كتبت صحيفة "الأخبار": سياسة الهروب إلى الأمام، التي تعتمدها قوى السلطة في لبنان، شراءً للوقت وهرباً من حلّ الأمور الخلافية، لا تؤدي عملياً إلا إلى تفاقم الأزمات. نقاشات مشروع الموازنة، وتحديداً ما يتعلق بموازنة وزارة الدفاع، والبنود التي تطاول معاشات التقاعد ومخصصات العسكريين، خير دليل على ذلك. الأمور تسير نحو التصعيد، وجديد فصولها سيكون غداً، مع «عزل» بيروت عن بقية المناطق اللبنانية. فالعسكريون المتقاعدون يعودون إلى صلب الصورة، مع إعلانهم قطع كلّ الطرقات الرئيسية التي تربط بيروت بالمناطق، منذ الساعة الخامسة صباحاً حتى العاشرة صباحاً، ولن يُسمح إلا بمرور الآليات التابعة للقوات المسلحة والدفاع المدني والصليب الأحمر والهلال الأحمر وسيارات الإسعاف التابعة للبلديات والجمعيات وآليات قوات الأمم المتحدة التي تحمل شعارها. خطوة العسكريين تأتي ردّاً على «إصرار الحكومة على هضم حقوق المواطنين»، بحسب البيان الصادر عن «حراك العسكريين المتقاعدين»، مُحذِّرين من أنّ هذه الخطوة «تُعتبر تحذيرية لأنّ الخطوات اللاحقة ستكون أشدّ قسوة وإيلاماً».
في كلّ التجارب السابقة، كانت قوى السلطة تصمّ أذنيها تجاه الاعتراضات والتحركات الشعبية، وغالباً ما تنجح في امتصاصها وتحويلها إلى مادّة لصراع المكونات الشعبية فيما بينها. لكنّ المشهد الحالي يكتسب دلالات أخرى، مع وجود العسكريين المتقاعدين على الأرض. وهم أكدوا في بيانهم توسّع دائرة تحركهم، «وأمام تعنّت السلطة وإصرارها على المضي قدماً في موازنة الذلّ والعار، التي تخالف الدستور والأنظمة والقوانين وشرعة حقوق الإنسان وتُهدّد الأمن الاجتماعي للمواطنين وتطيل أمد الهدر والفساد ومعاناة العباد، فإنّ حراك العسكريين المتقاعدين والتزاماً منه بالقسم الوطني، أصبح ملزماً بتجاوز المطالبة بحقوقه المادية والمعنوية إلى المطالبة بالحفاظ على أمن المواطن والوطن بإسقاط الموازنة المسخ، ورفض الاستدانة باسم الشعب اللبناني والارتهان والإذعان لإملاءات الصناديق الدولية». وورد في البيان أنّه سيتمّ «محاصرة وعزل مجلس النواب، وتدريجياً عزل لبنان عن الخارج، تزامناً مع انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون الموازنة، ولن يثنيه عن ذلك إلا إعلان رسمي في أقرب وقت ممكن يتضمن إسقاط كلّ المواد والبنود التي تطال حقوق المواطنين على اختلاف شرائحهم، تفادياً لأخذ الوطن إلى الانهيار التام الذي وصل إليه بفضل السياسة الاقتصادية المجرمة للحكومات المتعاقبة منذ عام 1990 وحتى اليوم».
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.