الكورونا "ملأ الدنيا وشغل الناس"، ظهرَ في كانون الأول الماضي فأحدث رعباً وخراباً لم يُحدثه أي وباء آخر في تاريخ البشرية، متنقلاً بين الأقطار وحاصداً الضحايا في الأرواح والخسائر في الاقتصاديات. ضرب لبنان وهو المترنح تحت وطأة أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية، فأعلنت الحكومة اللبنانية في 15 آذار الجاري حالة التعبئة العامة بسبب تفشي فيروس كورونا بما يشبه حظر منع التجوّل. وإن إعلان هذه الحالة - بغضّ النظر عن الأزمة والانهيار الاقتصادي والاجتماعي- ستترك بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي ناهيك عن الوضع الصحي والنفسي، وسيكون لها تداعيات خطيرة على مختلف الأصعدة وخاصة في ظل غياب المناعة الذاتية للاقتصاد اللبناني وقدراته الداخلية في مواجهة هذا النوع من الأزمات. فما هي الكلفة الاقتصادية لكورونا محلياً ودولياً؟
التداعيات محليّاً
بحسب تقديرات البنك الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي في لبنان يُقدر بحوالي 56.75 مليار دولار، أي بمتوسط يومي يبلغ حوالي 155.48 مليون دولار. وإن المتضرر الأول من حالة التعبئة والحظر يأتي في المقدمة القطاع السياحي والذي يساهم بحوالي 19.1% من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل به أكثر من 10% من القوى العاملة الفعلية التي تبلغ 1,590,400 عامل، وبالتالي فإن خسائر هذا القطاع يومياً ستبلغ حوالي 29.7 مليون دولار، وتوقف حوالي 159 ألف عامل بشكل مؤقت عن العمل، وقد يُعرِّض جزءاً منهم إلى التوقف النهائي. ويترتب تعليق الرحلات إلى الكويت والسعودية وقطر خسائر على شركة طيران الشرق الاوسط (MEA) نحو 265 ألف دولار يومياً، أما الخسائر التي تتكبدها الشركة جراء خفض عدد الرحلات إلى إيطاليا والدول الأوروبية (الترانزيت) فتقدر بـ 20 ألف دولار يومياً. ومن القطاعات المتضررة القطاع الصناعي حيث يساهم بـ 14% (بحسب البنك الدولي) من الناتج المحلي، ويعمل فيه حوالي 195 ألف عامل، وبالتالي، فإن الخسارة اليومية حوالي 21.76 مليون دولار. ونفس الكلفة سيتحملها قطاع البيع بالتجزئة والتجارة الذي يساهم بـ 14% من الناتج المحلي. وتساهم الإدارات العامة بحوالي 9.8% من الناتج المحلي، ومن المتوقع أن تنخفض إنتاجيتها حوالي 80% بسبب القرار، ومن ثم فإنها ستكبد الاقتصاد خسارة حوالي 12.19 مليون دولار يومياً. وبقرار جمعية المصارف الإقفال، فإن خسارة القطاع المالي والتأمين ستبلغ حوالي 13.99 مليون دولار لأنه يساهم بـ 9% من الناتج المحلي. إن قطاعَي النقل والفنادق والمطاعم يساهمان بـ 7% (4% و3% على التوالي) وإن خسائرهما ستبلغ حوالي 10.88 ملايين دولار يومياً. وإن الخسائر التي يتكبدها قطاع التعليم يومياً حوالي 12.44 مليون دولار لأنه يساهم بـ 8% من الناتج المحلي. ناهيك عن الخسائر التي تلحق بالمالية العامة نتيجة تقلّص جباية الضرائب والرسوم، وازدياد نسبة الفقر التي ستتخطى 50%، فضلاً عن البُعد النفسي لحالة العزلة وتفشي المرض. وقد قررت الحكومة اللبنانية تحرير 3 ملايين دولار من قرض البنك الدولي لدعم وزارة الصحّة.