من عامل وحمّال وعائلة فقيرة، الى أسطورة هوليوودية تجمع بين الأفلام الشعبية والنخوية. ما بين منتصف الأربعينات وحتى الستينات، كان كيرك دوغلاس قد قدم نحو 80 فيلماً، وصار من القامات الكبيرة في هوليوود، في "زمنها الذهبي". لعب أدوار متنوعة، ما بين التراجيدي والكوميدي، ما بين المواضيع الجدية وأخرى درامية.
شغف جيل تلك المرحلة بدوغلاس وخصوصاً في أفلامه التاريخية سبارتاكدس، ووالف يكينغ ورشح ثلاث مرات للاوسكار عن "سبارتاكدس" و"السيء والجميلة" و"شهوة الحياة" لكنه لم يفز بأي جائزة. وهناك من يعزو ذلك الى موقفه السياسي التقدمي ضد المكارثية عندما كانت هذه الأخيرة تطارد الفنانين والأدباء تسعى الى عدم نيله جوائز، تماماً كما حصل مع كثيرين أمثال شارلي شابلن وهنري نودا. لكن منحته الاكاديمية أوسكاراً شرفياً عن خمسين سنة من المهنة.
يذكر ان أول دور له فنياً كان في مشاركته في إحدى المسرحيات عام 1945 وأول فيلم له "الحب الغريب لمارتا اليفرز" من اخراج لويس ماسيند ثم فيلم "من الماضي" وآخر "وامشي وحيداً" لبرايان هاسكلن (بطولة بيرت لانكسر) و"البطل" (1942) و"فارس في الحفرة" لبيلي وايلد"...
وبرغم أعمال عديدة ذات اهمية وقدر مثل فيلم "التدبير" لايلان كازان فإن ما ساهم في صنع شعبيته الكبيرة هي افلام الواسترن الروائية التي كانت سحر اجيال المراهقين والشباب مثل افلام "السماء الكبيرة" لموارد هركس و"رجل بلا نجمة" و"المحارب الهندي" وأشهرهما "معركة ادكي كورال (1952) و"ممر المجد" للمخرج الكبير ستانلي كوبريك من دون أن ننسى أفلامه التاريخية "سبارتاكدس" لستانكس كديريك و"الفايكينغ" وبالاخص بعض الافلام الجدية مثل "التدبير".
عاش مئة وثلاث سنوات قضى جزءها الأبرز في السينما لكن هناك ما يميز دوغلاس عن غيره من الفنانين هي نزاهته وايمان بالقيم الاساسية والعدالة والقضايا المحقة وقد أشار ابنه مايكل في نعيه الى ان والده سعى خلال حياته لمساعدة الناس والفقراء وتبرع بمئات ملايين الدولارات للجمعيات الانسانية والخيرية.
رحل كيرك دوغلاس وكأنه اخر القامات الكبيرة في هوليوود "الزمن الذهبي" كان الممثل طوني كورتيس الذي مثل بجانب دوغلاس ما زال حياً وان اخر اساطير هوليوود بول نيومن قد توفي قبل اربع سنوات كان في زمن الشغف بالفن السابع تمثيلاً وكتابة واخرجاً وجمهوراً.
وها هو كيرك دوغلاس يودع العالم وكأنه يودع تلك الهوليوود الساحرة صانعة الأحلام والابداع.