29 نيسان 2021 | 08:14

أخبار لبنان

ملف المفاوضات يتحرّك… واستسلام للشلّل الحكومي

كتبت صحيفة "النهار" تقول: وسط دوامة الشلل السياسي الذي يطبق كلياً على المشهد الداخلي بما ‏يبعد اكثر فاكثر احتمالات حلحلة ازمة تأليف الحكومة الجديدة ويبقي آفاقها مشرعة على ‏الغموض المديد، ضاعت كل برمجات الأولويات، وبات من الصعوبة بمكان الركون الى أي ‏تعهدات رسمية في شأن لجم تداعيات الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي لا ترقى ‏محاولات تأخير استحقاقاتها الى اكثر من تخدير ظرفي قصير المدى. واذا كان ملف احتواء ‏القرار السعودي بمنع ادخال المنتجات الزراعية اللبنانية الى أراضي المملكة العربية السعودية بعد ‏ضبط السلطات السعودية شحنة ضخمة مهربة من حبوب الكبتاغون المخدرة يستحوذ منذ نهاية ‏الأسبوع الماضي على معظم الاهتمامات الرسمية والاقتصادية، فإن هذه القضية على خطورة ‏مدلولاتها لم تحجب الاهتمامات السياسية بملف آخر لا يقل خطورة ودقة في ابعاده الاستراتيجية، ‏وهو ملف المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات ‏المتحدة الأميركية حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية. ولعلّ الغرابة ان يجد ملف المفاوضات ‏مع دولة عدو من يسارع الى إعادة تحريكه فيما يحاصر العجز والاستسلام التام ملف تشكيل ‏الحكومة الجديدة‎.‎

ففي ظل الصدمات المتعاقبة التي تلقاها ملف المفاوضات وأدت الى تجميد جولات التفاوض بين ‏لبنان وإسرائيل في الناقورة بعد تعديل لبنان خريطة تحديد الحدود البحرية، عادت هذه المسألة ‏لتخرق رتابة الازمة الحكومية والسياسية في ظل معلومات توافرت في الساعات الاخيرة ‏لـ"النهار" عن احتمال استنئناف المفاوضات في الناقورة في وقت غير بعيد. هذه المعلومات في ‏حال ثبوتها تشكل مفاجأة كبيرة لجهة معرفة الدوافع والمنطلقات التي يمكن ان تستأنف مفاوضات ‏ترسيم الحدود البحرية على أساسها بعدما أطاحت التطورات التي تعاقبت منذ توقف المفاوضات ‏قبل اشهر الى الان بمعظم المرتكزات التي بدأت على أساسها المفاوضات وهي تطورات ركنية ‏وأساسية تتصل بموقف كل من الطرفين من الحدود والخطوط الحدودية التي تتم عليها ‏المفاوضات والمساحات البحرية التي تعود الى كل طرف في ظل مسألة التنقيب عن الغاز والنفط‎ ‎‎.‎

في المعلومات التي توافرت "النهار" عن تطور جديد في هذا الملف ان ثمة توجهاً جديداً لمعاودة ‏جولات مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل في وقت قريب. وثمة اشارات ‏تلقاها المعنيون والمشرفون على هذا الملف تفيد بأن تطوراً ايجابياً طرأ مع ترجيح كبير بأن ‏تؤدي هذه الخطوة والاتصالات التي تمت من دون ضجيج وبعيداً من الاضواء وستكون خواتيمها ‏بمشاهدة الوفدين اللبناني والاسرائيلي يعودان الى طاولة المفاوضات في مقر"اليونيفيل" في ‏الناقورة من دون ان تتوافر معلومات تفصيلية بعد عن أسس هذه العودة واي منطلقات ستعتمد في ‏استئناف المفاوضات. واللافت في الامر انه في حال صح هذا الاتجاه، فانه سيعتبر بمثابة مؤشر ‏بارز للغاية حيال نجاح الوسيط الأميركي في انتزاع موافقة لبنان وإسرائيل على معاودة ‏المفاوضات تجنبا للانزلاق نحو مرحلة توتر خطيرة كانت أثيرت المخاوف المتعاظمة حيالها ‏بعدما دارت رحى مبارزة بين لبنان وإسرائيل في تبديل الخطوط التفاوضية وخرائطها في الآونة ‏الأخيرة. ويبدو واضحا ان الوسيط الاميركي قد دخل على الخط من جديد وعمل على تقريب ‏المسافات بين الجانبين، ولكن أي معلومات مفصلة في هذا الشأن لم تتوافر بعد خصوصا لجهة ما ‏سيكون عليه الموقف اللبناني الذي اتسم بالتخبط بعدما جمدت رئاسة الجمهورية مرسوم تعديل ‏الحدود البحرية وتوسيعها، وبعدما دخل أخيراً رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ‏على خط الطروحات المثيرة للانقسام طارحاً مشروعاً لاعادة تشكيل وفد تفاوضي سياسي ‏عسكري وذهب بعيداً في طرح تقاسم الثروة النفطية مع إسرائيل عبر طرف ثالث او شركات ‏اجنبية. وبدا واضحا ان طرح باسيل قوبل برفض مكتوم لدى الثنائي "امل " و"حزب الله" من ‏جهة، كما لم يلق أي ارتياح لدى أطراف اخرين ايدوا أساسا موقف قيادة الجيش في اعتماد خط ‏جديد لحقوق لبنان. وستكون الأيام القليلة المقبلة كفيلة ببلورة حقيقة الاتجاهات المتصلة بهذا ‏الملف سواء لجهة بلورة الأسس التي يمكن على أساسها العودة الى المفاوضات اذا كانت ثمة ‏ترتيبات أميركية وأممية نجحت او ستنجح فعلا في ذلك او لجهة انهاء التخبط على الضفة ‏اللبنانية ووقف توظيف هذا الملف سياسيا ومنع العبث بملف يعود الى اخطر حقوق لبنان ‏الاستراتيجية وجبهته التفاوضية مع إسرائيل‎.‎

الملف الحكومي

اما في ما يتصل بالملف الحكومي، فان أي جديد لم يسجل في التحركات على رغم تصاعد ‏الحديث عن احتمال حصول حركة مشاورات جديدة قد تحمل احياء لإمكانات انهاء القطيعة ‏القائمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. ومع عودة الحريري ‏الى بيروت مساء الثلثاء ترددت معلومات عن امكان قيامه بزيارة جديدة لبكركي للقاء البطريرك ‏الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي كان زار بعبدا اول من امس للتشاور معه في ‏المستجدات واطلاعه على نتائج زيارته للفاتيكان الأسبوع الماضي كما ذكر ان اتصالا اجري بين ‏الحريري والراعي تناول الملف الحكومي‎ .‎

وفيما توجه امس رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى موسكو لاجراء محادثات ‏مع عدد من المسؤولين ابرزهم وزير الخارجية الروسي التقى الحريري امس في "بيت الوسط" ‏السفير الروسي في لبنان الكسندر روداكوف وأبلغه "شكره للقيادة الروسية على الاستقبال الذي ‏لقيه خلال زيارته الأخيرة لموسكو والتفهم الذي ابدته لمواقفه حيال الازمتين السياسية ‏والاقتصادية التي يرزح تحتهما لبنان، مثمنا موقف روسيا الداعم لتأليف حكومة اختصاصيين في ‏أسرع وقت ممكن بما يتماشى مع المبادرة الفرنسية واهتمامها بمساعدته عبر تواصلها مع مختلف ‏الأطراف الفاعلة‎ ".‎

عون والسعودية

وعلى صعيد احتواء تداعيات القرار السعودي أكد الرئيس عون امس انه "لا يقبل ان يكون لبنان ‏معبرا لما يمكن ان يسيء الى الدول العربية الشقيقة عموما والى السعودية ودول الخليج ‏خصوصا، نظرا للروابط المتينة التي تجمع لبنان بهذه الدول التي وقفت دائما الى جانبه في ‏مختلف الظروف التي مر بها". وأعلن ان "المملكة العربية السعودية دولة شقيقة، يهمنا المحافظة ‏على التعاون الاقتصادي القائم معها، ونحن اليوم نبذل جهدا كبيرا لكشف ملابسات ما حدث ‏وإعادة الامور الى مسارها الصحيح". واشار الى ان "الاجراءات التي تم اتخاذها في الاجتماع ‏الموسع الذي عقد الاثنين الماضي في قصر بعبدا، ستنفذ، وأن الاجهزة الامنية ستتشدد في مراقبة ‏حركة التصدير من المرافق اللبنانية البرية والبحرية والجوية لطمأنة الدول التي تستقبل المنتجات ‏اللبنانية الزراعية والصناعية على حد سواء‎".‎

حجز على أصحاب مصارف

على صعيد آخر برزت خطوة قضائية لافتة امس في سياق الدعاوى المتصلة بأزمة ودائع ‏المودعين في المصارف اذ أصدرت قاضية التحقيق الأول في البقاع أماني سلامة قراراً ‏إحترازياً قضى بقيد إشارة منع تصرّف على الأسهم في شركات وعقارات في لبنان، وعلى ‏الأسهم في شركات وعقارات والأموال خارج الأراضي اللبنانية لعددٍ من أصحاب المصارف ‏ورؤساء مجالس إدارتها، وذلك بناءً على ثلاث شكاوى جزائية مباشرة قدمت أمامها من محامي ‏الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام"، بوكالتهم عن مجموعة من المدّعين ‏المشتكين، بصفتهم كمواطنين ومودعين على السواء، ضد المدعى عليهم "جميع المصارف ‏العاملة على الأراضي اللبنانية، بشخصيتهم القانونية المعنوية، وضد رؤساء مجالس إدارتهم، ‏بصفتهم التمثيلية والشخصية الذاتية في آن، وضد كل من يظهره التحقيق متورطاً في الجرائم ‏المدعى بها وتحت أي صفة جرمية كانت‎"‎‏.‏



النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

29 نيسان 2021 08:14