27 آب 2023 | 12:44

أخبار لبنان

"الصوت" ينضمّ الى "الذين لا صوت لهم"!

كتب جورج بكاسيني





لم يكن ينقص "صوت الذين لا صوت لهم "سوى الإنضمام الى قائمتهم ، ليكتمل نصاب الغياب . هو اختار بدايةً خفض صوته قليلاً ، قبل أن يستلّ الوترَ تلوَ الوتر حتى الرمق الأخير .

منذ أن توقفت "السفير" عن الصدور دقّت ساعة طلال سلمان . استبق هزيمته الأخيرة بانسحاب هادئ ، بعد أن واجه الهزائم المتعاقبة في فلسطين وفي دنيا العرب بسلاحه الأبيض .

لم يكتفِ "أبو أحمد" القادم من شمسطار الى بيروت بالتدرّج من إحدى مطابعها وصولاً الى رئاسة تحرير أكبر صحفها . انضمّ باكراً الى نادي كبار الصحفيين العرب ، في حضورهم وغيابهم ، فقرّر الرحيل قبل أسابيع من موعد مئوية صديقه المزمن محمد حسنين هيكل ، الذي كنا كلما حضر الى بيروت نفاجأ بترؤسه اجتماع التحرير الصباحي في الطابق الثاني .

قابل رؤساء وملوكاً وقيادات فناصر بعضهم وهجا بعضهم الآخر ، فيما أصبحت "السفير" منصّة لقضايا وملجأً لرموز ، من دون أن تنجو من القصف الإسرائيلي كلما لجأ إليها أبو عمار إبان الإجتياح .

كان طلال سلمان رئيساً للتحرير ومحرّراً ومُخبراً في آن . استضاف كبار القادة في مكتبه في الطابق السادس بحضور عشرات الزملاء . وإذا زار رئيساً أو وزيراً اصطحب الزميل ابراهيم الأمين وكاتب هذه السطور معه . أما إذا حان موعد اجتماع التحرير الصباحي فكان أول الواصلين اليه ، ليعود الى الاجتماع المسائي في مكتب الزميل ساطع نورالدين لاختيار مواد الصفحة الأولى مع الزميل فيصل سلمان والزميل الراحل جوزف سماحة .

هذا غيض من فيض تجربة تعاقب عليها كبار الكتّاب والصحافيين اللبنانيين والعرب الذين تركوا بصمات لا تُنسى في تاريخ المهنة الحديث . كانت "السفير" نقطة جذب لكل هؤلاء ومصنعاً لأجيال جديدة من الصحافيين ، تماماً كما كان رئيس التحرير نقطة الإرتكاز لهذه المدرسة .

هموم فلسطين والعرب لم تُطفئ فيه حب الحياة . كما لم يمنعه لقاء طويل مع رئيس عربي من أن يختم يومه بسهرة "شمسطارية" في مزرعته الأحب الى قلبه ، بحضور ضيفين دائمين لا يفارقانه : عبد الكريم الشعار وفرقة الصلح للدبكة .

مع طلال سلمان بكيت مرتين : الأولى يوم قدمت له استقالتي من الجريدة ، والثانية يوم قرأت خبر رحيله .

طالما افتخرت بأنني تعلّمت "سرّ المهنة " على يديه .. وسأبقى .

وكلنا "على الطريق"..

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 آب 2023 12:44