جريدة النهار/ اوكسيجين/ مازن عبّود
المعاهد والجامعات ازهار الحضارة، هي حقول الفكر والابتكارات التي تضمن تقدم البشرية... وفشلها في الاستجابة لتحديات القرن الجديد يؤدي الى نهايتها... عليها الاستجابة ليس فقط لمتطلبات الجماعات بل الافراد أيضا ". من كتاب جوزيف عون رئيس جامعة النورث ايسترن (الواقي من الروبوت، العلوم العليا في زمن الذكاء الاصطناعي (2017)).
المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي يقول "الحضارات كالأفراد تستمر عندما تتمكن من مواجهة التحديات والاستجابة الى متطلباتها بحلول مبتكرة". وتتفلت عجلة القطار عن السكة عندما تعجز عن الاستجابة للتحديات بطرق مبتكرة. و"ما الانحدار الا اخفاق حضاري نتيجة العقليات الجامدة".
كتاب جوزيف عون الذي يعالج التحديات ويقترح حلولا للجامعات تمكنها تادية مهامها في العصر الجديد، اقترح عليّ قراءته الرئيس ميشال معوّض رئيس LAU الذي يعوّل على قسم الفنون الليبرالية لمساعدة خريجيه على اكتساب مهارات جديدة تمكنهم من الاستجابة لمتطلبات العصر.
لا مكان لك في العصر المعرفي ان لم تكتسب مهارات جديدة وتتأقلم مع ظروف استثنائية. العالم سيكون للابداع والابتكار والنضج العاطفي والفكري والخصال الانسانية التي تضمن تمايزك عن الروبوت. مهمة الجامعات اضحت تطوير المهارات التحليلية والذكاء الاجتماعي ورفد الخريجين بوسائل ومعلومات تتلاءم مع متطلباتهم على الصعيد الفردي كما الجماعي، وذلك كي تبقى حاجة، ويبقى خريجوها قيمة في اقتصادات الغد ومتطلباته. فلا يخشون الروبوت وعصره.
ثمة فرص وتحديات في عالم الغد. فرص لمن يعرف الاستثمار بها، وتحديات كفيلة بتهميش الجماد من البشر ممن لا يستجيبون الى متطلبات العصر. اكلاف الاقتصاد المعرفي كبيرة، جهة ازدياد البطالة والفروقات الطبقية لدرجة انّ الانظمة ستجد نفسها مهددة.
في لبنان، مسألة الجمود في مواجهة التحديات والاضمحلال تتجلى في كيفية التعاطي مع الانهيار. مواجهة الازمة بالجماد سقوط. والعجز عن ابتكار حلول والاستسلام للنصوص، اضمحلال. ثمة قطاعات في الدولة خدماتية واستثمارية تزول. لن يبقى من الادارات العامة والمرافق الا من يعرف كيف يتكيّف ويجد وسائلا استثنائية ومرنة للاستمرار.
مواجهة الانهيار تتطلب عقولا ورجالا، وخشية المسؤول من ان ينتقد اذا ما اتخذ خطوة جريئة لضمان المصلحة العامة، تؤدي الى انهيار قطاعه.
للمراحل الاستثنائية عقولها وقوانينها وانماطها، والا الزوال. وسيحاسب التاريخ المسؤولين عن جمادهم. بدأت بعض القطاعات تتخذ تدابير جريئة وتربط هذه التدابير بالانتاجية والربحية وهذا ما كان يلزم في دولة لا تحفز، وتعامل المرفأ والريجي كالكهرباء وسكك الحديد. المطلوب على كل المستوايات ضمان ديمومة القطاعات واتخاذ تدابير تمكن المستخدمين من متابعة عملهم دون ان يؤدي ذلك الى اثراء غير مشروع.
سيحاكم التاريخ المسؤولين اذا ما جاع مرؤسيهم وانهارت القطاعات، وليس لمخالفتهم نصوصا لا تتوافق مع تحديات الانهيار. فما نفع النصوص الناظمة اذا ما زالت القطاعات والدولة؟
لا ينتج الفراغ حلولا، ولا التمترس وراء النصوص البالية استدامة. ادعو القضاء والاعلام ومسؤولي الدولة الى التعاطي بعقلية مختلفة. اؤيد الحلول الجريئة التي تضمن عودة القاضي الى محكمته والموظف الى ادارته لانّ لسقوط القضاء والادارة تداعيات مخيفة.
التدابير التي اتخذت في المرفأ اعادت تفعيل العمل فيه. احيي شجاعة وزير الاشغال الذي اقرّ اقتطاع نسبة من ارباح المرفأ بالفريش دولار كي تعطى للمستخدمين الذين يحولهم الانهيار الى معدمين لتحفيزهم وضمان استدامة تدفق الربحية ونمو المرفق. فلا يمكن لمرفق ان يحافظ على ربحيته اذا ما تدهورت احوال مستخدميه. التكيف ضرورة والا الاضمحلال.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.