أخبار لبنان

فرنسا لحكومة دياب: ماذا تنتظرون للإتصال بصندوق النقد؟

تم النشر في 9 نيسان 2020 | 00:00

في إطار مواكبتها لمستجدات الأوضاع في لبنان، تشدد مصادر فرنسية متابعة للملف اللبناني ‏على وجوب أن تتبنى الحكومة اللبنانية من دون تأخير الإجراءات الإصلاحية ‏التي أعلن عنها رئيس الحكومة حسان دياب خلال اجتماعه ورئيس الجمهورية ميشال عون مع ‏ممثلي المجتمع الدولي في قصر بعبدا. فالمسوؤلون في باريس وكل المجتمع الدولي يرغبون بأن ‏تنفذ الحكومة اللبنانية الإصلاحات المطلوبة منها لكنها لا تزال حتى الوقت الراهن لا تنفذها.‏

‏ وبرأي المصادر الفرنسية لـ"نداء الوطن" أنّه ينبغي على الأقل على الحكومة أن تتخذ إجراءات معينة على ‏صعيد المعالجات المالية والإصلاح العام واعتماد الشفافية في هذا المجال، وهذا ما سبق أن قاله ‏وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى نظيره اللبناني ناصيف حتي يوم الجمعة الفائت، ‏وما أكده السفير الفرنسي برونو فوشيه في لبنان خلال اجتماع بعبدا عندما قال للمسؤولين ‏اللبنانيين إنّ "شروط مؤتمر سيدر ما زالت قائمة لكن وعلى مدى سنتين كان يُطلب من لبنان أن ‏يضع الأولويات للاستثمارات التي قدمها في المؤتمر لكنه لم يقم بذلك، ولمدة سنتين أيضاً طالبت ‏باريس المسؤولين اللبنانيين بوضع آليات متابعة لهذا الأمر ولم يتم ذلك". وذكّر فوشيه بأن آلية ‏‏"سيدر" أساسية للاقتصاد اللبناني لأن الاستثمارات الأجنبية وحدها تعيد السيولة الى الاقتصاد ‏اللبناني‎.‎

وتتخوّف المصادر من أن يتأخر البرلمان اللبناني في التصويت على الإجراءات الحكومية بسبب ‏مواقف سياسية معارضة لبعض هذه الإجراءات، مشيرةً إلى أنه خلال اجتماع بعبدا مع سفراء ‏مجموعة الدعم الدولية قدّم رئيس الحكومة خطة الإنقاذ التي يجري العمل عليها ولم تأتِ بأي ‏جديد يُذكر لكل متابعي الملف اللبناني ومن بينهم السفير الفرنسي. فالخطة التي قدّمها دياب ترتكز ‏على إعادة هيكلة الدين والمصارف والبنك المركزي وإصلاح المالية العامة والقطاع الاجتماعي، ‏لكن من دون أن يحصل ممثلو المجتمع الدولي على تفاصيل كثيرة سوى أنّ احتياجات لبنان تبدو ‏كبيرة جداً ما جعل فوشيه يقول للمسؤولين اللبنانيين إنّ مديرة صندوق النقد الدولي أعلنت أنّ 90 ‏دولة طلبت مساعدة مالية ملحة من الصندوق.‏

ولفت إلى "إمكانية تقديم صندوق النقد تمويلاً طارئاً لأي دولة إذا كانت هذه الدولة الطالبة ‏للمساعدة لديها دين تستطيع تحمّله لكن لبنان في وضع سيئ نظراً لكونه لم يعلن عن إجراءات ‏إصلاحية وعملية لإعادة هيكلة دينه"، كما أشارت المصادر إلى أنّ "التمويل الطارئ من صندوق ‏النقد هو أداة سريعة للمساعدات التمويلية‎ (Rapid financing instrument) ‎لكنها محدودة ‏بمبلغ 500 مليون دولار"‏‎.‎

وتعليقاً على قول دياب خلال العرض الذي قدمه أمام سفراء المجموعة الدولية إنّ الخطة التي ‏تعدها حكومته أصبحت شبه منتهية على أن يتم إنجازها الأسبوع المقبل وأنّ 57 في المئة من ‏الإجراءات التي كان يريد تبنيها خلال المئة يوم الأولى للحكومة أصبحت جاهزة، سألت المصادر ‏الفرنسية عما إذا كان البرلمان اللبناني أصبح جاهزاً للتصويت على تبنّيها، مشددةً على أنّ باريس ‏تنتظر أن يصار إلى تنفيذ الإجراءات المطلوبة بسرعة، وتساءلت: "ماذا تنتظر الحكومة اللبنانية ‏لكي تتصل بصندوق النقد الدولي وتبدأ التفاوض معه، وماذا تنتظر لبدء العمل على الشروط ‏اللازمة لإعادة هيكلة الدين الذي لم تسدده والذي تستمر عادةً المفاوضات بشأنها لمدة 6 أشهر؟

وعن التفاوض مع صندوق النقد الدولي، توضح المصادر أنّ ذلك يتطلب خريطة طريق من ‏الحكومة تعرض فيها خطتها للإصلاحات التي سيقيّمها الصندوق فيوافق عليها أو يرفضها لأنّ ‏التفاوض مع الصندوق يهدف في نهاية المطاف إلى أن يضخّ السيولة في البلد وأقصى ما يمكن ‏أن يحصل عليه لبنان هو حوالى 9 مليارات دولار لكنّ الصندوق لن يقدّم هذا المبلغ إذا لم تكن ‏أمامه خطة لبنانية يوافق عليها، كاشفةً أنّ باريس أكدت عبر رسالة سفيرها في بيروت قناعة ‏المسؤولين الفرنسيين بأنّ لبنان لا يمكنه تجنّب التفاوض مع صندوق النقد وهذا يتطلب العمل ‏فوراً في حين أنّ الحكومة تختبئ وراء حجة أن ممثلي الصندوق زاروا لبنان وتحدثوا معهم بينما ‏في حقيقة الأمر كانت هذه الزيارة استطلاعية وفي إطار مهمة روتينية وليست مخصصة ‏للتفاوض على برنامج مع الحكومة اللبنانية وهذا ما لم يحدث حتى الآن لأنّ خطة الحكومة لم تنته ‏بعد‎.‎

وترى باريس أنّ هناك إصلاحات بإمكان الحكومة اللبنانية تبنيها الآن من الضرائب إلى رواتب ‏القطاع العام والوظائف غير الشرعية والكهرباء والشفافية والقضاء، والمسؤولون في فرنسا على ‏أعلى المستويات يؤكدون عبر سفيرهم في بيروت أنه على الحكومة أن تعمد فوراً إلى الشروع ‏في بدء الإصلاحات لكنها منذ تشكيلها في 11شباط لم تتبنّ إجراءً واحداً بعد، وترى المصادر أنّ ‏المماطلة سببها مواقف سياسية مختلفة إزاء مقاربة العجز الضخم فالكل يستسهل إلقاء المسؤولية ‏على المصارف علماً أنها ليست مسؤولة عن التوظيفات غير الشرعية ولا هي أنشأت العجز في ‏الموازنة العامة .‏


نداء الوطن ‏