كتب عبد السلام موسى:
ما ضاع حقٌ وراءه مطالب. وحق الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يضيع. كان اليوم في لاهاي، كما كان بعد تاريخ 14 شباط 2005، سيفاً قاطعاً، أقوى من كل الباطل، يؤكد على الحقيقة الثابتة أن القوة مع الحق وليس الحق مع القوة.
لم يذهب حق الدم سدى طوال 15 عاماً من حملات ومؤامرات تصدى لها الرئيس سعد الحريري بقوة الحق، في انتظار الحقيقة، بعد أن رفع الدم من أرض الفتنة إلى أرض العدالة، وترقب مع أهل الحق، الحقيقة والعدالة، على أرض الوطن، وعض في سبيلها على جراحٍ لم يتركوا مناسبةً من دون أن يبرموا سكينهم فيها، هروباً من حقيقة ستدين القتلة إلى يوم الدين، بأنهم قتلة في خدمة قتلة، وادوات قتل في مشروع قاتل، من بيروت إلى دمشق، مروراً ببغداد وصنعاء، وصولاً إلى طهران.
وقف سعد الحريري في لاهاي، وقال كلمته بوضوح :"لا تنازل عن حق الدم"، وعاد إلى ضريح والده وأضرحة رفاقه الشهداء يهديهم الحقيقة، ويبحث معهم ومع كل اللبنانيين عن حقيقة اغتيال آخر، اغتيال بيروت للمرة الثانية في 4 آب 2020، بعد اغتيالها للمرة الأولى في 14 شباط 2005، بقوله: "لا تنازل عن حق بيروت"، وتأكيده أن الحقيقة والعدالة في قضية رفيق الحريري ورفاقه تؤسس لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة لكل الشهداء الأبرياء الذين سقطوا في إنفجار المرفأ، ولكل الجرحى والمتضررين.
قدر سعد الحريري أن يسعى إلى الحقيقة من أجل لبنان، أن يمارس "فن الصبر"، فيما القتلة لا يكفون عن ممارسة "شر القتل"، ويهابون الحقيقة، حقيقتهم، بعد 30 عاماً، و300 عاماً، ويهربون منها إلى المزيد من قتل أنفسهم، وقتل بعضهم البعض. "طابخ القتل آكله"، ولو بعد حين.
لا يمكن لمن يهرب من الحقيقة أن يقول أنه "غير معني بها". لا يهرب الإنسان إلا مما يعنيه، وأي هروب متجدد هو إدانة مضافة بأنهم "معنيون" بها، مهما قالوا وفعلوا، ومطالبون بلسان الحريري، ولسان كل اللبنانيين، بـ"فعل" يكون على قدرها بتسليم من قتل رفيق الحريري لينال قصاصه.
لن يكل سعد رفيق الحريري في سبيل تحقيق عدالة ناجزة تحت شعار "ما في حدا أكبر من العدالة".