كتب جورج بكاسيني
ما عدا ما بدا حتى عادت لغة التقاطع بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر".. وهي رميمُ ؟
سؤال طرح نفسه في الصالونات السياسية مع دعوة عضو تكتّل "الجمهورية القويّة" النائب ستريدا جعجع، من بكركي، تكتّل "لبنان القوي" الى الاستقالة من مجلس النواب "ما يفقد الأخير ميثاقيته وبالتالي الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة".
هذه الدعوة المستجدّة من "القوات" لـ"التيّار" كشفت النقاب عن تقاطع "بالصوت والصورة" مع موقف رئيس التيار "الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي أعلنه قبل أيام قليلة، ذاهباً فيه ، للمرة الأولى، الى حدود الموافقة على "انتخابات مبكرة" بوصفها المخرج الوحيد لإبعاد الرئيس المكلّف سعد الحريري من معادلة تشكيل الحكومة.
لم يقتصر هذا التناغم الجديد - القديم بين الجانبين على هذه النقطة وحسب، وإنما شمل " عدم اهتمام مشترك " بتشكيل حكومة جديدة، عبّرت عنه النائب جعجع صراحة مع تأكيدها أن "القوت" "غير مهتمّة" بالتأليف، ومارسه النائب باسيل، ومعه رئيس الجمهورية، فعلاً مع وضع العقبة تلوَ الأخرى في طريق التشكيل .
ماذا يعني ذلك؟
بانتظار أن تنجلي الخلفيات الكاملة لهذا التطوّر، ثمّة تساؤلات مشروعة تفرض نفسها، خصوصاً أن ما أثير يشي بقطع الطريق أمام تشكيل حكومة ينتظرها اللبنانيون ، والعالم أجمع، كمفتاح وحيد لوضع حد للإنهيار الذي ضرب لبنان طولاً وعرضاً على سكّة المعالجة:
1- هل أنّ "التقاطع" المشار إليه يعني عودة الروح الى ما سمّي "تفاهم معراب" أو إعادة ترميمه، كما يُعاد ترميم "تفاهم مار مخايل" بين طرفيه؟
2- ما الجديد في الطبعة الثانية من "تفاهم معراب"، وهل يكون علنياً أم "سرّياً" كما جرى مع إقرار الطبعة الأولى؟
3- هل سلّم جبران باسيل لسمير جعجع بأن يخلف الرئيس ميشال عون في القصر بعد أن خابت آمال الأول بالوصول إليه، مقابل تحصين "الجبهة العونيّة" في وجه الرئيس المكلّف سعد الحريري؟
4- هل نجح باسيل في استدراج جعجع الى "اتفاق" معيّن يُحرج الحريري مقابل "الأكثرية المسيحية"، تماماً كما نجح في ذلك عشيّة التسوية الرئاسية التي لعب رئيس "القوات" فيها دور جسر العبور الى رئيس "المستقبل"؟
5- أم أنّ مخيّلة الطرفين جنحت مجدداً نحو وهم الاستعداد لـ"فيدرالية" (من طرف واحد؟!) على طريقة ما جرى قبل حرب "الإلغاء" بين عون وجعجع العام 1990؟
والمعلوم أنه بعد تعيين الرئيس الأسبق أمين الجميّل الجنرال عون رئيساً لحكومة إنتقالية العام 1988، انقلب الأخير عليه مع جعجع – بعد ساعات من إعلان مراسيم الحكومة – عندما اجتمعا في القصر واتفقا في حينه على التكاتف سياسياً وعسكرياً: عون يترأس حكومة ما كان يُسمّى " المنطقة الشرقية" (ذات الغالبية المسيحية)، وجعجع يتولّى "أمن المجتمع المسيحي" .
ورغم أن رئيس "القوات" أعلن في حينه أنّه اتّفق مع الجنرال على ما سمّاه "حكومة المقاومة" (كانت مسيحية آنذاك)، لم يدُم هذا التفاهم أكثر من أسابيع ليُضرب "أمن المجتمع المسيحي" مرّتين تباعاً مع حرب "التحرير" وحرب "الإلغاء". . ولتشهد الجمهورية أسوأ أنواع الحروب وأقذرها والتي بقيت آثارها حيّة حتى اليوم .