، نقيب المحامين محمد المراد، نقيب أطباء الأسنان رولا ديب، نقيب أطباء لبنان - بيروت ريمون الصايغ، نقيب أطباء لبنان - طرابلس عمر عياش، نقيب اصحاب المستشفيات سليمان هارون، رئيس مصلحة الصحة جمال عبدو، وحشد من النقباء السابقين واعضاء الوفود العربية المشاركة في مؤتمر إتحاد نقابات الأطباء العرب.
بداية النشيد الوطني وقدم للاحتفال الدكتور إبراهيم مقدسي، وألقى رئيس اللجنة العلمية الدكتور رشاد علم الدين كلمة فقال:"ان زماننا كثير التعقيد والتحديات كما انه كثير الفرص، وما تنظيم مؤتمر علمي بهذا الحجم بالأمر اليسير، فالأمر يحتاج إلى جهود حثيثة من البحث والتخطيط وقد اردنا من خلال هذا المؤتمر إثارة وعي الأطباء والمتخصصين في مختلف المجالات للاضاءة على أهمية التثقيف الطبي المستمر ودوره في تنمية المجتمع والإرتقاء به".
رسلان
وألقى رسلان كلمة قال فيها: "عندما عرض أن يعقد اجتماع المؤتمر ال44 للاتحاد والأمانة العامة في طرابلس الفيحاء لم اتردد في قبول الدعوة ليس حبا في أداء الواجب ولكن أداء للواجب، وقد كان التوقع في محله، وكم كان دور الزملاء الأعزاء في طرابلس خاصة وفي لبنان عامة امر يثلج الصدر بدءا من الرعاية السياسية وهذا يحصل للمرة الاولى بأن يعقد إجتماع للمجلس الأعلى للاتحاد تحت الرعاية السامية بهذا المستوى، واعني بذلك رعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والشكر لكل من أسهم في إنجاح هذا المؤتمر".
وأشاد ب"دور نقابتي الأطباء في بيروت وطرابلس، وما أسفر عنه المؤتمر لجهة إنتخاب نقيب اطباء طرابلس الدكتور عمر عياش رئيسا للمجلس الأعلى للاتحاد العربي"، منوها ب"أهمية المحاضرات والندوات التي عقدت"، وقال: "لا بد أن يترجم ما سمعناه في المؤتمر إلى عمل"، مشددا على "وجوب الأخذ بالإعتبار في الخدمة الطبية وضع المريض ومعتقداته وما يحب وما يكره، ومن ثم إعتماد الرعاية الصحية وضمان النتائج الجيدة".
عياش
وكانت كلمة لعياش شكر فيها لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري رعايته هذا المؤتمر وللرئيس نجيب ميقاتي دعمه، مشيدا بإنعقاد أعمال المؤتمر ال44 وإجتماعات المجلس الأعلى لإتحاد الأطباء العرب في طرابلس وما يشكله ذلك من غنى لعاصمة الشمال، ومنوها بدور الوزير السابق محمد الصفدي والوزيرة فيوليت الصفدي في إستضافة مركز الصفدي الثقافي لأعمال المؤتمر.
ودعا إلى "أن تكون السياسة في خدمة الأوضاع الإجتماعية والقضايا النقابية"، وقال: "نفتخر أننا في طرابلس والشمال طبقنا هذا المبدأ حيث التقينا كنقابات للمحامين والمهندسين والأطباء واطباء الأسنان وتكاتفنا لإنجاح هذا اللقاء، ووجودنا هنا معا إلى جانب نقيب اطباء لبنان - بيروت، كما نتوجه بالتحية إلى رئيس قطاع المهن الحرة في تيار المستقبل المهندس طارق الحجار الذي ساهم في إنجاح اللقاء مع وفود من 14 دولة عربية".
أضاف: "نعدكم ان نحاول إعادة جمع كل نقابات الأطباء العرب في إطار المجلس الأعلى حتى ننجح في تطوير الأمور الطبية، وحاجات إنساننا العربي.
وتابع:"ان إتحاد نقابات الأطباء العرب سيساعد نقابة الأطباء بموضوع التدقيق الطبي المستمر والتنمية المهنية وسنوقع شراكة مع الإتحاد وبذلك سيكون هناك فرصة للأطباء العامين لمتابعة تخصص مهني خارج نطاق التخصص الدراسي في الجامعات، لتأهيلهم وزيادة دخلهم وتطوير إمكانياتهم المهنية.
ونقل عن النقيب المراد "مواصلة الجهد لإعادة إحياء إتحاد نقابات المهن الحرة في طرابلس والشمال".
علوش
وألقى علوش كلمة إستهلها قائلا: "لقد شرفني دولة رئيس مجلس الوزراء سعد رفيق الحريري بتكليفي بالترحيب بكم في مدينتكم طرابلس تلك الواحة التي لم تتوقف يوما عن الحلم بوطن عربي يضمنا في أحضانه الرحبة في ظل كرامة الإنسان الفرد وحريته وتعدديته وإنفتاحه على الحضارة والعلم والحوار،ان حال العرب اليوم كما وصفها إبن زيدون بقوله: وناب عن طيب لقيانا تجافينا أضحى التنائي بديلا من تدانينا".
وتابع: "حضوركم اليوم إلى هذه المدينة يشبه قول الشاعر أحمد رامي في إجتهاده في رباعيات عمر الخيام "إن تفصل القطرة من بحرها، ففي مداه منتهى أمرها، تقاربت يا رب ما بيننا مسافة البعد على قدرها". فنحن كلنا قطرات من بحر العروبة مهما بخرتنا الحرائق وبعثرت غيماتنا الرياح، لكن مصير المطر أن يهطل لتعود القطرات إلى وحدة البحر من جديد فمسافة القرب بيننا أقوى من بعيد".
وأضاف: "ينعقد هذا المؤتمر اليوم في ظل تحديات كبرى أدخلها العلم على البنيان الإجتماعي والإقتصادي والأخلاقي للبشر، ورغم كل ذلك فما زال معظمنا جاهلا أو متجاهلا لتداعيات هذا الحدث الثوري والمفصلي في تاريخ البشر، يأتي هذا التحول العنيف ومعظمنا ما زال يعيش في حفرة أدخلت النعامة رأسها فيها لكي لا ترى الخطر الآتي، نعيش على ذكرى الماضي المجيد ونتغنى بالرازي وإبن سينا وإبن الهيثم وإبن رشد وننسى أن العالم الذي نهل منهم أصبح بعيدا عنا بعد النجوم، ان التحديات التي أطلقها العلم في اواخر القرن العشرين هي ثلاثة: تفكيك الشيفرة الجينية للانسان، مشروع النانو التكنولوجي أو النانو بيوتكنولوجي ومشروع الذكاء الإصطناعي او دعم العقل البشري بشبكة المعلوماتية الإصطناعية".
أضاف: "كلها مشاريع مترابطة ومرتبطة بشكل مباشر بعالمنا الطبي وتطرح تحديات كبرى على مختلف المستويات العلمية والإجتماعية والطبية والإقتصادية وبالتأكيد الأخلاقية، وبكل موضوعية لم أر أي جهد حقيقي في عالمنا العربي للبحث في تداعيات هذه التحديات التي ستؤدي حتما إلى توسيع الهوة بين العوالم وتضعنا قريبا في غياهب الحيرة والوهن والعجز عن الإدراك او اللحاق بالركب.ان عالمنا العربي وبالرغم من غناه بالنخب في شتى المجالات العلمية إلا أنه لا يزال يعيش في واقع معرفة ضامرة وفراغات معرفية تملؤها الاساطير ورغم إدراكنا بالتقصير فإننا نستمر بتسويف عجزنا بمزيد من الأساطير فيما تعيش نخبنا في حال إنفصال عن الناس بشكل عام أو تهجر إلى غير رجعة".
وقال: "صحيح أن معظم الدول الصناعية وضعت ضوابط أخلاقية على مسألة الهندسة الجينية للبشر، لكن ظهور تقنية CRISPR سنة 2015 فتحت الباب للمزيد من الآفاق في هذا المضمار وسهلت بشكل كبير عملية الهندسة الجينية لتصبح بمتناول اليد في كثير من المختبرات الكبرى حول العالم، وفي ظل عالم يتنافس فيه الكبار على إكتساب المزيد من عناصر القوة والسلطة والمال فإن إمكانية تملص هذه التقنيات من الضوابط أمر محتوم ومنذ شهرين فقط أعلن علماء في الصين عن نجاح تجربتهم في الهندسة الجينية على جنين بشري بتقنية الكرسبر وبالرغم من ردات الفعل المستهجنة في الأوساط العلمية في الغرب، فإن هذا الأمر فتح باب التنافس على مصراعيه، ولا احد منا يعلم ماذا يحدث في المختبرات السرية الحكومية وغير الحكومية، وبدأت مختبرات عريقة في العلوم الجينية بالمطالبة برفع الضوابط عن الهندسة الجينية عند البشر، وقد نشهد قريبا فصولا جديدة بهذا الخصوص وقد يفاجئنا حدث في اي وقت بالمستقبل القريب، والجدير ذكره هو ان الهندسة الجينية مفتوحة بشكل شبه كامل على الحيوانات والنبات".
واردف قائلا: "بالمقابل، لا ضوابط موجودة الآن على النانوتكنولوجي في المجال الطبي كما في مجالات أخرى، ولا ضوابط على المسائل المتعلقة بتطوير القدرات الجسدية والعقلية من خلال الذكاء الإصطناعي والسعي إلى إدماجه بالعقل البشري ودمج الآلي بالبيولوجي على نطاق واسع".
أضاف: "قد يجهل البعض منا وجود فلسفة عنوانها Transhumanism التي تسعى بشكل محموم إلى مرحلة ما بعد الإنسان الحالي من خلال كل ما ذكرت سابقا من تقنيات هي ملك للقادرين من دول ومؤسسات، ولن تكون بمتناول الفقراء والدول غير الغنية وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى بروز فروقات شاسعة بين الإنسان الجديد ونحن باقي البشر، وقد يؤدي هذا السعي المحموم نحو الكمال والخلود عند بعض البشر إلى الطغيان الحتمي على الأجناس الأقل قدرة ومن لا يقتنع بذلك ما عليه إلا النظر إلى تاريخنا القديم والحديث".
وقال: "لفلسفة ما بعد الإنسان آليات وقدرات واسعة للترويج في مختلف المجالات الدعائية المتقدمة في الفن والسينما والجامعات الكبرى ومن المؤكد أن هذا التحدي يطرح إشكالات ومعضلات كبرى في شتى الأمور من قوانين وشرائع وأخلاقيات ولا يمكننا بعد اليوم، وهي تطرق الباب علينا، ان نستمر بإغلاقه لأنها بسرعة سوف تخلع الأبواب، لذلك على اوساطنا العلمية ان تسعى لفهم هذا الواقع والتعامل معه بنهج علمي وحكمة" وهنا أذكر قول فرنسيس فوكوياما في كتابه الإنسان الأخير بأن مستقبل البشر غامض لأنهم لن يتمكنوا من السيطرة على التكنولوجيا، وهنا يدخل دور الحكيم لإستباق الأمور".
وختم علوش: "ذكرت الحكمة لأن أحمل ما كان يوصف به الطبيب في الزمن الجميل هو الحكيم، والحكيم صفة تتعدى الطبابة والمرض وتتخطاها في المراتب لتصبح أعلى صفة يمكن أن يبلغها انسان في كل المجالات، فعلينا أيها الزملاء السعي في إستعادة هذا اللقب عن إستحقاق".
وكعادتها في مؤتمراتها السنوية كرمت النقابة كلا من الدكتور ميشال الخولي قدمه الدكتور طارق إسماعيل،الدكتور علي بازرباشي قدمه الدكتور جان الشيخ، الدكتور محمد الصيادي قدمه النقيب الدكتور غسان رعد، كما تم تكريم رسلان، وعن "مركز الصفدي الثقافي"احمد الصفدي الذين تسلموا دروعا تكريمية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.