النهار - راشد فايد
لم يتحدث أحد، يوما، في الكويت، على "الإصلاح والتغيير"، وليس لديهم صهر بـ"عظمة" صهر العهد، وذكائه "المركنتيلي"، وتفانيه "الوطني" من أجل غد أفضل للبنان، وعد به نجله في كتيب شهير، نفّذ خلال أكثر من 10 سنوات كل ما يناقض مضمونه. لكن لدى الكويت ما هو أهم: القانون، وهو، كما في الدول الراقية، أعمى لا يرى سوى الحق، فلا يحالف عليه طرفا، ولا يهادن جهة، حتى تكاد الكويت أن تكون إمارة جمهورية، بدليل دور المعارضة الوازن في إدارة شؤون البلاد.
لم يلوّح أحد، يوما، في الكويت باجتثاث الفساد، أو يهدد بإصلاح، أو بتغيير ما، لأن الجدية والإستقامة المؤسساتية لا تحتاج إلى مقدمات، بل إلى فعل، ولا تستقيم مع التواطؤ لجني المكاسب الحرام، على ظهر الشعب، ولا تتماشى مع بناء سدود تعاند البيئة، ووعدٍ بكهرباء نحتفل، حاليا، بمرور ذكراه السنوية العاشرة. ذلك لأن في الكويت دولة لا تتغاضى عن المصلحة الوطنية لحماية ناهبي البلاد، ولو كانوا من أصحاب النفوذ.
ففي الأيام القليلة الماضية، ضجت الكويت بقرار النيابة العامة بالتحفظ على أموال ما لا يقل عن 27 متهما بتبييض أموال بعشرات ملايين الدنانير وكذلك التحفظ على جميع العقارات المملوكة أو المخصصة وأي أوراق مالية بصناديق إستثمار. وبين المتهمين أكثر من 6 سيدات، والجميع كويتيون ما عدا سيدة عراقية، تعمل في مجال الإعلام الخاص، وبينهن مذيعة تلفزيون سابقا، وهم متهمة بتبييض أموال للنظام الليبي البائد، والنظام السوري الحالي، بما يتجاوز الـ75 مليون دولار أميركي.
مما يجمع بين المتهمين، رجالا ونساء، أنهم من نجوم "السوشيال ميديا" وما يعرف بـ"الفاشينيستا"، وقد تزامنت فضيحتهم، مع إصدار محكمة التمييز، في الكويت، حكمها في قضية الإستيلاء على أموال جمعية الشرطة، والمتهم بها ظابط برتبة عقيد ومجموعة معه، وقضى بالحبس 15 سنة ورد مبلغ يناهز 5 ملاين دولار، وتغريمه ضعف المبلغ. ولأن الشيء بالشيء يذكر، استدعت حكومة بنغلادش سفيرها لدى الكويت على خلفية اعتقال السلطات الكويتية لنائب بنغالي بتهم غسيل أموال. والحكاية أن المعتقل جاء إلى الكويت بحثا عن عمل، ولم يلبث أن ظهرت عليه وفرة المال، وتبين أنه أسس شركة لاستجلاب عمال، وتواطأ مع مسؤول كبير في إدارة الهجرة كان يوقع له، ليلا، معاملات دخول لعمال من جنسيات يمنع دخولها الكويت إلا بإذن خاص. المهم أن وراء كل متهم في القضايا المذكورة شبكة من المستفيدين المحليين والأجانب،كحال ايراني تخصص في تجارة الكحول الممنوعة، وحين مداهمة بيته وجدت الشرطة ما يوازي 200 مليون دولار نقدا.
أغلب هذه المعطيات أوردها موقع "القبس" الألكتروني، واللافت في تعليقات القراء ما كتبه لبناني: عقبالنا يا رب. تُرى، لو العقبى لنا، كم عدد الرؤوس التي ستسقط، وقيمة الأموال المنهوبة التي يجب أن تستعاد؟