تبدأ يوم الجمعة المقبل في قاعات مركز "كارو دو تامبل" في حي الماري التاريخي في باريس، الدورة الرابعة لـ"أكا"، المعرض العالمي المخصص للفنون المعاصرة في القارة الإفريقية. تشارك في تظاهرة هذه السنة أكثر من أربعين صالة عرض تضم أعمالاً لمئة وخمسة وعشرين فناناً قدموا من أربعين دولة منها دول المغرب العربي. سوق فنية تعد الأولى من نوعها في العاصمة الفرنسية لأنها مخصصة بأكملها للإبداع الإفريقي المعاصر ولكل فنان يستوحي من عوالم القارة الإفريقية.
جاء الفنانون من جنوب إفريقيا وكينيا وإثيوبيا والكاميرون والسنغال والكونغو وساحل العاج والمغرب ومصر والجزائر وتونس والبرازيل والولايات المتحدة وفرنسا. بعضهم لم يفارق وطنه الأصلي، وبعضهم الآخر يعيش بين عالمين ويتنقل من بلد إلى آخر ومن قارة إلى أخرى. من هؤلاء المغربي حسن حجاج الذي هاجر مع عائلته إلى لندن وهو في الثانية عشرة من عمره لكنه لم ينقطع يوماً عن وطنه الأم مستوحياً عالمه الخاص من تراثه العريق وألوانه المحلية. اختار، منذ الثمانينات من القرن الماضي، فن التصوير الفوتوغرافي وحققت أعماله نجاحاً كبيراً في العواصم العالمية ومنها باريس ولندن ونيويورك، بسبب مناخاتها السحرية وألوانها الجريئة وروحها الساخرة.
أما من مصر فيحضر الفنان معتز نصر المولود في الإسكندرية عام 1961 ويشارك باستمرار في البينالات العالمية وهو مثًل مصر عام 2017 في بينالي البندقية السابع والخمسين. تتميز أعماله بالتنوع واعتماد تقنيات مختلفة كالفيديو والرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وهي تستكشف التحولات الثقافية والاقتصادية في زمن العولمة.
ترجع فكرة إطلاق هذا المعرض السنوي الكبير الى الشابة الفرنسية الأميركية فيكتوريا مان التي عملت سنوات على تحقيق حلمها بتخصيص معرض دولي بأكمله للفن المعاصر في قارة عانت قروناً طويلة من الاستعمار والعبودية والنهب. فعلى الرغم من العلاقة التاريخية التي تربط فرنسا بالدول الإفريقية، فإن المعارض التي خصصتلمبدعيها المعاصرين كانت نادرة جداً، لأن اهتمامات المتاحف وصالات العرض كانت تنحصر فقط بالفنون الإفريقية التراثية والحرفية ولا تلتفت إلى الابداع المعاصر.
من أهداف هذا المعرض إذا، بحسب فيكتوريا مان، التعريف بعدد مهم من المواهب حتى لا تبقى شهرتها محصورة في بلدانها الأصلية والسماح لها بالحضور في عاصمة عالمية للفنون كباريس مما يفتح لها آفاقاً جديدة على الصعيدين التجاري والفني. تشرف على اختيار الفنانين المشاركين لجنة مكونة من نقاد وناشطين في مجال الفنون من جنسيات مختلفة منهم المغربية نوال سلاوي.
أهمية هذا المعرض أيضاً أنه يكشف عن نظرة جديدة اليوم باتت تطالعنا على المستويات الفنية الأوروبية وتمس الفنانين الآتين من دول العالم الثالث ومنها الدول التي عاشت طويلاً تحت السيطرة الأوروبية. وهذا يدل على بداية خروج هؤلاء الفنانين من التهميش الذين عانوا منه عقوداً بسبب هيمنة الذهنية الاستعمارية.