مواقع إجتماعية

هكذا أعاد فيسبوك تشكيل الروابط الاجتماعية والمشهد السياسي!

تم النشر في 26 تموز 2019 | 00:00

نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرا سلطت فيه الضوء على مقتطف من كتاب مارغريت أومارا تحت عنوان "الرمز: وادي السيليكون وإعادة صنع أمريكا"، الذي تستكشف فيه كيفية تحول وادي السيليكون إلى مركز التكنولوجيا في الولايات المتحدة.


وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أومارا المؤرخة في جامعة واشنطن، التي عملت خلال فترة بيل كلينتون في البيت الأبيض في الأيام الأولى لشبكة الإنترنت، وصفت في كتابها كيف بلغ موقع فيسبوك ذروته في وقت كان فيه المجتمع يبحث عن تواصل إنساني أكبر، وأعاد بدوره تشكيل المشهد السياسي في زمن باراك أوباما.


أضافت المجلة أن فيسبوك كان قد تجاوز عمره خمس سنوات بقليل عندما انتقلت الشركة إلى مبنى على هامش متنزه ستانفورد للأبحاث والذي كان يضم فيما مضى جزءا من شركة هوليت-باكارد.


وقد ترك نمو هذه المنصة جميع منافسيها ومن سبقوها خلفها. ومن خلال ربط العالم عبر البرامج على نطاق واسع، كانت الشركة بصدد تحقيق إنجاز لطالما حاول وادي السيليكون القيام به لأجيال.


وفي سنة 2007، فتح فيسبوك شبكته أمام تطبيقات الطرف الثالث، حيث أضاف الألعاب والمسابقات وأنواعا أخرى من المحتوى، وسمح للمطورين بالاستفادة من كنز المعرفة المتعلقة بروابط المستخدمين وإعجاباتهم التي يطلق عليها فيسبوك اسم "الرسم البياني الاجتماعي".


في الواقع، أعاد فيسبوك تشكيل الويب نفسه ليكون "اجتماعيا أكثر وذا طابع شخصي أكبر، وأكثر وعيا".


وأوضحت المجلة أنه على غرار عدة أجيال من شركات التكنولوجيا التي سبقته، لا يدين فيسبوك بنجاحه لمواهب مؤسسيه فقط، وإنما للحظة التاريخية التي نشأ فيها أيضا.


 وقد سرّعت الإنترنت وتيرة انعدام الثقة في الحكومة، لا سيما في فترة ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر. كما تسبب عصر الرعب والحرب الطاحنة في الشرق الأوسط في التوق إلى العوالم المألوفة بالنسبة للأسرة والمجتمع، وزاد من شكوك الأجانب والأقليات الدينية لتصبح هناك مجموعة "هم" مقابل "نحن". وعندما كانت الحياة الواقعية مرعبة، مثلت مواقع التواصل الاجتماعي ملاذا رائعا.


لكن فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى ملأت الفراغ الثقافي المترتب عن نصف قرن من التحرر السياسي والاضطراب الاقتصادي.


وقد تحولت هذه المواقع إلى ساحة أكثر عالمية، وعبرت الحدود الوطنية، وأطلقت أصواتا جديدة وخلقت لحظات من الاتصال قابلة للتحول إلى صداقات واقعية.


وتحدثت المجلة عمن أطلقت عليه مارغريت أومارا "رئيس مواقع التواصل الاجتماعي"، ألا وهو باراك أوباما، الذي على غرار مارك زوكربيرغ، كان غير معروف فعليا في سنة 2004، وقد سرق الأضواء الدولية بسبب جاذبيته الرائعة ورؤيته المتفردة وتوقيته المحظوظ.


في الحقيقة، كان لاعبو وادي السيليكون يبحثون عن فتى جديد في أعقاب نجاح كل من سيرغي برين ولاري بيج في غوغل، وقد عثروا عليه في شخص زوكربيرغ.


وعلى نحو مماثل، وجد الديمقراطيون المُنهكون من فترة رئاسة بيل كلينتون والذين عارضوا قرار إدارة بوش بخوض الحرب في العراق، في أوباما وجها جديدا وصوتا مقنعا.


وأشارت المجلة إلى أنه مثلما استفاد فرانكلين روزفلت من الإذاعة وجون كينيدي من التلفزيون، فقد استفاد باراك أوباما من مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أكثر شمولية وإبداعا من منافسيه السياسيين، وأقام علاقة وثيقة وودية مع وادي السيليكون في هذه العملية.


وبعد تولّيه منصبه في سنة 2009، أصبح حضور أوباما مألوفا، وعقد اجتماعات في فيسبوك ولينكد إن، فضلا عن جمع التبرعات الكبيرة والتمتع بوجبات العشاء الخاصة مع عمالقة التكنولوجيا.


وبالعودة إلى واشنطن، مارس الرئيس الضغوط من أجل إعادة ابتكار البيروقراطية باستخدام برامج جديدة. وقد دعا حلفاءه والمانحين من مجال التكنولوجيا لمساعدته بعد الكارثة التي حلت بموقع التسجيل الخاص بخطة الرعاية الصحية التي أطلقها.


وتجدر الإشارة إلى أن مساعدي أوباما شقوا طريقهم غالبا إلى وادي السيليكون بعد انتهاء فترة خدمتهم في الخدمة العامة.


وأفادت المجلة بأنه مع اقتراب نهاية عهدته الرئاسية، وقفت هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية في عهد أوباما إلى جانب وادي السيليكون (وضد شركات الاتصالات) بشأن قضية "حيادية الإنترنت" الساخنة، التي منعت مقدمي خدمات الإنترنت من حظر محتوى معين أو فرض أسعار أعلى عليه.


في الواقع، أصبحت الولايات المتحدة أكثر انقساما على مدار فترة رئاسة أوباما، لكنه ظل متفائلا بشأن إمكانات مواقع التواصل الاجتماعي لسد الفجوة.


وحتى ارتفاع عدد المخترقين الأجانب والانتهاكات الأمنية عبر الإنترنت لم تضعف أمل الرئيس في التغلب على الكثير من المشاكل إذا كانت التكنولوجيا والحكومة متعاونتين.


ونقلت المجلة تصريحات أوباما في هذا الشأن خلال قمة للأمن السيبراني عقدها البيت الأبيض في حرم جامعة ستانفورد في سنة 2015، حيث قال: "أنا واثق تماما من أننا إذا واصلنا العمل معا بروح من التعاون، مثل جميع المبتكرين الذين سبقونا، فسيستمر عملنا مثل كاتدرائية عظيمة لعدة قرون قادمة..


ولن تكون هذه الكاتدرائية حول التكنولوجيا فحسب، بل أيضا حول القيم التي قمنا بتضمينها في بنية هذا النظام، وحول الخصوصية والمجتمع والاتصال".