طالب "المطارنة الموارنة" "أهل السياسة بالتزام تحصين البيت الداخلي وعدم زجّ البلاد في صراعاتٍ إقليمية لا قِبَلَ لها بها".
وعبِّر المطارنة "عن استيائهم واستغرابهم لسوء تعامل المعنيين مع حقوق المواطنين في تحريك أموالهم المُودَعة في المصارف ويدعون إلى سياسةٍ مالية تكاملية من شأنها الحد من إذلال اللبنانيين أمام أبواب المصارف"،منشددين" على وجوب تسهيل مهمة الرئيس المكلف ونحذر من اي محاولات للالتفاف على مطالب اللبنانيين الذين عبروا عنها بنزولهم الى الساحات"، مبدين " قلقهم البالغ أمام بوادر تصاعد العنف في الشرق الأوسط على أثر ما حدث أخيرًا في العراق".
جاء موقف المطارنة عقب اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة الطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ، ومشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية.
وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التالي:
1. يحار الآباء كيف يُوصِّفون تمادي السياسيين في التجاذبات والمناورات، على صعيد تشكيل الحكومة المُنتظَرة. وهم إذ يُؤكِّدون على وجوب تسهيل مهمة الرئيس المُكلَّف بهذا التشكيل، يُحذِّرون من أيِّ محاولاتٍ للالتفاف على مطالب اللبنانيين واللبنانيات الذين عبّروا عنها صراحةً بنزولهم إلى الشوارع والساحات، والتي تختصر الإرادة اللبنانية بحكومةٍ من المستقلين الإختصاصيين المُتحلِّين بالنزاهة والخبرة، القادرين، بدعمٍ من المؤسسات الشرعية، على ترجمة تلك المطالب، وإخراج لبنان المُدمّى من الأزمات المصيرية التي تسبّبت بها سياسة المصالح الشخصية وربط لبنان بالتأثيرات الخارجية على حرية قراره.
2. يُجدِّد الآباء توجيه التحيّة إلى مؤسسات الرعاية والخدمة الاجتماعية الكنسيّة والعامّة على تضامنها وتقديماتها، ولا سيما للمواطنين الذين يُعانون وطأة الأوضاع الاقتصادية الخانقة. ويدعون هذه المؤسسات إلى مزيدٍ من العمل في هذا الاتجاه، وأصحاب المُبادَرات الخيِّرة إلى مواصلة مؤازرتها، مُذكِّرين بأن الكنيسة كانت ولا تزال إلى جانب الشعب اللبناني في حاجاته وخياراته، كما في واجب تأمين عناصر صموده، إلى أن يمنّ الله علينا بالخلاص الوطني المُرتجى.
3. يُعبِّر الآباء عن استيائهم واستغرابهم لسوء تعامل المعنيين مع حقوق المواطنين في تحريك أموالهم المُودَعة في المصارف، ولا سيما المعاشات التي تُؤمِّن لهم بعضًا من حياةٍ كريمة، والتحويلات التي تسمح للمؤسسات الخاصة بمواصلة عمليات الاستيراد والتصدير، خصوصًا في القطاعات الحيوية. ويدعون إلى سياسةٍ مالية تكاملية من شأنها الحد من إذلال اللبنانيين أمام أبواب المصارف. كما يدينون عمليات الإعتداء التي تتعرّض لها بعض المصارف، والتي لا تُشرِّف القائمين بها ولا تُعبِّر عن أصالة الشعب اللبناني.
4. إن الاعتداءات المُتكرِّرة على الجيش اللبناني والقوى الأمنية على يد إخوةٍ لهم في المواطنية، مُدانة بشدةٍ من كلّ اللبنانيين. فالمؤسسات العسكرية والأمنية هي العمود الفقري في الحفاظ على لبنان المجتمع والدولة والوطن. وهي لا تُقابَل لدى أدائها واجباتها إلا بالشكر والتأييد، لا برشق الحجارة وما إليها. إن الآباء يلفتون انتباه أصحاب المطالب المُحِقّة إلى وجوب الحفاظ على حضاريَّة انتفاضتهم، ففي ذلك دعم كبير لهذه المطالب وإحراج أكبر للسياسيين الذين سيستجيبون عاجلاً أم آجلاً لصوت الشعب، لأنه من صوت الله.
5. يُبدي الآباء قلقهم البالغ أمام بوادر تصاعد العنف في الشرق الأوسط، على أثر ما حدث أخيرًا في العراق. وهم يُناشِدون المجتمع الدولي والعواصم النافذة بذل أقصى الجهود للحؤول دون مزيدٍ من الاضطراب في منطقةٍ مضت عليها عقود ولم تعرِفِ الاستقرار. ويدعون إلى تنشيط مسارات الحوار الهادفة إلى بلوغ هذا الاستقرار. كما يطالبون أهل السياسة في لبنان بالتزام تحصين البيت الداخلي، وعدم زجّ البلاد في صراعاتٍ إقليمية لا قِبَلَ لها بها
6. يُرحِّب الآباء بدعوة صاحب القداسة البابا فرنسيس في تبريكه العام الجديد، الشعب اللبناني إلى إعادة اكتشاف دعوته، "رسولَ حريةٍ وعيش مُشترَك للجميع"، ولا سيما أن هذا التوصيف يأتي بعد تأكيد البابا القدِّيس يوحنا بولس الثاني على لبنان الرسالة، ليُحدِّد مضمون هذه الرسالة. لطالما كانت الحرية جوهر وجود الوطن الصغير منذ قرون، في مشرقٍ لا يزال ينأى عنها نحو خياراتٍ تمسّ الإنسان فيه وتحول دون ترقّيه. لذلك يدعو الآباء اللبنانيين إلى وعي قيمة بلادهم الثمينة في نظر السماء والأرض، وتكريس أنفسهم لتحقيق تضامنهم حمايةً لها وذودًا عنها، ولتوجيه عملهم الخاص والعام في سبيل تعزيز رسوليتهم هم، التي لا تنفصم عن رسولية لبنان.
7. في مستهل هذه السنة الجديدة، والاحتفال بعيد الظهور الالهيّ يدعو الآباء أبناءهم وجميع اللبنانيين الى الصلاة والتضامن وعمل الخير لأجل السلام في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط والعالم، سائلين الله أن ينير عقول المسؤولين في كل البلدان كي يعملوا على إيقاف الحروب والقتل والتدمير، وعلى تغليب منطق الحوار والمحبة والسلام بين كل الشعوب.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.