كتبت نوال مدللي (*)
ياتي الثامن من اذار هذه السنة مضيئا في حياة المراة اللبنانية ، بتعيين 4 نساء في الحكومة وتعيين الوزيرة ريا الحسن وزيرة للداخلية ، لاول مرة في لبنان وفي العالم العربي تعين سيدة في هذا المنصب .
تأتي ذكرى الثامن من اذار هذه السنة بعد مرور 111 عاما على اعتماد هذه اليوم كيوم عالمي للمرأة . ففي الثامن من آذار 1908 خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة في مدينة نيويورك مطالبات بساعات عمل أقصر وأجر أفضل والحق في التصويت. وبعد عام من تلك المسيرة، أعلن ذلك اليوم عيداً وطنياً للمرأة في الولايات المتحدة الاميركية . وبعد المؤتمر العالمي عن حقوق المرأة والذى عقد فى كوبنهاجن فى 8 مارس 1910 ولذى أصبح فيما بعد يوما عالميا للمرأة.
لقد أصبح يوم الثامن من آذار يوماً للاحتفال بمستوى ارتقاء المرأة في المجتمع وتوليها المراكز السياسية والاقتصادية، في حين أن الجذور الأساسية لهذا الاحتفال تعود إلى الاحتجاجات والاضرابات التي قامت بها المرأة بسبب عدم المساواة بين الرجل والمرأة.
في لبنان ، لم يكن نضال المرأة اللبنانية خالياً من العقبات، بل خاضت الحركة النسائية اللبنانية تحديات جمّة وحققت انجازات اجتماعية وقانونية وسياسية واقتصادية. ولطالما شكلت المرأة للبنانية المثل والمثال لنساء العالم العربي.
وقد شكل التمييز ضد النساء العائق الأساسي لتحقيق المساواة بين الجنسين, هذا التمييز الذي يتجذر ويعاد إنتاجه من خلال العنف الجندري اي العنف الممارس على النساء لكونهن نساء وهو من اكثر اشكال التمييز ضذ النساء انتشاراً ويشكل أبشع إنتهاكات حقوق الإنسان وأكثرها شيوعاً.
ان تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء ساعدت بشكل كبير في النهوض والتقدم بأوضاع النساء بعدما اكدت كافة المؤشرات والإحصاءات تأنيث ظاهرة الفقر والأمية والبطالة
وقد ساعد الإتجاه العام بإدماج مقاربة حقوق الإنسان في عمل المنظمات و الحكومات, الى تعزيز وإدماج مقاربات حقوق النساء والمساواة الجندرية في الكثير من إستراتيجيات وبرامج وخطط المنظمات الدولية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية .
ولم تتوقف حركة النضال لإقرار أو لالغاء أو لتعديل النصوص القانونية، فالتحفظات التي وضعها لبنان على اتفاقية الغاء جميع اشكال التمييز ضد المراة اي الماد 16 و9 المتصلة بقوانين الاحوال الشخصية وقانون الجنسية لم ترفع بعد، ان مبدأ المساواة يشكل حجر الاساس للاعلان العالمي لحقوق الانسان وقد ادخلت هذه المادة في الدستور اللبناني واصبحت جزءاً منه في المادة 7 و 9 ولكن المراة ما زالت تحت رحمة التأويلات المختلفة .
شارك لبنان على مر التاريخ في الكثير من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان حيث ساهم لبنان في صياغة الاعلان العالمي لحقوق الانسان في العام 1948 وانضم الى العديد من العهود الدولية الخاصة ، وفي العام 1996 ابرم لبنان اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة ( سيداو ) .وتظهر المراجعة لتطبيق التوصيات الدولية ومطالب المجتمع المدني بالعمل على الغاء التمييز ضد المراة ومناهضة العنف. فلبنان شارك في مؤتمر بيجين في العام 1995 وانشئت الهيئة الوطنية لشؤون المراة اللبنانية ، ولكن غابت قضايا المراة عن البنان الوزاري للحكومات المتعاقبة بين 1991 و 2005 . مع الاشارة الى انه في العام 2004 ولاول مرة في تاريخ لبنان ضمت الحكومة وزيرتين بالرغم من عدم ذكر المراة وقضاياها في البيان الوزاري. ولاول مرة تم التزام الحكومة العمل مع قضايا المراة في البيان الوزاري للحكومة في العام 2005 ، واعتبارها شريك اساسي وفاعل في الحياة العامة وتعزيز دورها في مختلف القطاعات ومشاركتها في السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية وتنفيذ تعهدات مؤتمر بيجين والتي التزم بها لبنان .
بالنسبة الى القوانين المجحفة بحق المراة ، لم تسجل اية انجازات في البرلمان في مجال العمل على مكافحة ظاهرة العنف ضد النساء فباستثناء الغاء المادة 562 من قانون العقوبات المتعلقة بجرائم الشرف وتبني القانون 293 \ 2014 بشأن " حماية النساء وكافة افراد الاسرة من العنف الاسري" والغاء المادة 522 من قانون العقوبات واقرار قانون معاقبة الاتجار بالبشر . وهناك عدة قوانين قدمت الى مجلس النواب ولم يتم البت فيها كقانون تحديد سن الزواج فوق ال 18 سنة ، وقانون التحرش الجنسي الذي اقر في مجلس الوزراء ، والبحث بقانون اعطاء المراة اللبنانية الجنسية لاولادها وزوجها.
هذا التمييز الذي يكرس تهمش النساء ويهمش قضاياهن يجب ان يتغير ويجب اعتبار قضايا النساء قضية مجتمعية تهم المجتمع بأسره والنضال من أجل حقوق النساء مرتبط بنهوض المجتمع وتقدّمه إقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً وسياسيا.
* عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل"
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.