على ضوء النار المشتعلة في أميركا لمناهضة العنصرية بعد مقتل المواطن الاميركي من اصل افريقي جورج فلويد على يد شرطي في جريمة أشعلت احتجاجات في أميركا والعالم، تشّجع مواطنون لبنانيون من امهات أفريقيات لرواية معاناتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في رسالة ارادوا من خلال اكثر من مجرد فضفضة، لوضع اليد على آفة يعاني منها الكثير من اللبنانيين الذين ينظرون بدونية إلى أصحاب البشرة السوداء، ما يترك في نفوسهم معاناة يبدو ان الوقت للحديث عنها قد حان.
قصة زينب
في واحدة من القصص المؤلمة التي تروي سيرة معاناة مع العنصرية، كتبت اللبنانية من أم أفريقية زينب مريم كنعان قصتها، التي تركت في قلبها الكثير من الألم، وهي تحمل لون أمها في بلد يرفض الآخر، ويتعامل الكثير من ابنائه مع ذوي البشرة الداكنة بدونية، ثم يبدي تعاطفاً غير مسبوق مع السود في أميركا، لدرجة أنها في طفولتها عادت يوماً من مشادة في المدرسة وهي تشعر بالكره تجاه أمها التي اورثتها كل هذه المعاناة.
وكتبت زينب عبر حسابها على الفايسبوك قصتها التي شجعتها احداث اميركا على سردها، بعد ان كانت تكابر كي لا ينظر اليها الآخرون نظرة شفقة.
"من أول ما بلشّت الأحداث بأميركا وأنا عم راقب هالمنشورات والحب اللبناني للأفارقة والسود وساكتة. على الرغم من إنو ماما أفريقية ونصّي أفريقي بس دايمًا مارست الرقابة على حالي إني ما إحكي باسمن وباسم معاناتن لأن بعرف نموذج واحد هو "ماما" أديه اللي مرقت فيه واللي بعدها عم تمرق فيه من الرجل الأبيض وبحس ما بيطلعلي احكي بس معليه اليوم والسماح من أمي وأختي وكل وحدة بتعرف وبتعنيلها هالقضيّة رح احكي بس تجربتي.".
وتابعت زينب "مستفزّة هالحركات مستفزّة لإلنا مش استفزاز بسيط استفزاز بيجرح استفزاز برجعنا لتفاصيل حملناها من طفولتنا ولهلأ بعدو تقلها على قلوبنا وعلى أجسادنا وعلى شعرنا وعلى شكل منخارنا وعلى شفافنا وعلى تصرفاتنا وكل شي وعلى علاقاتنا وعلى حكينا وكل شي.".
أمك عبدة
وتروي تفاصيل معاناة بدأت من الطفولة والصراع الذي عاشته ورفضت البوح به "من صغري وأنا اسمع مصطلح "عبيد" من أقرب الناس ومن الغرباء، لو تعرفو قديه صعب هيدا الصراع باللي بيخلق بينا وبين حالنا إنو ما بين ندافع عن حالنا وما بين نقول إنو هالمصطلح خرائي لا أخلاقي لا إنساني وبيحمل كتير اشيا بشعة إنك تسمع عم ينقال "العبيد بأفريقيا" وأمك أفريقية يعني "أمك" عبدة!!! وما بين إنك تسكت وتبلع الغصّة والغضب والاحتقان اللي جواتّك وتبيّن مكابر وتطنّش كرمال ما تحسّس الطرف الأبيض إنّك ضعيف أو مجروح من الكلمة... صدقوني ما بتعرفوا أديه حمل هالشي متعب.".
وعن أكثر حادثة أثرت فيها تقول "كنت بالثانوية صف سابع لما زميل بالصف مزعوج منّي قلّي "زنجيّة" حبست دمعتي وشلّفت عليه وشبقتو بالشنطة وبس رجعت ع البيت بكيت بكيت كتير لدرجة كرهت أمي !
من المصطلحات اللي انقالت عنّا "دنكور" "دناكير" لهلأ ما بعرف معناتها ولا حتّى اللي قالها بيعطي شرح واضح أو موّحد لإلها بس بقولها اللبناني المغترب اللي رزقه من أفريقيا عن الأفارقة السود وعنّا نحنا اللي مخلوطين. لما سمعت هالكلمة كنت صغيرة ما انقالت إلي انقالت عن شاب متلي إمو أفريقية ما قدرت دافع سكتت ما عرفت المعنى بس عرفت إنو شي مسخرة وتحقير فيك تعرف من الضحكة اللي بترافق هالكلمة إنك هون بمطرح مسخرة.".
ولم تكتف زينب بعرض معاناتها بل تحدثت عن صديقات عشن التجربة نفسها "مشكورين على حبكن لثقافتنا أو لحظة بعض ثقافتنا اللي نحنا انحرمنا منها مثلًا بتخبرني صديقة أمها أفريقية إنو ما لبست القماش الي عليه رسومات أفريقية كرمال ما يقولوا عنها "سيريلانكية" التخبيص بجنسياتنا لحالو كارثة. أو الشعر أو المنخار أو الشفاتير متل ما بسموها أما نحنا كرهنا هيدي التفاصيل اللي ميزتنا كرهتونا فيها من تنمركن ومسخرتكن وقرفكن.".
بلال الحبشي العبد الأسود
ومن فصول معاناتها تروي قصتها مع درس الدين الذي اراد الحديث عن ان مؤذن الرسول كان اسود اللون لكن كلامه كان مؤذيا "وبلال مؤذن الرسول مش عارفة اضحك أو ابكي تسلمولي بإنسانيتكم بس أنا بلال عشت تضارب مشاعر معه لما أستاذ الدين كان يقول عنه "بلال المؤذن الحبشي العبد الأسود" متل لما بعاشوراء بالمجالس يجرّب القارئ يفهمنّا أديه الإمام الحسين كان إنساني وإنو "جون" "العبد الأسود" اللي ريحتو نتنة انقتل معو وما تركه و كأنو من شيمنا السود الخيانة. بذكر لما قارئ تاني بيفهم حكى القصة بطريقة لحالي يمكن بالحسينية قدرت افهم وقدرت حس بفرق الشرح وبكيت من قلبي وقتها قال "بليلة العاشر كان الإمام الحسين مع جون والسيدة زينب لحالن بالخيمة" حسيّت إنو لأول مرة ما انحطينا على الهامش ولا نوصمنا ولا تأشر علينا بالإصبع للون بشرتنا ولا بأنو عبيد...".
في الجامعة كبرت زينب وتعلمت المواجهة وانفجرت في احد الايام في ذكرى لا تنساها "بذكر لما زميلة أيام الجامعة مشروعها بيحكي عن العنصرية كيف الجدل اللي احتدم بالصف على إنو إذا بينسمح للعاملات المهاجرات يسبحوا مع النساء اللبنانيات نفس المسبح أو لا!!!! ووقتها زميلة فهيمة كانت حجتها إنو "ريحتن بتلعي النفس" وقتها ما قدرت اسكت لما حكيت علّق شاب بالصف جملة لهلأ جرحها هون معلّم على جلدي على لوني على عقلي على قلبي قال "اوووف بتحسو كاينة مكبوتة وفشيّت خلقها" أيه مكبوتة من هالمجتمع العنصري الذكوري اللي لو بحكي بعد كيف نظرتكن إلنا نحنا الخليط من أم أفريقية وأب لبناني قديش مؤذية ما بخلص لا بمنشور ولا عشرة ولا كتاب فكيف النساء الأفريقيات والعاملات المهاجرات و...و...و..."
وختمت زينب قائلة "باختصار مشكورين على إنسانيتكن بس إنو Black Lives Matter مش شعار بس ويريت تبلشوا من هون من بيوتكن من كيف تحكوا قدّام أولادكن عنّا لأن صدقوا ممكن ننجرح من طفل كمان.".
وتعاطف مع منشور زينب الآلاف وتناقلوه عسى ان يكون صفعة على وجوه العنصريين الذي لا يدرون أنهم كذلك.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.