9 نيسان 2021 | 08:09

أخبار لبنان

عون يعطّل تشكيل الحكومة بتعويم "المستقيلة"‏

عون يعطّل تشكيل الحكومة بتعويم

كتب محمد شقير في صحيفة "الشرق الأوسط":‏



ما إن أنهى وزير الخارجية المصري سامح شكري جولته على القيادات السياسية ‏الرئيسة المعنية بتشكيل الحكومة بلقاء الرئيس المكلّف سعد الحريري حتى انبرى ‏رئيس الجمهورية ميشال عون من خارج جدول الأعمال الذي يعطي الأولوية ‏لتأليفها إلى توجيه رسالة للبنانيين اتهم فيها المسؤولين في وزارة المالية وحاكمية ‏مصرف لبنان بالتقصير في التوصل إلى اتفاق مع شركة «ألفاريز ومارسال» ‏يؤدي إلى إنجاز التدقيق لكشف أسباب الانهيار المالي وتحديد المسؤوليات تمهيداً ‏للمحاسبة واسترداد الحقوق، داعياً الحكومة لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار ‏المناسب لحماية ودائع الناس.‏

ويقول عدد من المسؤولين من رسميين وسياسيين ممن واكبوا الأجواء التي سادت ‏محادثات شكري في بيروت وتحديداً تلك التي شملت عون، بأنهم لم يفاجأوا بتجاهله ‏في رسالته إلى اللبنانيين للدوافع التي أملت على الوزير المصري القيام بزيارة ‏استثنائية لبيروت بعد أن تصاعدت الضغوط الدولية والإقليمية والأممية على ‏المعنيين بتشكيل الحكومة والتي بلغت ذروتها بالتهديد الذي أطلقه وزير الخارجية ‏الفرنسي جان إيف لودريان باتخاذ إجراءات غير مسبوقة ضد من يعرقل تأليفها. ‏

ويؤكد هؤلاء لـ«الشرق الأوسط» أن لودريان اضطر لتذكير المعرقلين بالإجراءات ‏التي ستتخذ بحقهم بعد أن نفذ صبر المجموعة الدولية منهم، وباتت على قناعة بأن ‏لا جدوى من التمديد للأزمة بذريعة توفير فرصة أخيرة لهم لمراجعة حساباتهم ‏والإقلاع عن شروطهم التي تعيق تأليف الحكومة، ويقولون إن شكري على تواصل ‏شبه يومي مع لودريان.‏

ويضيف المسؤولون أن عون يعطي الأولوية للتدقيق الجنائي ويربط إسقاطه ‏بضرب المبادرة الفرنسية التي استحضرها في رسالته إلى اللبنانيين من هذه ‏الزاوية، ويكشفون أنه كان واضحاً في التفافه على تشكيل الحكومة والقفز فوق البند ‏الوحيد الذي أدرجه شكري على جدول محادثاته في بيروت والمتعلّق بسحب ‏الشروط للإسراع بتشكيل الحكومة لأنها المفتاح الوحيد للشروع في حل الأزمات ‏التي أوصلت لبنان إلى الانهيار.‏

ويلفت هؤلاء إلى أن عون ليس في وارد إعطاء الأولوية لتشكيل الحكومة، وإلا ‏لماذا ركّز في محادثاته مع شكري على التدقيق الجنائي وصلاحياته الدستورية ‏وصولاً إلى عدم ارتياحه للتعاون مع الرئيس المكلّف، ويؤكدون أن عون أصر على ‏تكرار مواقفه كلما حاول شكري العودة في حديثه إلى مسألة الإسراع بتأليف ‏الحكومة.‏

ويرى هؤلاء أن عون تعاطى مع تشكيل الحكومة على أنها نقطة تفصيلية في ‏الأزمة اللبنانية، وأن لا مشكلة اسمها الفراغ الحكومي ما دام أن الحكومة المستقيلة ‏لا تزال قادرة ويمكن تفعيلها بمعاودة اجتماعات مجلس الوزراء بدءاً باتخاذها ‏القرار المناسب في مسألة التدقيق الجنائي، ويؤكدون بأنه يتصلّب في مواقفه، ما ‏يوحي بعدم استعداده لإعطاء الضوء الأخضر لتشكيل حكومة مهمة برئاسة ‏الحريري.‏

ويعتبرون أن عون يلجأ إلى الشعبوية في مخاطبة اللبنانيين لجهة دغدغته ‏لمشاعرهم حيال ودائعهم في المصارف، مع أنه أمضى حتى الآن أكثر من أربع ‏سنوات وهو يتربّع على كرسي الرئاسة ولم يستحضر التدقيق الجنائي إلا في ‏الأشهر الأخيرة، ويقولون إن الوصول إلى هذا التدقيق يكون بتشكيل الحكومة التي ‏يفترض أن تُدرجه كبند أساسي في بيانها الوزاري بدلاً من أن يُقحم البلد في أزمة ‏دستورية على خلفية السجال الذي سيترتّب على تعويم الحكومة المستقيلة، وكان ‏سبق لرئيسها حسان دياب أن ربط تفعيلها بتفسير الدستور لتحديد سقف لتصريف ‏الأعمال.‏

ومع أنهم لا يريدون استباق الموقف الذي سيتخذه دياب حيال الدعوة لجلسة لمجلس ‏الوزراء، رغم أن أوساطه كانت أكدت سابقاً بأن لا نية لديه لأن يُقحم نفسه في ‏مشكلة دستورية تثير الالتباس؛ لئلا يقال بأنه يعطل تشكيل الحكومة.‏

كما أن عون – بحسب مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط» – لم يأتِ في ‏رسالته على ذكر تشكيل الحكومة ما يعني أنه يريد تعطيل المبادرة الفرنسية وصولاً ‏إلى «اجتياحها»، وإلا لماذا دعا الحكومة المستقيلة لعقد جلسة، وهذا ما يفتح الباب ‏أمام السؤال عن موقف «حزب الله» الذي استثناه شكري من لقاءاته كما استثناه ‏سابقاً في زيارته الأولى لبيروت بعد الانفجار الذي استهدف المرفأ من دون أن ‏يتوافر أي تفسير لهذا الاستثناء.‏

ويلفت المصدر نفسه إلى أن عون بدأ يتصرف كجنرال مستحضراً تجربته أثناء ‏توليه رئاسة الحكومة العسكرية، بدلاً من أن ينخرط في الجهود الرامية لإزالة ‏العقبات التي تعترض ولادة الحكومة، وإلا لماذا أعطى لنفسه حق الإمرة قافزاً فوق ‏الصلاحيات المناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً، وهل اضطر لأن يتصرّف وكأنه ‏الحاكم بأمره احتجاجاً على تعذُّر سفر وريثه السياسي جبران باسيل إلى باريس بعد ‏أن صرفت النظر عن استضافتها أي اجتماع لبناني.‏

لذلك فإن عون لم يعد متحمساً للمبادرة الفرنسية ليس بسبب عدم شمول باسيل ‏بلقاءات شكري بذريعة أن لا مبرر لها طالما التقى رئيس الجمهورية، وإنما لتعذّره ‏في تسويق وريثه السياسي – أي باسيل – لدى باريس، إضافة إلى أنه بات ‏محاصرا محلياً وهو يصر الآن على عدم الإفراج عن الحكومة إلا بشرط الانصياع ‏لشروطه، مع أنه يدرك سلفاً بأن لا جدوى من رهانه على تطورات خارجية يمكن ‏أن تبدّل الوضع لمصلحته، مع أن هذا الرهان بعيد المنال وسيدفع باتجاه التشدد في ‏إطباق الحصار الدولي الذي لن يستثني هذه المرة الرئاسة الأولى.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

9 نيسان 2021 08:09