17 آب 2022 | 09:31

أخبار لبنان

اقتصادات السلوك في أزمنة الانهيار

مازن عبّود - جريدة النهار/اوكسيجين



"اضمحلال الدولة والامن، إدارة الأزمات المتفاقمة في لبنان" تقرير لمجموعة الأزمات حول الشرق الأوسط (2021)، تضمن قلقا من ان يشكل منتصف العام الحالي بداية تآكل الدولة وازدياد الضغط وصولا إلى تدهور عام للأمن. التقرير توقع تفلتا نتيجة الظروف المعيشية لكن ليس بهدف الضغط للتغيير كما في العام 2019، وعودة للاغتيالات وصراعات على الموارد الشحيحة ليس فقط ما بين الطوائف والجنسيات بل ايضا بين فصائل الطائفة والمناطق مع اجواء اقليمية ودولية غير ملائمة.

فعلا، بدأت الحوادث الامنية في المصارف تتزايد حدتها مع خطف وشغب وانحلال وتبخر مداخيل عناصر القوى الامنية. وهذا ما يفسر تفعيل انفتاح وليد جنبلاط وحواره مع حزب الله لحماية طائفته وتحصين موقعه.

الخشية من ان يؤدي الضغط على المصارف الى اشهارها افلاسها فيتعقد الوضع اكثر. فيصير الافلاس وسيلة حماية او وسيلة لتحديد خسائر من هم قائمين على هذه البنوك. المادة العاشرة والحادية عشر من قانون "اخضاع المصارف التي تتوقف عن الدفع لاحكام خاصة" تتكلم عن التصفية والدائنين. الدائنون المميزون (الدولة او من يتمتعون بحقوق تأمين) محميون قانونا، اما المودعون العاديون فينالون ما توفر من بقايا التصفية بنسب متساوية، وبعد سنين، وهنا لب المشكلة. الافلاس يفرض عزل اعضاء مجالس الادارة والمسؤولين الذين قد يلاحقون بموجب احكام قانون التجارة وقانون العقوبات حتى خارج لبنان، وهذا ما يعيق المصارف عن اعلان افلاسها. ثمة مصارف عرفت كيف تطوّع الازمة للتخلص من ديونها المتعثرة بالدولار الامريكي مستخدمة تفاوت اسعار صرف الدولار. فجرى تسديد هذه الديون بالشيكات او بالعملة الوطنية وفق السعر الرسمي للدولار. فسوّت ديونها محاسبيا لكن على حساب المودع. زيارة مدير مصرف اليوم اشبه بالاشتراك ببطولة فيلم رعب لا تخلو من المآسي والذل. فتخرج من المسرح وانت تردد: "اهمّ شيئ السلامة والصحة".

لكنّ سقوط هيكل النظام المصرفي لا ينفع احدا، المطلوب تضافر الجهود. الاجرام في الابقاء على تدابير مؤقتة لمعالجة حالة مستعصية ومزمنة. غدا تضيق الهوامش فينفد ما تبقى من اموال السحب الخاص المستعملة في سطوة فراغ لدرء استفحال انهيار. فنروح ننتظر مناخات وفراغ.

الاولوية في غنوة "معين " ولقمة "ام شريف"، وما عدا ذلك تفاصيل. لكن ثمة ملاحم سطرتها مؤسسات وافراد يتوجب الاضاءة عليها!

الاقتصاد السلوكي يعنى بتحليل الاسباب النفسية للاختلالات الاقتصادية عندما تخرج الممارسات عن المعايير والمنطق. المطلوب في بلد الاختلالات واللامنطق دراسة العوامل النفسية للتعثر. "ابو سعدى" يستلذّ في حرق دولارات امه، فيروح يرقص وامه تبكي "استرضاء للارواح".

أستاذ الاقتصاد السلوكي في جامعة شيكاغو ( نوبل للاقتصاد لعام 2017) "رشارد ثيلر" آت الى لبنان كي يدرس "ابي سعدى" وسياسات الدعم. فيفهم اطرف وابشع انهيار اقتصادي. ثمة وهوية وحدود معرفية يتوجب تفكيكها لفهم دينامية التعاطي داخل القبائل وخارجها، وربط كل مستويات التحليل.

الكثير في لبنان طوعوا الازمة لمصلحتهم على حساب الاقتصاد، وثمة من عرف كيف يطوّعها خدمة للفعالية الاقتصادية، تجارب يجب ان تعمم. مكونات درء الانهيار: التواضع لقبول الواقع والمنطق لمعالجة الامور والشجاعة للسير بتدابير موجعة. والى حين تبدل المناخات وقبول الخسائر والسير بخطة التعافي، بدأ "ابو النسم الدوماني" الانتقال من بلدة المواطن الى المواطن البلدة لمواجهة القلة والنقار. ما يشغل باله هو النقار ما اهل الحارة الفوقا والتحتا. وقد بدأ يجمع الغلال والسلاح!!!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

17 آب 2022 09:31